أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - بجماليون بين البغدادي ومورتون














المزيد.....

بجماليون بين البغدادي ومورتون


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4715 - 2015 / 2 / 9 - 13:30
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تقول الحكايةُ إن "بِجماليون" كان نحّاتًا موهوبًا؛ نحتَ تمثالا لامرأة فائقة الحسن أسماها "جالاتيا". ورقّت الإلهةُ "ڤ-;---;--ينوس" على وحدته؛ فنفخت الروحَ في التمثال فغدا امرأة من لحم ودم، إلى آخر الأسطورة الإغريقية الشهيرة.
الآن اشحذْ خيالك وتصوّر أنك بجماليون. تخيّل أنك أتيتَ ببعض الصلصال وشكلته على هيئة بشر وحيوانات وطير ونبات. وفجأة دبّت الروحُ في تماثيلك فراحت تتعامل وتتفاعل وتعيش بكامل إرادتها؛ وأنت تراقبُها في صمت.
تماثيلُك الصغيرة تحبّك وتدين لك بالولاء لأنك صانعها، كلٌّ عبر لغته الخاصة وأسلوب إدراكه لك. الطيورُ تزقزقُ لك، والزهور تشرئبُ بأعناقها نحوك، والبشرُ يتغنّون باسمك. وضمن كل هذا لاحظتَ أن هناك رجلا من رعيتك هجر العالمَ ودخل معمله وعكف على كتبه ومراجعه وقواريره ليخترع شيئًا. بعد سنوات خرج على الناس مُعلنًا انتاج مادة تُزيل الألم تمامًا عن المتألمين. إلى درجة أن المريض لا يشعر بشيء لو شقوّا صدره بمنشار وأخرجوا قلبه ليخضع لعملية جراحية دقيقة ثم يُعاد إلى قفصه الصدري من جديد ويُخاطُ الجرح ويُشفى المريض. هذه المادة سيطلقون عليها Anaesthetic "البنج" وهذا العالِم اسمه وليم مورتون. وخلال هذه السنوات التي قضاها مورتون في معمله، كان هناك رجل آخر يُقطّع رقاب تماثيلك التي صارت بشرًا، ويعلق جماجمها على أسوار المدينة، ويحرق الأحياء ويسحقهم بالبولدوزر ويختطف النساء ليغتصبهنّ ويرجمهن أحياء ويحرق الزرع ويخنق الطير ويلوث الهواء برائحة البارود والنار والرصاص، وصرخات الضحايا والثكالى.
السفاحُ القاتل اسمه "أبو بكر البغدادي" يفعل كل ما يفعل وهو ينادي باسمك؛ ويزعم للناس أنكَ أنت الذي أمرته بفعل كل هذا. وكثير من مخلوقاتك الطيبة يصدقونه، حتى حين زعم أن المخترع الذي رحم الناس من الألم يكرهك ويسير عكس ما أمرتَ أنت. فتكاثرَ البسطاءُ عليه وذبحوه وذهبوا إلى معمله وأحرقوه بما فيه.
أنت عادلُ ورحيم وتحبُّ كل ما صنعت يداك. لكنك تكره القتل والبغض وتعذيب تماثيلك وإشاعة الفوضى في هذ النظام الدقيق المحترم الذي شيّدته ليُعمّر ويبني ويتحابّ. وأنت رجلٌ متحضّرٌ منحتَ تماثيلك حرية الاختيار بين النّجدين. نجْدُ السلم والبناء والعلم، ونجد القتل والحرق والهدم. لكن المشكلة الآن أن تماثيلك البريئة يظنون أنك السبب في كل ما يحدث من دماء وأشلاء وويل. وحين يخرج منهم عاقلٌ رشيدٌ يحاول تبرئة ساحتك وإدانة المخطئ، يرمونه بكراهيتك وبأنه عدوك ويحاولون قتله، فيلجأ بقيةُ العقلاء للصمت خوفًا على حياتهم.
الآن اُتركْ مقعدَ بجماليون واخرجْ من الأسطورة وانضمّ إلينا نحن التماثيل البشرية وأخبرنا ما موقفك من السفاح والمخترع. مَن فيهما مفيدٌ للتماثيل، ومَن عبءٌ على السماء والأرض؟ وكلاهما يزعم أنه يؤدي دورَه، باسم بجماليون.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قلمي أمام سوطك
- ثوبُ عُرسٍ لا يكتمل
- إن كنتَ إنسانًا، اندهشْ
- لحيةُ الشيخ
- في انتظار رد الأزهر الشريف
- دواءٌ اسمُه القراءة
- في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2015 | الجمهورُ هو البطل
- هل نتحدث إلى الله؟
- معرض الكتاب.... ومحاكمتي
- تنّورة ميم
- مصرُ تُقبّل جبينَ السعودية
- الملك عبد الله، مصرُ تُطوّبك
- النملة أنس
- قطراتٌ من محبرتي في -الثورة الأم-
- مطلوب ألف مارتن لوثر
- محاكمتي في قضية رأي تتزامن مع معرض الكتاب والرأي
- رسالةُ حبٍّ ستخطئ طريقَها!
- رسالةُ حبٍّ ستخطئ طريقَها!
- فاتن حمامة، احملي هذه الرسالة
- يا معشر الثيران، متى يشبعُ الأسدُ؟!


المزيد.....




- فوق السلطة: شيخ عقل يخطئ في القرآن بينما تؤذن مسيحية لبنانية ...
- شيخ الأزهر يدين العدوان على إيران ويحذر من مؤامرة نشر الفوضى ...
- مسيرة مليونية في السبعين باليمن للتضامن مع غزة والجمهورية ال ...
- إسرائيل تعرقل صلاة الجمعة بالأقصى وتمنعها في المسجد الإبراهي ...
- أوقاف الخليل: إسرائيل تمنع الصلاة بالمسجد الإبراهيمي لليوم ا ...
- من -مشروع أجاكس- إلى -الثورة الإسلامية-.. نظرة على جهود أمري ...
- قائد الثورة الاسلامية: العدو الصهيوني يُعاقب.. انه يُعاقب ال ...
- الشرطة الأمريكية تحقق في تهديدات ضد مرشح مسلم لرئاسة بلدية ن ...
- بابا الفاتيكان يحث قادة العالم على السعي لتحقيق السلام بـ-أي ...
- مرجعية العراق الدينية تدعو لوقف الحرب


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - بجماليون بين البغدادي ومورتون