صاحب الربيعي
الحوار المتمدن-العدد: 1278 - 2005 / 8 / 6 - 07:36
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
يتطلب الارتقاء بمنظومة العقل الإنساني إلى مراتب أعلى تمكنه من فك الرموز والإشارات الكونية، شحن منظومة العقل بالعلم والمعرفة لإيجاد قنوات اتصال مع قوى الروح لتنهل من خلالها أسرار الكون. ويجب يترافق ذلك مع امتلاك ناصية المثُل العليا القادرة على الارتقاء بالذات لمستوى أعلى في السلوك والتصرفات من البشر الآخرين في المحيط بحيث تصبح نموذجاً يقتدى بها وأقرب إلى منظومة القيم الروحية منها إلى منظومة القيم الدنيوية. وبهذا فإنها تكون داعية لقيم الخير وممارسة لها فلا تخطأ بحق الآخرين، ولاترتكب إثماً وإنما تحث على إتباع المسالك والمثُل العليا في التعامل مع الآخرين.
يحث ((كونفرشيوس)) "الإنسان على عدم ارتكاب الإثم بحق الآخرين، حين لايرغب أن يرتكب الآخرون إثماً في حقه".
لاتكتفِ الفلسفة بصياغات السنن والمثُل العليا لصيانة حق الآخرين كشرط لضمان حق الذات، وإنما تدعو للترفع والسمو عن الرد على الذوات الخربة الساعية للإحقاق الأذى بالآخرين. فالنفس الخربة، تسعى جاهدةً لتحقيق ذاتها من خلال الانتقاص من ذوات الآخرين ليعتلي شأنها.
اعتقاداً منها أن أسلوب الحط من قدر الآخرين يعني إعلاءً لشأنها، فهي غير قادرة على خوض المنافسة الحرة في شؤون العلم والمعرفة معهم فتلجأ إلى أسلوب الحط. وبالمقابل فإن من يمتلك ناصية المثُل يجب أن لايبالي بالإسقاطات النفسية للذوات الخربة، ومسعاهم للحط من قدره ومستواه العلمي.
إن الإنسان الذي يتحلى بالسوية والرفعة يجب أن لايحمل ما يأتي في سياق كلام الآخرين، محمل السوء فلا يرى غير أوجهه غير السوية بل يتطلب منه أن يحمله محمل الخير عسى أن لاتفعل الظنون فعلها في النفس فتصيب النفس بالضلالة وتحمل الآخرين مشقة إلحاق الأذى بغير قصد!.
يقول ((الأمام جعفر الصادق-ع))"ضع أمر أخيك على أحسنه، ولاتظن بكلمة خرجت منه سوءاً وأنت تجد لها في الخير محملاً".
يعد التجاوز على حقوق الآخرين انتهاكاً صارخاً للمثل والقيم الإنسانية وغالباً ما يصاحبه استخداماً للعنف لفرض الرغبات على الضعفاء، وبالتالي يؤدي إلى تسلط جماعة أو أفراد على المجتمع بكامله. وتؤسس هذه التصرفات غير السوية المنتهكة لحقوق الآخرين، لحالة الفرقة والتشتت مما يؤدي إلى ضعف الأواصر بين أفراد المجتمع.
يرى ((سقراط))" أن التعدي يقضي على كل منحى نحو الاتحاد عند الأفراد والجماعات لأنه يؤسس لحالة الضعف وليس للقوة".
إن سعي غير الأسوياء لانتهاك حقوق الآخرين لأجل حصد المزيد من الأرباح لتحقيق المصالح والرغبات غير المحدودة، يتسبب في المزيد من خسارة وضعف ذاتهم ويدفعها أكثر نحو قيم الشر.
#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟