أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صاحب الربيعي - طغيان الرأي العام














المزيد.....

طغيان الرأي العام


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 1299 - 2005 / 8 / 27 - 11:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هناك شكل من أشكال التعارض بين النخب المثقفة وسائر أفراد المجتمع لاختلاف التوجهات خاصة منها المتعلق بالأعراف والقيم الاجتماعية السلبية السائدة التي تعشعش في وجدانه ويرفض التخلي عنها ويعتبرها جزءاً من مقدساته وبالتالي فإن المساس بها يعد مساساً بذاته.
تلك الأعراف والقيم السلبية السائدة غالبا ما تفرض نمطاً محدداً من العلاقات الاجتماعية تعيق مجريات التطور والتقدم الاجتماعي وبالتالي فإنها تعرقل سُبل الإلحاق بالمجتمعات المتقدمة حضارياً. عموماً أية محاولة لتغيير نمط العلاقات والأعراف والقيم الاجتماعية السلبية السائدة يجابه بالرفض من الرأي العام، لأنه قد اعتاد خلال مسيرة حياته عليها. ويخشى التحديث بالرغم من إيجابياته، وهذا النمط من التفكير هو نوع من أنواع الرفض السلبي للأفكار والآراء التي يجهلها.
تعاني النخب المثقفة في العالم الثالث من سلبيات النظام الديمقراطي الذي يوجب إخضاع تشريعاته وقوانينه للتصويت الشعبي، فلا تلقى التأييد اللازم لها لأن غالبية المجتمع تعاني من الجهل والأمية ولاتدرك مصالحها بشكل دقيق فتخضع النخب المثقفة لطغيان الرأي العام.
يعتقد ((توفيق الحكيم))"أن تمسك الناس بالوهم الذي اعتادوا عليه لأقوى من كل حقيقية".
إن المجتمع الخاضع للأنماط السائدة ويرفض عملية التغير بسبب جهله بالمنافع التي يمكن أن يحصل عليها وقد يلجأ لاستخدام طغيانه لفرض توجهاته السائدة على نخبه المثقفة ولايتواني عن إتباع أساليب العنف والاستبداد لإخضاع الآخرين له.
إن الأنماط السائدة تفرض توجهاتها على المجتمع الجاهل وترفض سُبل الحوار والمناقشة للوصول إلى قناعة جديدة، وتعمل مراكز القوى المستفيدة من الأنماط السائدة على تحريض المجتمع على رفض الأنماط الجديدة. فهي تشكل موروثاً مقدساً في وجدان المجتمع، وتتداخل مع شوائب الموروث الديني فتصبح متشابكة ومعقدة يحذر طرحها للمناقشة والتداول تحاشياً للدخول بمواجهة مباشرة مع المجتمع الجاهل.
يرى ((جون ستيوات مل))"ينبغي حماية الفرد من الرأي العام وتوجهاته السائدة الذي يفرض إرادته وأفكاره على الأفراد الذين يرفضونها. كما ينبغي حمايته من محاولة إعاقة تطوره وبناء شخصيته التي لاتنسجم مع توجهات المجتمع التي تفرض على الأفراد تكييف نفسها مع أنماطه السائدة".
إن المثقف في المجتمعات المتخلفة يعاني من طغيان الحاكم الذي يسعى لفرض توجهاته على بالعنف والاستبداد وبذات الوقت فإنه يعاني من طغيان الرأي العام الرافض لأي تعارض مع أنماطه السائدة ولايتواني عن استخدام العنف والاستبداد ضد المعارضين له.
وغالباً ما نجد أن القوى الفعالة مضطرة لتقديم تنازلات تتعارض وقناعاتها لإرضاء المجتمع أسير قيمه وأعرافه السلبية السائدة المعيقة لعلميات التحديث والتطور. إن الوصول إلى صيغة توافقية بين النخب المثقفة والمجتمع بشأن تغيير أنماطه السلبية السائدة تقتصر على خيار واحد فقط هو بذل المزيد من الجهود لإعادة تثقيف المجتمع بأهمية وإيجابية الأنماط الجديدة والكشف عن سلبيات وأضرار الأنماط السائدة.
وهذا الخيار يصطدم بعامل الزمن وبحجم الجهود المبذولة لتغير القناعات السلبية السائدة في المجتمع، لكنه يسبب خسارات لاحصر لها وفقدان لفرص التطور والتحديث للحاق بركب الأمم المتحضرة.
يرى ((دي توكفيل))"لايكفي حماية الفرد من طغيان الحاكم، وأنما الحاجة ماسة لحمايته من طغيان الرأي العام".
إن المهام الملقاة على عاتق النخب المثقفة في المجتمعات المتخلفة كبيرة جداً فهي تخوض صراعين كبيرين على صعيد الواقع، صراع مع قوى الاستبداد وطغيان الحاكم وصراع مع طغيان التوجهات والأنماط السلبية السائدة في المجتمع. والمثقفون أمام خيارات محدودة، إما تقديم تنازلات مؤلمة للمجتمع لمواجهة الحاكم المستبد، وإما خوض الصراع على مسارين متعارضين ضد الحاكم المستبد والمجتمع وكلا الخيارين يثقل كاهل النخب المثقفة في المجتمع.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرأي الأخر
- الديمقراطية والاحتلال
- السياسة والمصالح
- كبوة الأمم
- الفكر والسلطة
- الفكر والحزب
- الحكمة والحكيم
- ماهية المعرفة
- التعدي على حقوق الآخرين
- علم الفلسفة -الهدف والغاية
- تبرير السقطات في الكيانات الحزبية
- ماهية الحق
- ماهية الخسة والحماقة
- ماهية الغيرة والحسد
- استحقاقات الانتخابات وحكومة المحاصصة
- الطاغية والثقافة
- الدولة الاستبدادية
- أنين ومعاناة هيفاء بيطار
- دوافع الود والعداء
- الشرطي الوزير


المزيد.....




- مباشر: ضربات إسرائيلية تستهدف طهران وغرب إيران
- مطرقة منتصف الليل: الضربة الأمريكية لحظة بلحظة
- لماذا اضطرت إيران إلى استخدام صاروخ خيبر ضد إسرائيل لأول مرة ...
- خبير: -إيران تُخفي النووي المخصب على الأرجح في منشآت تحت الج ...
- هل نتانياهو الفائز الأكبر من الضربة الأمريكية لإيران؟
- تضارب في تصريحات ترامب قبل الضربة لإيران وبعدها
- أبرز ردود الفعل الإيرانية بعد القصف الأميركي للمنشآت النووية ...
- أول تصريح لترامب عن إمكانية -تغيير- النظام الإيراني بعد الضر ...
- مقتل وإصابة 72 شخصاً بتفجير انتحاري بكنيسة في دمشق والداخلية ...
- مقتل 20 في تفجير انتحاري بكنيسة في دمشق


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صاحب الربيعي - طغيان الرأي العام