أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - زين اليوسف - أستار الكعبة














المزيد.....

أستار الكعبة


زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)


الحوار المتمدن-العدد: 4649 - 2014 / 12 / 1 - 11:07
المحور: كتابات ساخرة
    


قبل عدة أيام كنت أشاهد التلفاز و مررت عرضاً على إحدى القنوات الدينية و التي كانت تبث مشاهد مباشرة من مدينة مكة المكرمة و تحديداً من المسجد الحرام..كانت الأمطار في ذلك المشهد تنهمر بغزارةٍ على ساحة الحرم المكي مما منح المشهد روحانيةً جميلة..و لكن للأسف الشديد تم إفساد جمال ذلك المشهد و اندماجي به بمشهدٍ يستنسخ أمام ناظريَّ أيام قبيلة قريش المجيدة!!.

فقد كان هناك جمعٌ من المعتمرين الذين يطوفون حول الكعبة المشرفة و الذين بدأوا بالتفرق راكضين بحثاً عما يقيهم بلل المطر عندما اشتدت غزارته..في ذات الوقت كان هناك من يبدو أنهم لا يبالون بالمطر بتاتاً ليس لإيمانهم بأن المطر لا يلوثنا بل يغسلنا فلا يستحق أن نفر منه هاربين كما تفعل الأغلبية بل لأنهم كانوا يتشبثون بأستار الكعبة بأيدٍ تحتضن تلك الأستار المبللة أطرافها بدموعهم كما بتلك القطرات المنهمرة بغزارة من السحاب الذي يعلوهم.

كان معظمهم يتشبث بها بطريقةٍ يائسة..البعض كان يفعلها و كأنه يبحث عمن يختبئ تحت ذلك الرداء الأسود ليجيبه عن حيرته كما عن تساؤلاته..و البعض كان يُقبِّل تلك الستارة التي تعتصرها أنامله و كأنه يقبل ملكاً ليستعطفه ليُبقي على حياته..و البعض الآخر كان يمسكها بأنامله الغاضبة و يصرخ و كأنه يعتقد بربه صمماً يجعله عاجزاً عن الإصغاء إليه لو تحدث إليه هامساً!!..شعرت بالحزن عندما شاهدت هذا المنظر خاصةً أن الموسيقى التصويرية التي كنت أصغي إليها في تلك اللحظة هي أغنية هبة القواس "أسرى بقلبي" فقط لتكتمل المؤثرات الحسية لهذا المشهد الحزين..لماذا حزين؟؟..لأنه يعكس حالة عجز إنساني ينوء تحت ثقلها الإنسان منذ بدأ الخليقة..حالة عجز عن التواصل مع الإله يشعر بها الشخص الذي يعتنق دين ما ربما أكثر من سواه الذي لا يفعل.

كنت أشاهد هذا المشهد و أتساءل هل يعتقد المسلم أن أستار الكعبة هي أطراف رداء الرب؟؟..هل يؤمن أنه عندما يتمسك به بتلك الطريقة و يشده ناحيته بكل يأس -كما بكل عنف- فإن الرب سيلتفت إليه منتبهاً و مدركاً لوجوده؟؟..هل نميل إلى ممارسة الوثنية كبشر؟؟..هل انقطاع تواصلنا الروحي بالرب يجبرنا على إيجاد تجسيدٍ مادي له لنشعر بقربنا منه؟؟..الأصنام التي كانت تُعبد في قبيلة قريش كانت تجسيد بسيط لذلك اليأس و العجز عن التواصل مع الخالق الافتراضي..مثلها مثل المقامات الدينية التي تنتشر في العالم الإسلامي بأكمله و التي تختلف المذاهب الإسلامية فيما بينها حول مدى شرعيتها الدينية من عدمها.

قد يعتقد البعض أن تلك الأصنام الحديثة -أي المزارات الدينية أو ما هو على شاكلتها- هي نتاج مذاهب دينية معينة كالمذاهب المتفرعة أو المنحدرة من شجرة المذهب الشيعي و لكن الواقع الملموس من حولنا يعكس غير ذلك..فنجد أن حتى المذهب السني و ما ينحدر منه من مذاهب متشددة تمارس جميعها ذات الوثنية..و لعلي الآن سأقابل من سيصرخ محتجاً على قولي هذا قائلاً بأن مذهب أهل السنة و الجماعة لا يؤيد هذه الممارسات..و حينها سأرد عليه قائلةً أن الصمت على أمرٍ ما يحدث بشكلٍ علني و بتكراريةٍ يومية مستمرة هو موافقة ضمنية على ذلك الأمر إن لم يكن تشجيعاً له..و لعل أصغر مؤشر على ذلك التشجيع و الموافقة الضمنية هو محاربة أي شخص يحاول مهاجمة صحة تلك الممارسات بحجة أنه يقوم بازدراء رمزٍ من رموز الدين الإسلامي!!.

الكعبة المشرفة رمزٌ إسلامي يُحترم -كأي رمزٍ ديني آخر- و لكنها مع الوقت تحولت في حقيقتها من نتاج قصةٍ دينية كانت تريد أن توصل إلى المسلمين -كما إلى سواهم من المُتلقين لها- مغزى معين إلى رمزٍ وثني آخر..رمزٌ يتم ترسيخ قدسيته عن طريق عشرات القصص الدينية التي تم -و يتم- تلقينها لأجيالٍ بأكملها..قصصٌ تروي لنا كيف تحققت غايات مستحيلة لأي إنسان فقط لأنه تقرب من الكعبة بضع سنتيمتراتٍ إضافية أو قبَّل حجر يقبع في ركنها بحماسٍ عاطفي أو حتى تمسك بأستارها بعنفٍ تفوق فيه على من هم حوله.

مطر..بكاء..أيدٍ متشبثة بأطراف ثوبٍ يُعتقد أن الرب يرتديه و هو جالس متوارٍ عن أعيننا فوق عرشه..كلها معالم لوثنيةٍ جاء الدين الإسلامي ليبطلها -ظاهرياً- فقط ليقوم أتباعه بممارستها تحت ستاره هو و دون غيره من الأديان أو المعتقدات الروحية الأخرى التي يعتبرها ذلك الدين باطلة..و لا أعلم حقاً ما كانت غاية النبي الكريم محمد من تحطيم الأصنام المتعددة قديماً إن كان المسلمون سيصنعون صنمهم الخاص بهم حديثاً؟؟..فهل حقاً كانت الغاية من تحطيم الأصنام هي عبادة رب واحد أم أنها كانت ليكون هناك صنمٌ واحد فقط يتم التوجه نحوه من قبل المسلمين أجمعين؟؟.



#زين_اليوسف (هاشتاغ)       Zeina_Al-omar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رجل الكهف
- قصة اغتيال نمطية
- هلوساتٌ في حوض ماءٍ ساخن
- القطعة الناقصة
- سيارة للدعارة
- خطأ إملائي
- -سيلفي- إسلامي
- اعتراف
- تصويت
- صداع الجمعة
- على الكنبة
- حج مسعور
- محمد بين الأقدام
- أوجاعٌ جنسية
- لوط
- فتاة سيئة السمعة
- عصا موسى
- مكتبٌ حكومي
- أسد السنة
- حفل تخرج


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - زين اليوسف - أستار الكعبة