أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - قطراتٌ من محبرتي في -الثورة الأم-















المزيد.....

قطراتٌ من محبرتي في -الثورة الأم-


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4700 - 2015 / 1 / 25 - 16:49
المحور: المجتمع المدني
    


لأنها حسناءُ ساحرةٌ، كانت مطمعًا للصوص والمرتزقة، مثلما كانت فتاةَ حلم الشرفاء والأطهار وأبناء الناس. تنازعها أولئك وهؤلاء. تقاتلوا من أجلها وسفحوا الدماء ونثروا الويل على جنباتها والشوكَ في حقولها. وكما في الأفلام الحُلمية، ينتصرُ الشرُّ في أول الفيلم، ثم يأتي البطلُ ويُنهي الحدوتة برجولته وجسارته. هكذا كانت حسناءُ مصرَ التي وُلدت عام 2011، وغدت في غضون شهور قليلة صبيّة يافعة، يتنازعها الخُطابُ النبلاء، والأشرارُ الطامعون. اختطفها اللصوصُ برهةً وخبأوها في كهوفهم، وكانت تستصرخُنا لكي نهبَّ إليها ونفكَّ أسرَها ونُعيدها إلى أحبتها الحقيقيين؛ لكننا تأخرنا عليها حتى أنقذناها. مجّدها كثيرون وأقسموا على طهارتها، وأهانها كثيرون وقالوا فيها حديث الإفك ولاكوا عرضَها وسفكوا دماءها. سقط على بابها عشّاقٌ كثيرون، وشهداءُ أطهارٌ قضوا نحبَهم عند قدميها. قلنا إنها ثورة وانتفاضة شعب صبر طويلا حتى عيل صبرُه، وقال غيرُنا بل مؤامرةٌ ومكيدة وخطّة عالمية لتقويض أمّة. وكنتُ ومازلتُ أقول: مادمتُ أنا وغيري شاركنا فيها ببراءة ووطنية وإيمان حقيقي بحتميتها، فهي ثورةٌ لا شكّ فيها. وإن كان ثمة مَن استغلني واستغلّكَ واستغلّنا من أجل مطامعه الخاصة، فيكون هو اللصُّ الأشر، وتبقى هي نقيةً كما شاهدتُها وعرفُتها وشاركتُ فيها بعدما حلمتُ بها عقودًا وسنين عددًا.
اليوم 25 يناير 2015، أربع سنوات طوال مرّت عسرة منذ أشعلنا ثورتنا عام 2011. أتذكّرُ الآن ما كتبتُه خلال أيامها الثمانية عشر من عشرات مقالات، فأبتسمُ حينًا، وتدمعُ عيني حينًا.
يوم الثلاثاء 25 يناير 2011، كان مقالي بجريدة "اليوم السابع" في عيد الشرطة حول فاشية وزير الداخلية آنذاك "حبيب العادلي" في مقال بعنوان:"الشرطة في خدمة مَن؟". قلتُ فيه: “لماذا تنفذ الشرطةُ القانونَ بكل حسم على البسطاء، و"المنبوذين" من قِبل النظام، وتغضُّ الطرفَ إن تعلق الأمر بالميسورين وأصحاب النفوذ؟.....الشرطةُ في الدول المتحضرة هي أداةُ النظام، أي نظام، لحفظ الأمن وإرساء قواعد العدل والمساواة بين الناس أمام القانون، لكنها، من أسف، أداةُ قمع وترويع في أيدي النظم الفاشية التي تُرهِبُ الآمنين، وتلفِّق التهمَ للمعارضين والشرفاء والطامحين في حياة كريمة للناس، ومواقعَ أجملَ لأوطانهم، ومنها مصر، التي تستحق أفضل كثيرًا مما هي عليه الآن.”
وفي يوم 31 يناير 2011، جاء مقالي بجريدة "المصري اليوم" بعنوان: “جمعة الغضب الساطع"، قلت في بعضِه: “شبابُ بلادي صحا اليومَ، في يناير أيضًا، صحوته الكبرى، لينقذ مصرَ من طاغوتها. المصريُّ يصبر على الحاكم مرّة ومرّات، فإن تمادى في غِيّه ثار عليه، ثورةً ساطعةً تليق باسم مصر العريق، التي كان أبناؤها القدامى أول من نظّموا إضرابًا عماليًّا في التاريخ، بسبب انخفاض الرواتب. وراء كل شابٍّ من أولئك أمٌّ عظيمة جسورٌ ربطت على قلبها، قائلة: "اذهب يا بُنيّ الله معك!" صمد الغاضبون أيامًا، منذ الثلاثاء إلى جمعة الغضب، يصِلون الليلَ بالنهار، أبتهل لله ألا يدخلوا البيتَ إلا وقد قُضي الأمر. مطلبهم هو "التغييرُ". التغييرُ في مطلقه. والمواطنُ حين يريد تغييرًا، فلأن الواقع سيئ. سيئ جدًّا. خرج الشباب النبيلُ من شوارع مصرَ وحواريها، رغم محاولات رجال الدين من الجانبين إثناءهم عن التظاهر. أكد الشعبُ وحدتَه ضدّ العدو الحقيقي. يدًا واحدةً، طلابًا وعمالاً ومهنيين ومثقفين وفنانين وأدباء وصحفيين في ثورة بيضاء. ومع قواتنا المسلحة الباسلة، صنعوا من أجسادهم درعًا بشرية تزود عن أخطر كنوز البشرية وأثمنها، المتحف المصري، حين حاول المندسّون من الدهماء واللصوص السطو عليه، بعد إطلاقهم من السجون وفرار الشرطة. في الأيام السابقة لجمعة الغضب، غاب البرادعي عن المشهد الغاضب. لكن شباب المتظاهرين لم يعبأوا، وربما حتى لم ينتبهوا لغيابه. وهنا سرُّ عظمة هذه الانتفاضة الجسور؛ أن قوّتَها لم تُستمد من طليعة تقود، أو ريادة مركزية تُنظّم، أو حزب يعبّئ، بل مستمدةٌ، وفقط، من كتلة هذا الشباب الضخمة وحقيقية أحلامه الموءودة في عهد مبارك. غيابُ البرادعي، وكذا تباطؤ الحاكم عن توجيه كلمة للغاضبين لأكثر من تسعين ساعة من الغضب والترقّب من جانبهم، وجانب الشعب بأسره، ثم خروجه عليهم ببيان مُخيّب لكل الآمال، ذكّرني ذلك بقول الإمبراطور الأثيوبيّ هيلا سيلاسي: "عبر التاريخ، كان ثمة تراخ عن الفعل من أولئك الذين يجب أن يفعلوا؛ وثمة لا مبالاة من أولئك الذين يعلمون أكثر؛ وثمة صمتٌ لصوت العدالة حينما يتحتم وجودها، كل هذا يمهّد الطريق لانتصار الشر."
وبتاريخ 2 فبراير 2011، بنفس الجريدة كتبت مقالا عنوانه: “أشرف ثورة في تاريخ مصر" قلتُ فيه: “هل كان الرئيس مبارك يتصور أن الأطفال الذين ولدوا في عهده، وكبروا ليصبحوا شباب مصر الراهن، سيهدرون كالطوفان في مظاهرات تطالب برحيله؟ هل تهيأ ليوم كهذا؟ وهل درّب نفسَه، كرجل دولة، على الإنصات لنداء هذا الجيل واستيعاب لغته؟ أسئلة تُلحُّ على رأسي منذ ظهر الثلاثاء 25 يناير، عيد الشرطة الذي أصبح من الآن "يوم الغضب"، وحتى فجر الأحد، لحظة كتابة هذا المقال. وإجابة الأسئلة السابقة: "لا".” واختتمتُه بقولي: “أظن أنني اليوم كسبت الرهان مع السيد كرم جبر، حين أخبرته في برنامج "90 دقيقة" أن الشعب يريد التغيير، فتهكّم قائلا إن خمسين فردًا يرفضون مبارك لا يمثلون الشعب المصري، فسألته مندهشة: كيف وأنتَ عضو بالحزب الوطني ولجنة سياساته، تكون منفصلاً عن نبض الشارع، فما كان منه إلا أن شتمني على الهواء أمام ملايين المشاهدين!”
وحينما تلكأ الرئيسُ مبارك عن التنحي، كتبتُ بجريدة المصري اليوم مقالا عنوانه: “احذرْ كتاب التاريخ"، جاء فيه: “على الرئيس مبارك أن يدرك أن محكمةَ التاريخ لا تغفر، ولا تنسى. عمياءُ مثل "ماعت" ربّةِ العدل الفرعونية. لا تجاملُ السلطانَ على حساب البؤساء الذين لا سند لهم سوى أحلامهم....لن تسامحك كلُّ أمٍّ مصرية ثكلت وليدها في عهدك، ولن يسامحك التاريخ. لو قُدِّر لمصرَ أن تعرف، في مستقبل أيامها، حكومةً نزيهة، ووزير تعليم شريفًا، يؤرخ حكايةَ مصر كما حدثت، وليس كما دأبت وزاراتُ التعليم على فبركة أحداث يحشون بها رؤوس الصغار وينسبونها زورًا للتاريخ.... لو قُّدّر لمصر مثل هذا الوزير المحترم، سيتعلم الصغارُ من أبناء مصر، بعد سنوات، في كتاب الصف الرابع، أن نسرًا جويًّا جسورًا أنجز الضربة الأولى التي أتت لنا بنصر أكتوبر، بيدٍ، لكنه، باليد الأخرى، بعدما اعتلى عرشَ مصر، صنع نظامًا فاشيًّا أزهق أرواح أبنائها، بعدما جوّع آباءهم ثلاثين عامًا ورما بهم إلى حضيض الفقر والمرض، بينما أغدق على حاشيته ومنافقيه من جيب مصرَ السخيّ، ما لن تسامح مصرُ في إهداره. سيادة الرئيس، احذرْ كتابَ التاريخ.”
وحين لاحظتُ أن الأمهات والآباء بدأوا يخافون على أولادهم من النزول للميادين، كتبت بتاريخ 10 فبراير 2011، بجريدة المصري اليوم مقالا عنوانه: “لا تكونوا طابورًا خامسًا" أحثهم على الصبر قائلة: “شبابٌ ذكيّ من نخبة عقول مصر. أدركوا أن الفقير لا يحلم؛ لأنه "مفرومٌ" في مطحنة الخبز. إذا راوده الحلمُ، سارع بطرده كي يتخلص من عبئه، ليوفر طاقته لمطاردة القرش. لذلك قرر أولئك الثوار أن يحلموا نيابةً عن الفقير، والمريض، والمظلوم. حلموا بمصر بلدًا مستنيرًا ليبراليًّا ديمقراطيًّا عادلاً حرًّا. يقفُ فيه الفقيرُ أمام الثريِّ نِدّين في دولة القانون، لا يتكئ الثاني على سلطانه، ولا يخور الأول من ضعفه.”
تمهلوا قبل أن تدينوا ثورة 25 يناير 2011، التي ظلت شريفة وبريئة حتى سرقها لصوصُ الثورات. لم تكن مؤامرة طالما شاركنا فيها بنقاء ووطنية وبراءة. ولولاها ما كانت ثورة 30 يونيو 2013 التي أعادت لنا مصر. هيا نسميها باسمها الحقيقي: الثورة الأم.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مطلوب ألف مارتن لوثر
- محاكمتي في قضية رأي تتزامن مع معرض الكتاب والرأي
- رسالةُ حبٍّ ستخطئ طريقَها!
- رسالةُ حبٍّ ستخطئ طريقَها!
- فاتن حمامة، احملي هذه الرسالة
- يا معشر الثيران، متى يشبعُ الأسدُ؟!
- الدهشة
- انظر خلفك دون غضب (2)
- (تحيّة للمناضلة المصريّة فاطمة ناعُوت)
- اسمُها -حسناء-
- شكرًا لطبق السوشي
- نُعلنُ التنويرَ عليكم
- انظر خلفك دون غضب - 1 -
- حواديت ماجدة إبراهيم
- انظر خلفك دون غضب (1)
- عماد ديفيد
- صالون حجازي
- خبر مدهش: عودة الصالونات الثقافية
- حذارِ أن تصادق شربل بعيني
- يا معشر الثيران


المزيد.....




- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - قطراتٌ من محبرتي في -الثورة الأم-