أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - الطاغية والثقافة














المزيد.....

الطاغية والثقافة


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 1259 - 2005 / 7 / 18 - 09:47
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الطاغية مخلوق جاهل وغبي يعاني من فقر في ثقافته ومن وطأة الاحتقار والنبذ من المثقفين، ويسعى لإمعان الإهانة والحط من قدرهم وتجهيل المجتمع لإقناع ذاته الخربة بأن المجتمع كله جاهل وليس ذاته فقط. إن حالة الإسقاط وما يمارسها الطاغية على المجتمع، يهدف من خلالها لمعالجة الخلل في ذاته وما ينتابه من نقيصة.
يلجأ الطاغية لإرغام المثقفين على التغني بأمجاده وتسخير أقلامهم وشراء الذمم من أجل رفع شأنه إمام المجتمع وبالرغم من ذلك يشعر في اللاوعي إنه محتقراً وموضع سخرية من الجميع نتيجة تصحر ذاته من أي شأن ثقافي. فكلما زاد التغني بأمجاده وعبقريته من قبل الأقلام المأجورة، كلما شعر أكثر بأن ذاته فارغة وجاهلة.
وتجد معظم الطغاة في العالم بعد سنوات من التنكيل والقتل للمثقفين وشراء الأقلام المأجورة لتلميع ذاتهم، يشعرون باللاجدوى من السير في هذا المسلك. ويعمدوا إلى أخذ هذا المهمة على عاتقهم واللجوء إلى كتابة الشعر أو الرواية أو التأليف اعتقاداً منهم أنها الطريقة الوحيدة لإقناع ذاتهم الجاهلة، بأنها لاتقل مستوى ثقافي عن النخبة المثقفة في المجتمع.
يسعون عبر هذا المسلك لانتزاع اعتراف النخبة المثقفة بهم وتحشيد الأقلام المأجورة من جديد لإطراء كتابتهم أو تلميعها، ويسبق ذلك عرض كتاباتهم على كتاب مشهورين لإعادة صياغتها وإخراجها بأسلوب ينم عن ثقافة مؤلفها أو إملاء (أفكارهم التافهة) على كتاب مشهورين ليعيدوا صياغتها أو كتابتها لتنشر بأسمائهم مقابل تقاضيهم أموالاً طائلة والكتمان على اشتراكهم بهذه (الجريمة الثقافية!).
يعرف عن أحد ملوك روسيا القيصرية ((الملك فردريك)) تنكيله بالعلماء والمثقفين، وسعيه ليكون شاعراً! وكان معجباً بـ ((فولتير)) ويستجدي صداقته وأغدق عليه بالمال ليكون صديقاً له ويقيم عنده في البلاط. وكان يعرض عليه ما يكتب من قصائد شعرية، فيعمد (( فوليتر)) على إعادة صياغتها لتنشر على أنها للملك لـ ((فريدريك)) وهكذا استمر الأمر لسنوات عديدة حتى اختلف معه وعاد إلى فرنسا ليفضحه قائلاً:" إلى متى ينتظر مني الملك فريدرك أن أغسل ملابسه القذرة".
لكن هناك بعض المثقفين ممن رفض أن يكون مطية أو جسراً، يعبر عليه الطغاة إلى الضفة الأخرى التي تفصلهم عن الجهل والتصحر الثقافي ولم تنفع معه كل الإغراءات المادية. بالرغم من أن أغلب الأشياء في هذا العالم، يمكن شرائها بالمال ما عدا الإبداع لأنه لايحقن في ذات جاهلة مهما بذل من أموال لشراء الذمم والأقلام المأجورة لرفع شأنه المنحط وذاته الفارغة من أي سمو ورفعة. لأن الإبداع موهبة تصقل بالمعرفة لخلق نتاج إبداعي جديد يسهم في رفد الحضارة الإنسانية، ويعمل على تقدمها ورقيها.
"بعرف عن الملك ((ديونسيوس)) بأنه طاغية يهوى الشعر، وطلب من الشاعر ((ميلكسنوس)) رأيه فيما يكتب من شعر فأجابه: بأنه شعر غث لاقيمة له، فحكم عليه بالاشتغال الشاقة المؤيدة. وبعد حين كتب ((ديونسيوس)) التراجيديا الملكية وأرسل في طلبه للوقوف على رأيه، فوقف أمامه صامتاً وعندما سأله عن رأيه في التراجيديا الملكية لم يجب! وإنما طلب من حارس سجنه أن يعيده إلى السجن كتعبير عن رفضه لمسعى الطاغية لارتداء لباس الثقافة".
لايختلف الطغاة الجدد في عصرنا الراهن عن إقرانهم السابقين، ويعانون من نفس الهواجس المرضية- النفسية من كونهم أغبياء وجهلة ومعادين للثقافة والمثقفين حيث انتهجوا نفس المسلك في كتابة الشعر والرواية والتأليف للخروج من أزمتهم النفسية وما يعانون من سخرية المثقفين الذين يوسموهم بالجهل والتصحر الفكري.
وما لجوج الطغاة العرب في كتابة الشعر والرواية....إلا تقليداً لأقرانهم من الطغاة في العصور السابقة، ودلالة على جهلهم وتصحر ذاتهم من أي شأن ثقافي. ساعين بهذا المسلك للخروج من أزمتهم النفسية المستعصية التي لا علاج لها، سوى بإسقاط عروشهم وإعادتهم إلى مستواهم الاجتماعي الأول في الحضيض لإنقاذ المجتمع من استبدادهم وتحكمهم بالبلاد والعباد.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدولة الاستبدادية
- أنين ومعاناة هيفاء بيطار
- دوافع الود والعداء
- الشرطي الوزير
- ماهية الخير والشر في الفلسفة
- طرائف من سيرة الفلاسفة
- الصراع حول المكانة والصدارة بين الفلاسفة
- ماهية الفكر
- النظرة الدونية للمرأة عند الشاعر أبي العلاء المعري
- العشق عند العرب
- العشق في الفلسفة
- التشريعات القانونية والمبادئ الدستورية
- الطاغية والسلطة
- ممارسات الطاغية
- شريعة الطاغية
- حاشية الطاغية
- الطاغية والاستبداد
- الطاغية ووعاظ السلاطين
- الطاغية والدين
- الفلسفة وعلم المنطق


المزيد.....




- -تنمر وخيانة-.. المتحدث باسم خارجية إيران عن الضربات الأمريك ...
- من فوردو إلى أصفهان.. إليكم تسلسل هجوم أمريكا الزمني على منش ...
- الصواريخ الإيرانية تخرق القبة الحديدية.. دمار كبير يصيب عدة ...
- هل -انتهى- البرنامج النووي الإيراني بالفعل كما أعلن ترامب؟
- هل تم استهداف محطة بوشهر النووية جنوب إيران؟
- مؤتمر صحفي لوزير الدفاع الأمريكي : -دمّرنا البرنامج النووي ا ...
- ضربات إيرانية متواصلة على إسرائيل تحدث اضرارا بمواقع مختلفة ...
- مضغ العلكة قبل الأكل.. حيلة غذائية أم فخ للجهاز الهضمي؟
- ما القصة وراء تسريب 16 مليار كلمة مرور؟
- إيران تمتص أثر الضربة الأميركية وتخفي طبيعة ردها القادم


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - الطاغية والثقافة