أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صاحب الربيعي - الديمقراطية والاحتلال















المزيد.....

الديمقراطية والاحتلال


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 1297 - 2005 / 8 / 25 - 10:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اختلف مفهوم الاحتلال في النصف الثاني من القرن الماضي عن نصفه الأول، ففي النصف الأول كان الاحتلال مباشراً وتخضع إدارة البلد للحكم المباشر والصراع بين جيش الاحتلال والشعب غالباً ما يستند إلى توجه ديني أكثر منه سياسي بالرغم من أن فكرة الاحتلال بالأساس استندت إلى مفهوم سياسي (مساعدة الشعوب على التحرر من الاستبداد العثماني) أي أن حجة الاحتلال تعكزت على التحرير.
في النصف الثاني من القرن الماضي توصل جيش الاحتلال لقناعة بعدم جدوى الحكم المباشر لبلدان وشعوب تحتكم في صراعها إلى العامل الديني. وتغير شكل الاحتلال من الحكم المباشر إلى الحكم غير المباشر عبر تنصيب حكام من أبناء البلد على شكل موظفين يأتمرون بأوامر دولة الاحتلال.
استمر هذا النهج أكثر من نصف قرن من الزمن واثبت فشله أيضاً، لأن موظفي الاحتلال من حكام وحكومات المنطقة بالرغم من نهجها الاستبدادي لم تفِ بالتزاماتها أمام رؤسائها في الدول الكبرى. وأصبح الوضع أكثر تأزماً بين شعوب المنطقة وحكامها من عملاء وموظفي أجهزة الاستخبارات في الدول الكبرى.
وللخروج من هذا المأزق والحفاظ على ما تبقى من مصالح في المنطقة، كان لابد للأسياد من تغيير موظفيها (حكام) الأكثر فساداً في المنطقة واستبدالهم بموظفين أكثر كفاءة وقدرة على التعاطي مع المتغيرات الإقليمية والدولية.
وحين رفض بعض الموظفين (الحكام) الأكثر فساداً لقرار الاستغناء عن خدماتهم مقابل منحهم تعويضات عن سنوات الخدمة (العمالة) اعتمد خيار أزاحتهم بالقوة عبر احتلال جديد يتعاطى مع متغيرات القرن الجديد (القطب الواحد) وتم الاستناد إلى نفس الحجة القديمة (تحرير الشعوب من الاستبداد) والمساعدة على إقامة أنظمة ديمقراطية بديلة!.
إن استراتيجية الاحتلال الجديد استند إلى تحييد الشعب في الصراع الدائر بينها وبين موظفيها من حكام المنطقة. خاصة بعد عمد الحكام على إخراج الصراع الاجتماعي عن ثوابته الوطنية باعتماد أساليب التنكيل والاضطهاد للمعارضين، فانتهج الشعب موقف المتفرج لاحتلال الوطن لطرد الحاكم المستبد.
وبالرغم من أن الاحتلال الجديد أحسن توظيف حالة العداء بين الحاكم والشعب لتمرير احتلاله للبلد دون مقاومة شعبية، لكنه اخفق في تعامله مع الشعب حيث لم تخرج سياق سياسته في الحكم المباشر للبلد عن سياسة الاحتلال في النصف الأول من القرن الماضي!. ولم يأخذ بالحسبان التحولات الدينية والاجتماعية-السياسية التي طرأت على الشعب على مدى أكثر من نصف قرن مما تسبب في إخفاقاته المتلاحقة.
فعلى مستوى التحولات الدينية، هناك تصعيد غير مسبوق لأبناء المنطقة لانتهاج خيار العنف المضاد للتخلص من حالة الاستبداد والعنف الذي تمارسها السلطات الحاكمة المدعومة مباشرة من أسيادها في الدول الكبرى الذين سعوا من خلال احتلالهم لتكريس حالة المهانة والإذلال لأبناء البلد.
يقول ((الأمام علي-ع))"ما غزي قوم في عقر دارهم إلا وذلوا"
إن حالة المهانة والإذلال التي تفرضها قوات الاحتلال على الشعب ترافقت مع تعثر وعودها بالديمقراطية مما أدى إلى تغير المزاج العام للشعب من موقف المتفرج لاحتلال البلد إلى موقف المطالب بإنهاء حالة الاحتلال بعد أن حقق أغراضه في إزاحة طاغية عن سدة الحكم.
وعلى مستوى التحولات الاجتماعية-السياسية التي طرأت على الشعب على مدى أكثر من نصف قرن (بالرغم من انتهاج الحكام سياسة التجهيل ضده) ارتفاع مستوى الوعي بمصالحه، فالقبول بمبدأ تبادل المصالح مع المحتل لإزاحة الطاغية لايعني بأي حال من الأحوال القبول بسياسة الاحتلال إلى نهاية المطاف. فالقضية لاتقتصر على احتلال الأرض، وإنما تنسب إلى احتلال الفكر وأسر الروح وتنامي الشعور بالمهانة والإذلال من تحكم الاحتلال بمقدرات البلد.
يرى ((توفيق الحكيم))"أن من يحتل أرضك، يحتل فكرك ومن يسلب بلدك يسلب روحك".
إن عظمة الفكرة (نشر المبادئ الديمقراطية) بالرغم من تناغمها مع تطلعات شعوب المنطقة يمكن أن تنهار حين يتخذ منها جسراً لتمرير الاحتلال ومشاريعه التي تنال من كرامة الشعوب، فتفقد الفكرة صدقها على صعيد الواقع.
إن حجم الدولة وقوة اقتصادها وعظمة جيشها وحجم نفوذها الدولي (القطب الواحد) لايمنحها الحق في فرض توجهاتها السياسية على الدول والشعوب الأضعف منها تحت يافطة نشر المبادئ الديمقراطية بالصياغات والسُبل التي تخدم مصالحها وتضر مصالح شعوب المنطقة.
وحينئذ العملية برمتها تصدم بقيم ومبادئ إنسانية أخرى أبسطها حق تقرير المصير للشعوب، ورفض أشكال الهيمنة والتسلط. إن فرض الديمقراطية بأساليب قهرية ومهينة بحق الشعوب دون مراعاة لخصوصيتها الثقافية والحضارية واعتبارها شعوب قاصرة يتوجب فرض الوصايا عليها يسيء للفكرة ذاتها، ويعمق هوة الخلاف بين المقاصد النبيلة والممارسات غير المسؤولة.
وسبب ذلك المزيد من الإحباط والانكسار للشعوب التي استبشرت خيراً بمد يد المساعدة إليها من دول العالم الحر لتخليصها من أنظمتها المستبدة، وإقامة أنظمة ديمقراطية بديلة تقودها نحو التنمية والتقدم.
يعتقد ((روزفلت))"لايمكن أن يسود أو يصلح عنصراً واحداً على غيره من العناصر الأخرى وليس في العالم مكان لأمة تزعم لنفسها حق السيطرة على بقية الأمم والأجناس لا لشيء إلا لضخامة حجمها وقوة جيوشها. إن لكل شعب مهما صغر حقاً تاريخياً في التمتع باستقلاله كما يشتهي ويريد".
إن مساعدة الشعوب على التخلص من أنظمتها المستبدة والشروع في إقامة أنظمة ديمقراطية بديلة، لايأتي من خلال فرض حالة المهانة والإذلال عليها باحتلال أوطانها وإنما بتشديد الحصار على أنظمتها المستبدة (مقاطعتها دبلوماسياً، إحالة حكامها لمحاكم دولية لانتهاكها حقوق الإنسان، ضرب مرتكزاتها القمعية، عزلها سياسيا ومحاربتها إعلاميا، وتقديم كل أشكال المساعدة لقواها الفعالة للتخلص من أنظمتها المستبدة......).
تلك التصورات كفيلة بإسقاط الأنظمة المستبدة وإشاعة الأجواء الديمقراطية بإرادة وطنية بعيداً عن فرض التوجهات القسرية على الشعوب. إن تقديم المساعدة الفعالة للشعوب وفقاً للتصورات السابقة، سيجعلها تنظر إلى التوجهات الجديدة في العالم لنشر المبادئ الديمقراطية بعين الامتنان والرضى.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السياسة والمصالح
- كبوة الأمم
- الفكر والسلطة
- الفكر والحزب
- الحكمة والحكيم
- ماهية المعرفة
- التعدي على حقوق الآخرين
- علم الفلسفة -الهدف والغاية
- تبرير السقطات في الكيانات الحزبية
- ماهية الحق
- ماهية الخسة والحماقة
- ماهية الغيرة والحسد
- استحقاقات الانتخابات وحكومة المحاصصة
- الطاغية والثقافة
- الدولة الاستبدادية
- أنين ومعاناة هيفاء بيطار
- دوافع الود والعداء
- الشرطي الوزير
- ماهية الخير والشر في الفلسفة
- طرائف من سيرة الفلاسفة


المزيد.....




- كوليبا يتعرض للانتقاد لعدم وجود الخطة -ب-
- وزير الخارجية الإسرائيلي: مستعدون لتأجيل اجتياح رفح في حال ت ...
- ترتيب الدول العربية التي حصلت على أعلى عدد من تأشيرات الهجرة ...
- العاصمة البريطانية لندن تشهد مظاهرات داعمة لقطاع غزة
- وسائل إعلام عبرية: قصف كثيف على منطقة ميرون شمال إسرائيل وعش ...
- تواصل احتجاج الطلاب بالجامعات الأمريكية
- أسطول الحرية يلغي الإبحار نحو غزة مؤقتا
- الحوثيون يسقطون مسيرة أمريكية فوق صعدة
- بين ذعر بعض الركاب وتجاهل آخرين...راكب يتنقل في مترو أنفاق ن ...
- حزب الله: وجهنا ضربة صاروخية بعشرات صواريخ الكاتيوشا لمستوطن ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صاحب الربيعي - الديمقراطية والاحتلال