المهام والأداء في العمل السياسي

صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 1309 - 2005 / 9 / 6 - 11:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

العمل السياسي ليس تلك الأشكال المبتذلة من المهام التي تضطلع بها الكيانات الحزبية في البلدان المتخلفة، أنه شكل من أشكال علم التنظيم والإدارة للشؤون الاجتماعية وما يتمخض عنه من مهام تتطلب الأداء الجيد لتحقيق النتائج المرجوة.
إن العمل السياسي هو احتراف للثقافة السياسية ويحتاج لدراسة وتحصيل وثقافة لأداء المهام بشكل علمي بما يتوافق وشروط الصراع الاجتماعي. وهذا بدوره يتطلب وجود كفاءات ونخب ثقافية تمارس العمل السياسي من خلال مؤسسات سياسية قادرة على إعداد الكادر بمختلف تخصصاته ليشكل (حكومة ظل) تتابع مهام وأداء الحكومة وقادرة على تشخيص مكامن الخطأ في برامجها ومن ثم إعداد البرامج البديلة التي تحقق مصالح المجتمع لتخوض بها حملتها الانتخابية للفوز بالسلطة السياسية.
إن المؤسسات السياسية ليست كيانات حزبية ومرتع لحثالات قاع المجتمع، فهي تتألف من نخب ثقافية وسياسية تعمل بمبدأ تحقيق المصالح بينها وبين المجتمع ولاتسعى إلى الكسب الحزبي لحثالات لاتجيد العمل السياسي وإنما تجيد أساليب العنف والقهر لفرض توجهاتها على الكيان الحزبي ذاته ومن ثم على المجتمع بالكامل. فالمثقف السياسي هو الذي يجيد العمل السياسي ويتصدى للمهام بروح المسؤولية وبحرفية عالية ويعتبرها واجباً مقدساً.
يعتقد ((داج همرشولد))"أن المهمة يجب أن تصبح واجباً من اللحظة التي تحس فيها إنك جزءاً جوهرياً منها حينها تكون مؤهلاً لأدائها".
إن حرفية العمل السياسي تعني القدرة على وضع البرامج والتخطيط الجيد وحساب الأكلاف وتحديد المدة الزمنية واختيار الكادر وتحديد نسب النجاح والفشل لإنجاز المهام. وبخلافه فإن حثالات الكيانات الحزبية تمتهن العشوائية والارتجال ولايعنيها الزمن ولا النجاح لإنجاز المهام، فكل شيء عندها يخضع للعشوائية فإن فشلت خاضت سبيلاً أخراً وبغض النظر عن حجم الخسائر وما يترتب عنها من أضرار ضد المجتمع.
وترفض أي نقد يوجه لها ولاتقبل النصيحة في الابتعاد عن العشوائية وترك المهام لأصحاب الاختصاص من الكفاءة لإنجازها، فالسياسي الحثالة لايسيء فقط للعمل السياسي وإنما يسيء للمجتمع بالكامل.
يحث ((داج همرشولد)) السياسيون قائلا:"أمتدح نقادك الذين، لايعنيهم مستواك الوظيفي".
إن المثقف السياسي يعي الصعوبات التي تواجهه في إنجاز مهامه في العمل السياسي ويلجأ لكافة الأساليب العملية التي من شأنها تجاوز الصعوبات للوصول إلى الهدف المنشود. فالمهام المتعلقة بمصالح المجتمع، لايجوز أن تخضع للقرار الفردي مهما كان الشأن الوظيفي والسياسي للمؤدي لها. فهي بحاجة لكادر كفوء ينجز عمله بإرادة وقرار جماعي لتفادي الخسائر المحتملة وتجاوز الصعوبات لإنجاز المهام.
ينصح ((داج همرشولد)) كادره في العمل قائلا:"أفعل ما باستطاعتك في إنجاز المهمة، وأنظر إلى الأمام لأن الصعوبات ستكون في انتظارك".
إن الارتقاء بالكيانات الحزبية لمستوى المؤسسات السياسية، يعني إعداد الكادر اللازم لإنجاز المهام السياسية وإقصاء كافة الأشكال المتدنية من حثالات وبرامج بالية وقيادات ديناصورية عن العمل السياسي. وتلك المهام لايمكن أن تنجز دون أن تتولى النخب السياسية والثقافية من المجتمع زمام القيادة، وليس من المجدي النظر إلى النتائج السيئة لوضع الحلول وإنما يتوجب النظر لمسبباتها لتلافي أضرارها المحتملة.
ومن أهم تلك المسببات هي تسلط حثالات قاع المجتمع على مراكز القرار السياسي، الذين يسعون لفرض توجهاتهم اللامسؤولة على كافة مؤسسات الدولة والمجتمع فتصيبها بالشلل التام. وتتحمل الكيانات الحزبية في الدول المتخلفة المسؤولية الكاملة عن وصول حثالات قاع المجتمع لمراكز القرار في الدولة لأنها تمنحها الفسحة للتسلق إلى مراكز قيادية في الكيان الحزبي ذاته ومن ثم القفز إلى هرم الدولة لإحكام قبضتها على المجتمع. ولاسبيل للخروج من هذا المأزق السياسي إلا الارتقاء بالكيانات الحزبية لمستوى مؤسسات سياسية تلفض من صفوفها حثالات قاع المجتمع.

#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات