أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - النملة أنس














المزيد.....

النملة أنس


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4702 - 2015 / 1 / 27 - 12:41
المحور: المجتمع المدني
    


خِلسةَ المُختلِس

[ البيتُ واسع/ واالهواءُ في بيتي/ كثيرٌ على أنفٍ واحد/ وأنا لا أخافُ الوحدةَ/ لكنني مشغولةٌ بتفقّدِ الأرواحِ التي تتناقصُ في منزلي/ رغم أنني/ لا مبيدَ لدي/ ولا في يدي عصا/ لكن الروحَ تنقصُ !/ حتى النملةُ!/ النملةُ الفارسية/ النملةُ الوادعةُ التي سميّتُها "أنس" النملةُ التي تُطِلُّ كلَّ ليلة/ من شقِّ بلاطةِ المطبخ/ لتقول لي: مساؤك سكر/ فأطعمها حبّةَ سكر/ لم تزرني منذ يومين!/ نَجمةٌ الآنَ/ تكادُ تنطفئ/ سأسدلُ الشرفةَ/ قبل أن ترجعَ في كلامها.]
النملةُ أنَـس


هل تعرفُ ماذا يحدثُ حين تدوسُ نملةً بحذائك؟ تُعلن الطبيعةُ أن روحًا نقٌصَتْ من تعداد الأرواح التي تسكنُ كوكبَ الأرض. الروحُ أمرٌ إعجازيٌّ هائل. سرٌّ الأسرار الأكبر. حتى وإن كانت روحًا لنملة أو ضفدع أو وحيد خليّة ضئيل لا تراه العيُن دون ميكروسكوب. سيصل الإنسانُ إلى تصنيع كلّ أعضاء الجسد البشري من أجل العمليات التعويضية. وقد ينجح في الوصول إلى تركيب الدم. لكنه لن يصلَ إلى سر الروح. لأنها ليست مادةً تتخلّقُ من تجميع عناصرَ كيميائيةٍ في أنابيب الاختبار، وبالتجربة والخطأ يمكن اكتشاف كُنهها وتحديد ماهيتها ثم تصنيعها. إنها سرُّ الله. وخبيئة خبيئات الطبيعة. وبالنسبة للطبيعة، روح سيادتك، الذي دهس النملة، تتساوى مع روح النملة المسكينة التي صرعها حذاؤك.
لهذا أرتعبُ جدًّا من فكرة إزهاق الروح. ورفضتُ ترخيص سلاح كما فعل الإعلاميون المهددَون مثلي من الإخوان والتكفيريين. الروحُ صُنع الله. ووحده له حقُّ استردادها. لا أتكلم عن الروح البشرية، فذاك مستوى من الروح لا يستطيع عقلي مجرد تصوّر أن أحدًا بوسعه إزهاقها! بل أتكلم عن الروح بوجه عام. تستوي عندي روح عصفور جميل مع روح ذبابة قبيحة. مع إنك لو نظرت لتلك الذبابة بحياد، بعدما تتخلص من معلوماتك السلبية عنها، لوجدتها أيضا كائنًا عبقريًّا: له أجنحة شفافة وعينان تحملان أعقد العدسات. تشريحيًّا، لا تختلف الذبابةُ (التي نمقتُها ) عن الفراشة (التي نحبُّها ونكتب فيها قصائدنا). لكننا، ونحن نحبّها، أيضًا نمارسُ عليها ساديتَنا المريضة؛ فنقتلها لنضعها بين دفتي كتاب، أو في ألبوم تصبير الفراشات! ياللسخف! ولأنني لا أحبُّ الحشرات، مثل البشر كافة، أكافحُ وجودها في بيتي بالنظافة. لأنني أعرف أنني سأهربُ من فكرة الخلاص منها بالقتل. بل ربما سأصادقها! وحدث هذا حين وجدتُ نملةً فارسية في مطبخي. فصادقتُها وأسميتُها: "أنَس" وواظبتُ على إطعامها كل يوم حبّة سكر. وحين اختفت بعد أسبوع، بكيتُها، وكتبتُ فيها قصيدة: "أسدلُ الشرفةَ كي تأتيَ":
ولهذا أيضًا، يقصُر عقلي المتواضع عن فهم فكرة الفداء والذبيحة في الطقوس الدينية. "وربنا يسامحني بقا". لا أستوعبُ أن يرتكبَ إنسانٌ ما خطيئةً ما، ثم ينجو من العقاب السماويّ بارتكابه خطيئةً أخرى (ذبح كائن بريء). لا أفهمُ حكمةَ الله في أن يعفو عن كائن مخطئ؛ حين يقدم دماءَ كائن بريء لم يخطئ! ومازلت آملُ أن ينضجَ عقلي مع الأيام ليستوعبَ ما استغلقَ عليّ حتى الآن.
دعونا من كل ما سبق وهيا نقرأ البيانَ الذي كتبته الحكومةُ الأسترالية ونشرته في كل الصحف أثناء هبوب العواصف التي ضربت أستراليا ورافقتها حرائق في الغابات.
[1- ضعوا أوعيةً من الماء أمام بيوتكم كي تشربَ الحيواناتُ الهاربة من الحرائق.
2- ضعوا طعامًا أمام بيوتكم كي تأكل تلك الحيوانات.
3- احتفظوا في سياراتكم بمناشفَ وصناديقَ من الكرتون، فإذا رأيتم حيوانًا يعاني من الحروق أو الجروح لفّوه بمنشفة وضعوه في الصندوق وخذوه إلى أقرب طبيب أو مستشفى للحيوان وستتم معالجته مجانًا.]
حين تراني السيدةُ التي تساعدني في البيت أطعم القطةَ بيدي في صبر وأنظّف الرملَ من مخلفاتها بنفسي (عشان هي بتقرف)، تندهش وتسخر قائلة: “يا بختك يا كيتي، يا ريتني كنت قطة!” فأقول لها: “أنت تتكلمين وتُفصحين عما تريدين، لكن الحيوان لا يعرف كيف يشكو، لهذا أوكلنا اللهُ لنقرأ شكواها بعيوننا.”
ولهذا تظاهر الألافُ على شواطئ أستراليا ضد قرار يسمح للصيادين بقتل أسماك القرش الكبيرة، بعد سبع هجماتٍ لأسماك القرش انتهت بقتل عدة أشخاص. هكذا يعرف المتحضرون كيف يكونوا صوتًا لمن لا صوت له. لأنكَ أنت، أيها البشري، الصوتُ الوحيد الذي يملك. فقط اعلمْ أن البعوضةَ التي تلدغك، لا تكرهك ولا تقصد إيلامك، هي فقط تريد أن تعيش. فطوبى للرحماء.

***
* من قصيدة "أسدلُ الشرفةَ حتى تأتي" | ديوان "اسمي ليس صعبًا" ا2009 | فاطمة ناعوت | دار الدار



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قطراتٌ من محبرتي في -الثورة الأم-
- مطلوب ألف مارتن لوثر
- محاكمتي في قضية رأي تتزامن مع معرض الكتاب والرأي
- رسالةُ حبٍّ ستخطئ طريقَها!
- رسالةُ حبٍّ ستخطئ طريقَها!
- فاتن حمامة، احملي هذه الرسالة
- يا معشر الثيران، متى يشبعُ الأسدُ؟!
- الدهشة
- انظر خلفك دون غضب (2)
- (تحيّة للمناضلة المصريّة فاطمة ناعُوت)
- اسمُها -حسناء-
- شكرًا لطبق السوشي
- نُعلنُ التنويرَ عليكم
- انظر خلفك دون غضب - 1 -
- حواديت ماجدة إبراهيم
- انظر خلفك دون غضب (1)
- عماد ديفيد
- صالون حجازي
- خبر مدهش: عودة الصالونات الثقافية
- حذارِ أن تصادق شربل بعيني


المزيد.....




- تقرير: عودة اللاجئين السوريين تصطدم بتحديات -بنيوية عميقة-
- بن بيه يستعرض أهمية إعلان مراكش حول حقوق الأقليات الدينية
- السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة: لم يفت الأوان بعد أمام ...
- وزيرة دنماركية تهاجم -ميتا-: تطلق الدعاية بدل حماية الأطفال ...
- الأمن السوري يقبض على قيادي عسكري سابق متهم بجرائم حرب
- اعتقال -عميل للموساد- في إيران.. فضحه -واتساب-
- الأمين العام للأمم المتحدة: اتساع رقعة الصراع الإيراني الإسر ...
- رئيس البرلمان العربي: الصمت الدولي المخزي تجاه جرائم الاحتل ...
- الأونروا تجدد التزامها بتقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين
- مقتل العشرات في غزة وحماس تؤكّد على -حق العودة- بمناسبة اليو ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - النملة أنس