أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زين اليوسف - وُلِدوا من العدم!!















المزيد.....

وُلِدوا من العدم!!


زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)


الحوار المتمدن-العدد: 4688 - 2015 / 1 / 11 - 21:39
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أن تُشاهد من يمسك سكيناً ليذبح شخصاً ما بسبب هويته الدينية لم يعد حالياً من الأمور الغير مألوفة لدينا بل لعله أصبح من الاعتيادي أن تتلوث أرواحنا -كما أبصارنا- بتلك المشاهد الدموية التي يحرص أبطالها على توثيقها مع الكثير من الفخر السادي..و لكن ما بتُّ أجده غير مألوفٍ حالياً هو أن يتساءل أي شخص من أين أتى هؤلاء الذين يتفاخرون بذبح الآخرين!!..ذلك التساؤل الذي تختلط فيه الدهشة بالاستنكار مع كثيرٍ من النسيان بأن هؤلاء هم نتاج ثقافة الإقصاء التي انتهجها أغلب المسلمون تجاه الآخرين منذ قرونٍ مضت..فتلك الثقافة الإقصائية ليست بالطفرة "الفكرية" التي ظهرت فجأة في المجتمعات الإسلامية.

و لكن فلنترك تلك المشاهد الدموية المعاصرة لبعض الوقت و لنمتطي آلة الزمن لنبحث عن أجداد "هؤلاء" لنتمكن من التعرف على المنبع الذي حصلوا منه على خلفيتهم الدينية تلك و التي منحتهم ذلك الإيمان المرعب بأنهم يمتلكون أفضلية إنسانية دون الآخرين..نعم فلنتوقف بآلتنا هنا بالضبط..إنه العام 627 م العام الذي حدثت فيه أول مجزرة جماعية تجاه اليهود..الأسباب المُعلنة لهذه المجزرة كانت أن يهود بني قريظة قاموا بنقض اتفاقهم مع الرسول الكريم و التآمر على خيانته و هو واقع مع المسلمين تحت الحصار الذي فرضته عليهم قبيلة قريش..نعم أتفق تماماً مع الذين يؤمنون أن القتل أحياناً قد يكون ضرورة و في أوقات الحروب من الصعب أن تجد من يحمل ذلك الكم الهائل من التسامح الروحي تجاه الخونة.

و لكن و بالرغم من عدم رغبتي في التعاطف مع من يرتكب الخيانة في أوقات الحروب إلا أني أجد أن الآية الكريمة "وَ لَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخرى" لا تكف عن الوثب أمام عقلي لتصيبني بالحيرة!!..فكيف تم قتل ما يُقارب الـ 900 شخص بسبب خيانة خطط لها البعض منهم!!..و ما ذنب الأطفال و النساء ليتم ترحيلهم من حياة الحرية إلى حياة العبودية و التي يبررها أغلب المسلمين بقولهم أنها كانت عقوبة "أهون" عليهم من القتل!!..و ما ذنبنا نحن كأجيال تم تلقينها تلك الوحشية بل و إجبارها على الإيمان بأنها كانت من المفاهيم العبقرية التي أنتجها لنا دين الرحمة!!.

من المدهش أيضاً أنك ستجد بعضاً من علماء المسلمين يردون على من يستنكر بشاعة تلك المجزرة بأن في كتب اليهود و النصارى التاريخية أو حتى الدينية ذكر لحوادث مماثلة قام اليهود -كما النصارى- فيها بالتنكيل بأعدائهم بطريقةٍ وحشية..هكذا نجد أن المسلم يمتلك طريقةً غريبة في تبرير جرائمه تلك الطريقة تدور حول مفهوم "الآخرون أيضاً كانوا مجرمين" أي أنه يتعامل مع الخطايا ليس من منطلق تجنبها بل من منطلق وقوعها من الجميع فلماذا نلومه هو دون سواه عليها حتى و لو كان قد تمادى قليلاً في ارتكابها!!..و لكنك بالطبع لو فكرت في الحديث معه عن الأفضلية الدينية بينه و بين الآخرين ستجده يتشدق بامتلاكه لها بكل ثقة!!.

و لكني -و لأمنح نفسي بعض المصداقية التي أتوق إليها- بحثت عن أصل رواية "شرعنَّة" قتل الآخرين تلك و وجدت أنه من جهةٍ أخرى كان هناك عدة علماء مسلمين نفوا وقوع تلك المجزرة بتلك الكيفية لعدم توافق مساحة المكان الذي ذُكر أنه تم فيه قتل ذلك العدد الكبير مع مساحة المكان الذي ذُكر أنه تم تخصيصه لدفنهم..الروايات التاريخية مُتضاربة حول تلك المجزرة و قد تكون تلك الروايات حقيقة و قد لا تكون كذلك..و لكن المدافعين عن مصداقيتها لا يكترثون لأمر المصداقية كثيراً بقدر اكتراثهم لوجود نهجٍ ديني -و لو وهمي- يستندون عليه مبررين عندما يُقدمون على قتل الآخرين..فهكذا ستشعر ضمائرهم بالراحة لإيمانهم أنهم حينها يتبعون خطوات رسولهم لا الشيطان.

ترغب بمثالٍ آخر على وجود الوحشية في التراث الإسلامي؟؟..حسناً أحدهم كان يتحدث أمامي فخوراً عن أن قطع اليد ما هو إلا حدٌ شرعي سيجعل معدلات السرقة تنخفض بشكلٍ كبير في المجتمعات الإسلامية التي ستقوم بتطبيقه..لم أحدثه عن الدول الإسكندنافية التي تنخفض فيها معدلات الجريمة بشكلٍ مرعب و تنعدم السرقة فيها دون يدٍ تُبتر لأني شعرت حينها بعبثية الحوار معه..و لكني لاحظت أنه كان يتحدث بحماسٍ عن قطع الأيدي متناسياً في ذات الوقت أني بقطع يد أي إنسان -خاصةً يده اليُمنى- فأنا أحكم على حياته في العالم العربي بالانتهاء..فإذا كانت الأرصفة تكتظ بالعاطلين عن العمل رغم امتلاكهم لجميع أطرافهم الأربعة فماذا سيكون مصير صاحب اليد الواحدة!!.

هناك أحاديث كثيرة تدور فكرة معظمها حول أن الرب لا يحب أن يقوم بإعلان خطايا عباده "المسلمين" على الملأ..و أن جميع خطاياهم في المساء لا يتم نشرها في جرائد اليوم التالي الصباحية..و لكن عند رؤية أي إنسان بيدٍ يُمنى مبتورة ستخمن الأغلبية أن سبب فقدانه لها هو السرقة مما سيمنحه وصمة عار لن تفارقه طالما أنه يعيش في هذه المجتمعات "الفاضلة" التي تمتهن رجم الآخرين و هم أحياء بسبب خطاياهم..هكذا سنجد أنه بسبب هذا الحد الوحشي تم فعلياً تحطيم إنسان بشكلٍ متقن و ربما للأبد..فبالإضافة إلى الإعاقة الجسدية فقد أصبحت لديه سمعة سيئة ستظل تلاحقه لتفسد عليه أي فرصة تلوح أمامه لتحسين حياته و لو قليلاً..فماذا نتوقع أنه سيصبح عليه بعد أن نُحدث له كل هذا الضرر الجسدي كما النفسي!!..هل نتوقع أن يصبح فجأة و بشكلٍ درامي فرداً فاعلاً في المجتمع!!.

التراث الإسلامي الذي يتم تلقينه لأطفالنا يمتلئ بالوحشية هذه مشكلة لا يمكن إنكار وجودها و لكن الكارثة أن هناك نوعٌ من الاستمتاع بتلك الوحشية لا يمكن أن تخطئه الروح..ذلك الاستمتاع يمكنك أن تشعر به في ثنايا كلمات تلك الكتب الدينية -كما التاريخية- عند حديثها عن تلك المجازر..ذلك الاستمتاع بالوحشية ستجد بذرته قد غُرست في أرواح أغلب المسلمين و يمكنك أن تلاحظ علامات وجود تلك البذرة من خلال أمورٍ صغيرة من حولنا كمسارعة المسلمين للاحتشاد لمتابعة جلد إنسانٍ آخر بمتعةٍ تظهر بوضوح في أعينهم كلما أصغوا إلى صرخات ألمه.

و بعد هذا التراث الديني المتخم بالوحشية و الذي نتقلب فيه ليل نهار ألم يحن الوقت لكي يتم تنقيح هذا التراث و لو "إنسانياً" على الأقل؟؟..لا أجرؤ على الحلم بأن هذا الأمر سيتحقق يوماً ما أو قريباً على الأقل..و من المضحك كيف أنه بعد كل حادثةٍ دموية يزفها إلينا الإعلام ما زال البعض يتساءل من أين أتى مُرتكبوها!!..أتعلمين لو صادفتِ من يسألكِ هذا السؤال لا تغضبي و أخبريه إنهم وُلِدوا من العدم!!.



#زين_اليوسف (هاشتاغ)       Zeina_Al-omar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كل عام و أنتِ قُبلتي
- اللعنة على اليهود
- تفاصيل من الماضي التعس
- إجماع
- نقاب
- إذن بالسفر
- و ثالثهم الله
- أستار الكعبة
- رجل الكهف
- قصة اغتيال نمطية
- هلوساتٌ في حوض ماءٍ ساخن
- القطعة الناقصة
- سيارة للدعارة
- خطأ إملائي
- -سيلفي- إسلامي
- اعتراف
- تصويت
- صداع الجمعة
- على الكنبة
- حج مسعور


المزيد.....




- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زين اليوسف - وُلِدوا من العدم!!