أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2015 | الجمهورُ هو البطل














المزيد.....

في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2015 | الجمهورُ هو البطل


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4707 - 2015 / 2 / 1 - 16:22
المحور: المجتمع المدني
    


الجمهورُ هو البطل

في زمن الأخوان بمصر (يونيو 2012- يونيو 2013)، كانت السماءُ مغبّرةً مكفهرّةً بالصُّفرة في نهارها، سوداءَ حالكةً بلا قمر ولا نجوم في ليلها، والوجوه.... كابية. كان الهواءُ خانقًا مشبّعًا برذاذ الدسائس والخيانات والأكاذيب، والأطفالُ... لا يلعبون. كانت الأشجارُ تأبى أن تورق، والبراعمُ ترفضُ أن تتفتحَ زهورًا، والزهورُ.... لا ترقصُ على أغصانها. اختفتْ من لوحة مصر مشاهِدُ فاتناتٌ ظلت على مدى التاريخ تحيّرُ الشعراءَ كيف يصورونها في قصائدهم، وكان الرسامون يعيشون أعمارَهم بحثًا عن ريشة ترسمها. مشهدُ: "يدٌ في يدٍ في لحظة حبٍّ"، "يدٌ تمتدُّ لتصافحَ يدًا"، "يدٌّ تحمل وردةً ليدٍ تنتظر الوردةَ”. وأنّى يكون الحبُّ؛ والأحبةُ حزانى والعشاقُ منهزمون؟! كانت الصبايا كسيراتٍ، والشباب فاقدَ الرجاء في الغد. وكان العجائزُ يشكرون الله أن أيامَهم القادمةَ أقلُّ عددًا من تلك التي مضت. وأن ما سيشهدون من حكم الإخوان، أقلُّ مما سيشهد سواهم من الكهولُ والرجالُ والفتيان والأطفال. العجائزُ محظوظون لأنهم أوشكوا على الرحيل عن الدنيا، وعن مصر حبيبتهم. ولن يتبقى لهم إلا أن يُلوّحوا لتلك الحبيبة الحزينة تلويحةَ الوداع وهم يدعون اللهَ أن يزيح عنها هذا البلاء العظيم.
في ذلك العام المُرّ، الذي حكم فيه الإخوان مصرَ، وفي مثل هذه الأيام، يناير 2013، حيث معرض القاهرة الدولي للكتاب يزور مصر، كتبتُ في أحد أعمدتي الصحفية ما يلي:

[ها أنا في معرض الكتاب. الفضاءُ الآسرُ الأثير. فأين الناس؟! أين الزحامُ الحاشد الذي اعتدنا عليه؟ ولماذا تكسو وجوهَ المصريين تلك السحابةُ الغائمة من الحَزَن؟ هل هم، مثلي، حزانى لأنهم يزورون معرض الكتاب دون أمهاتهم، اللواتي غيبهنَّ الموتُ؟ أم تُراهم حزانى، مثلي أيضًا، على أمٍّ أكبرَ من كلِّ الأمهات، توشكُ أن تموت؟ أكاد أقرأ في عيون الناس أنهم يبحثون عن مصرَ التي يعرفونها، فلا يجدون إلا جسدًا مهزومًا مهزولا يكاد يُسلِم الروح! هل تموت البلدانُ كما تموت الأمهات؟ حتى وإن كانت البلدانُ تموت، فهل تموت أمُّ البلاد وأمُّ الدنيا؟ فليمُتْ كلُّ من يرومُ لها الموتَ، ولتحيا مصر.]

فماذا عن حال معرض الكتاب هذا العام 2015 في مصر؟! إن حكيتُ لك عزيزي القارئ، فسيظلُّ الكلامُ كلامًا، لا تقوم له قائمةٌ إلا بالمشاهدة البصرية والرؤية رأي العين. لابد أن تذهب بنفسك إلى أرض المعارض التي كأنها شبهُ جزيرة محاطة شوارع ثلاثة: شارع صلاح سالم، شارع الفنجري، شارع إستاد القاهرة الرياضي؛ لكي ترى مشهدًا لم نعهده مع الكتاب والثقافة، ولم نعتد رؤيته إلا في مباريات كرة القدم. طوابيرُ عملاقةٌ طويلة ممتدة على جميع شبابيك تذاكر دخول المعرض. شبابٌ وبناتٌ وآباءٌ وأمهاتٌ وجدّاتٌ وأجداد وأطفالٌ، من جميع محافظات مصر، وهديرٌ بشري يتسابق على دخول حصن الثقافة السنوي وعُرس مصر التنويري الذي يحتفل بعيده السادس والأربعين هذا العام. ورغم الدواعي الأمنية المشددة على بوابات الدخول، وعمليات التفتيش الذاتي المملة والعسِرة لكل زائر، ورغم الصعوبات الأمنية المكثفة بسبب الإرهاب الإخواني المجرم، لم يضجر الزوارُ من طول الوقوف على شبابيك التذاكر وبوابات الدخول، ولم يتمردوا على عمليات التفتيش الدقيقة لكل حقيبة وكل جيب، وكل مُتعلق في حوزة كل يد. بل رحّب روادُّ المعرض بالتشديدات الأمنية التي لم يعتادوها في كل الأعوام السابقة، وهدرت إلى حرم المعرض حشودٌ بشريةٌ غير مسبوقة في السنوات العشر الماضية على الأقل.
هذا العُرس المدهش، كان ردًّا عمليًّا حاسمًا من شعب مصر، يكاد لسانُ حاله يقول: مصرُ متمسكةٌ بالثقافة، في وجه أعداء الثقافة. من داخل المعرض الصورة أكثرُ فتنة. على مساحة 400 ألف متر مربع، بوسعك أن تشاهد الشباب والصبايا يحمل واحدُهم وواحدتهم حقيبة بلاستيكية ملأى بالكتب اشتروها من هذه الدار أو تلك. وداخل كل قاعة ندوات، تجد المقاعد مشغولة بالجمهور. وفوق كل وجه ابتسامةٌ طافرةٌ تكادُ تقول: مصرُ عادت شمسُكِ الذهبُ. وداخل كل رأس تكاد تقرأ عناوين الكتب التي ينتوي صاحبُها أن يشتريها اليوم.
فماذا لو أضفنا إلى ما سبق من بهاء، معلومة صغيرة تقول إن معرض هذا العام مقامٌ على شرف قامة إسلامية تنويرية هائلة بحجم: "الإمام محمد عبده"؟ وهو مَن هو. الفقيه الأكبرُ والعالم الإسلامي التنويري الخالد. أحدُ أهم وأكبر دُعاة التجديد الديني في العصر الحديث. تلميذ جمال الدين الأفغاني، الذي شاركه في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين في إنشاء حركة فكرية إسلامية تجديدية تصبو نحو القضاء على الجمود الفكري والرجعية الحضارية وإعادة إحياء واقع الأمة الإسلامية على نحو عصري يواكب اللحظة الحداثية الراهنة.
هنا أصبحت رسالةُ الشعب المصريّ مزدوجة وحاسمة. الشعبُ متمسكٌ بالثقافة، الشعب متمسكٌ بالتنوير.
في كافة اللقاء التليفزيونية التي أُجريت معي طوال الأيام الماضية في معرض القاهرة الدولي للكتاب، كان السؤالُ الأشهر الموجه لي يتراوح بين: "ما هو الكتاب البطل من بين الكتب المطروحة في المعرض؟" أو "ما هي الندوة البطل من بين الندوات في معرض العام؟"
وكانت إجابتي دائمًا: “الجمهورُ هو بطلُ هذا العام في معرض الكتاب.”
شكرًا أيها الشعب المحترم الذي يصرُّ على نهضة مصر الحقّة وعودتها إلى مجدها الغائب. ونهضات الأمم لا تبدأ ولا تنتهي إلا بالثقافة والتنوير واحترام الكتاب وتوقير العلم.
يا مصرُ الطيبة، اطمئني واهنئي بالا وانفضي عنك أحزانَك التي جرحناكِ بها. أطفالُك وبني رَحِمك يُعدّون الرحال من أجل لعودة بك إلى عصور مجدك القديم، نحو النور والحضارة والعلم.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل نتحدث إلى الله؟
- معرض الكتاب.... ومحاكمتي
- تنّورة ميم
- مصرُ تُقبّل جبينَ السعودية
- الملك عبد الله، مصرُ تُطوّبك
- النملة أنس
- قطراتٌ من محبرتي في -الثورة الأم-
- مطلوب ألف مارتن لوثر
- محاكمتي في قضية رأي تتزامن مع معرض الكتاب والرأي
- رسالةُ حبٍّ ستخطئ طريقَها!
- رسالةُ حبٍّ ستخطئ طريقَها!
- فاتن حمامة، احملي هذه الرسالة
- يا معشر الثيران، متى يشبعُ الأسدُ؟!
- الدهشة
- انظر خلفك دون غضب (2)
- (تحيّة للمناضلة المصريّة فاطمة ناعُوت)
- اسمُها -حسناء-
- شكرًا لطبق السوشي
- نُعلنُ التنويرَ عليكم
- انظر خلفك دون غضب - 1 -


المزيد.....




- کنعاني: لا يتمتع المسؤولون الأميركان بكفاءة أخلاقية للتعليق ...
- المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة: روسيا في طليعة الدول الساع ...
- مقر حقوق الإنسان في ايران يدين سلوك أمريكا المنافق
- -غير قابلة للحياة-.. الأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد ت ...
- الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس ...
- مكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان: مقتل ما لا يقل عن 43 في ال ...
- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2015 | الجمهورُ هو البطل