أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - صاحب الربيعي - الطاغية ووعاظ السلاطين














المزيد.....

الطاغية ووعاظ السلاطين


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 1229 - 2005 / 6 / 15 - 12:08
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


الطاغية ووعاظ السلاطين

إن النزعة الشريرة في وجدان الطاغية، تجعله يلجأ إلى الكشف عن أوجه استبداده المتعددة لتحقيق نوازعه الذاتية المريضة خاصة أنه لايجيد سبيلاً أخراً يمكن من خلاله تحقيق رغباته وتوجهاته. وغالباً ما يستند الطاغية في إدارته لشؤون الدولة على ركزيتين هما: الأجهزة الأمنية-القمعية وشراء الذمم لوكلاء الدين والكتبة من المثقفين لإضفاء حالة من القدسية على ذاته وتبرير سلوكه وأفعاله الاستبدادية ضد المجتمع.
ويعد دور وكلاء الدين الأبرز لقدرتهم على خداع العامة من الناس، بأن ما يمارس ضدهم من اضطهاد وعُسف لايعود إلى النزعة التسلطية والاستبدادية التي يمارسها الطاغية. وإنما يعود إلى ما يكمن في دواخلهم من شرور متعارضة ورغبات الدين وميلهم أكثر نحو الخوض في الشؤون الدنيوية، وعلى حساب الشؤون الدينية!.
إن تذمر وشكوى الرعية من ظلم واستبداد الطاغية، بنظر وعاظ السلاطين خروجاً على تعاليم الدين. وعلى الرعية إطاعة الحاكم وإبداء الخضوع والإذعان له وبغض النظر عن كونه عادلاً أو ظالماً!. فمبدأ العصيان والتذمر وما تلجأ إليه الرعية يجلب الفوضى والخراب على المجتمع، ولاسبيل للأمن والاستقرار سوى إطاعة الحاكم وتنفيذ رغباته دون اعتراض.
يعتقد ((مارتن لوثر))" أنه ليس من الصواب بأي حال من الأحوال أن يقف أي مسيحي ضد حكومته سواء، أكانت أفعالها عادلة أم جائرة! ليس ثمة أفعال أفضل من طاعة من هم رؤساؤنا وخدمتهم. فالعصيان خطيئة أكبر من القتل والدس والسرقة، وخيانة الأمانة".
لايعد فسق وجور الطاغية خروجاً على تعاليم الدين بنظر وعاظ السلاطين، لأن الطاغية له من الصلاحيات غير المحدودة في التصرف بشؤون العباد. وإن إعلان المعارضة ضد الطاغية (الأمام أو الحاكم) الفاسق يؤسس للفتنة، ويجلب مظالم أكثر من مظالم وشرور الطاغية ذاته!.
وعليه يتوجب على الرعية القبول بطغيان الحاكم وتنفيذ رغباته والاستجابة لقراراته، وتحمل جوره وعُسفه أتقاءً لشر الفتنة وما تجلب من شرور أكبر على المجتمع. وتمسكاً بتعاليم الدين التي لاتجييز الخروج على الحاكم الجائر والفاسق، لأنه موحد الكلمة وجامع الشمل وموفر الأمن والاستقرار الاجتماعي.
يرى ((أبن كثير))" أن الأمام الفاسق لايُعزل بمجرد فسقه على أصح قولي العلماء، بل لايجوز الخروج عليه لما في ذلك من إثارة الفتنة ووقوع الهرج وسفك الدماء الحرام، ونهب الأموال وفعل الفواحش مع النساء وغيرهن".
إن ما يوفره وعاظ السلاطين من غطاء شرعي للاستبداد والعنف ضد المجتمع، يهيأ المناخ اللازم لبروز الطغاة. وتحكمهم في الرعية تحت يافطة الدين المستند إلى العديد من النصوص المجتزأة التي تجييز للطاغية العبث بأرواح وممتلكات الرعية دون رادع أو مساءلة، بل تعينه على الاستبداد واستخدام العنف ضد الخارجين على طاعته وغير الراغبين في إبداء فروض الإذعان والخنوع!.
لم يكتفِ وعاظ السلاطين بما وفروه من غطاء شرعي لتسلط واستبداد الطاغية ضد المجتمع، وإنما أجازوا له القتل وحزًّ رقاب المعارضين وتعذيب الخارجين على طاعته وخدمته! جازمين بأن السيف الذي يستخدمه في حزًّ الرقاب، هو (سيف الله) باعتباره خليفة الله في الأرض ومنفذاً لتعاليمه. وإن الله أختاره من بين عباده من البشر، ليكون خلفيته في الأرض.
إن أفعال ونوازع الطاغية الشريرة ضد المجتمع، بنظر وعاظ السلاطين تعد فروضاً سماوية يقوم بها الطاغية تنفيذاً لتعاليم الإله الذي يملي عليه الأوامر بالقتل والتعذيب للبشر. خاصة منهم المعارضين لسياسته، لأن الله أعلم بما يكمن في نفوس الرعية من شر وفتنة. فيجتث رقابهم بسيفه لينعم المجتمع بالاستقرار والطمأنينة ويتفرغ إلى الشؤون الدينية وفروض العبادة، ولايتعاطى الشؤون الدنيوية باعتبارها شأن خاص بالطاغية خليفة الإله في الأرض!.
يعتقد ((مارثن لوثر))" أن اليد التي تحمل السيف وتذبح ليست يد الإنسان، وإنما هي يد الله. إن الله هو الذي يشنق ويعذب ويحزًّ الرقاب، فكل هذه الأفعال هي أفعاله وأحكامه".
وبهذا فإن وعاظ السلاطين لم يضفو الشرعية على أفعال الطاغية في القتل وحزًّ الرقاب فقط، وإنما جعلوا من الإله سفاحاً وقاتلاً. وله من الخلفاء في الأرض ممن يجيدون استخدام السيف لحزًّ الرقاب ولديهم من الحبال المتينة لشنق المعارضين وأن ما يمتلكون من مواهب في ممارسة التعذيب والاضطهاد أنما هي مواهب رًّبانية وهبها الله لبعض عباده ليمارسوا مهامهم كـ (جزارين وقتله وسفاحين..) تنفيذاً لتعاليمه.
وإن الله لايشغله في هذا الكون سوى خلقه للعباد، ومن ثم إصدار الأوامر لوكلاءه من الطغاة المنتشرين في أقصاع الأرض لقتلهم وشنقهم وتعذيبهم ليستمتع هو بالمشهد الدموي وما يعانيه عباده من البشر الذين خلقهم في غفلة من الزمن!.
إن هذا التعاطي من لغة القتل وسفك الدماء بين الطاغية ووعاظ السلاطين ممن نصبوا أنفسهم وكلاء للدين، يرتكز على ركزيتين أساسيتين هما: تحقيق المصالح المتبادلة بين الطاغية ووعاظ السلاطين والإساءة للدين والإله معا. وتنفير الرعية من تعاليم الدين والسخرية من الإله ذاته وتصويره على أنه أداة الشر كله فهو سفاح يسفك الدماء، ولايجيد شيئاً سوى القتل والتعذيب لعباده من البشر على أيدي وكلاءه في الأرض من الطغاة!.
إن التصدي لاستبداد الطغاة وإزاحتهم عن السلطة، لايخدم المجتمعات فقط وإنما يخدم الدين نفسه على شرط أن يترافق ذلك مع اجتثاث مرتكزات وفكر وعاظ السلاطين ممن نصبوا أنفسهم وكلاء لدين الله في الأرض حفاظاً على التعاليم الدينية الحقة وحجباً للصور المشوه والمسيئة عن الإله ذاته!.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطاغية والدين
- الفلسفة وعلم المنطق
- مفهوم الخير والشر في الفلسفة
- الفرق بين العالم والجاهل
- مفهوم الحب عند جلال الدين الرومي
- *الصراع بين السياسي والمثقف: قيم أم مصالح؟
- دولة القبيلة بين القيم والمصالح
- أسلوب المقاومة السلمية ضد الأنظمة المستبدة
- انماط السلوك غير السوي في المجتمعات المقهورة
- الخطاب العلني للقوى المقهورة ضد القوى القاهرة
- لقاء صحافي مع الباحث وخبير المياه في الشرق الأوسط السيد صاحب ...
- سمات الخطاب المستور للقوى المقهورة
- ردًّ الفعل الشعبي ضد ممارسات القهر والاستبداد
- الصراع السياسي المستور بين القوى القاهرة والمقهورة
- الكراهية والحقد الكامن في ذات الإنسان المقهور
- السياسيون القردة
- صراع القدر والإرادة بين السماء والإنسان
- نشوء الدول القديمة والحديثة
- صلاحية الحاكم والمحكوم
- صراع العاطفة والجمال بين المرأة والطبيعة


المزيد.....




- وزير الخارجية الأمريكي يزور السعودية لمناقشة وضع غزة مع -شرك ...
- السلطات الروسية توقف مشتبهاً به جديد في الهجوم الدامي على قا ...
- حماس تنشر مقطع فيديو يوضح محتجزين أمريكي وإسرائيلي أحياء لدي ...
- حزب الله يقصف إسرائيل ويرد على مبادرات وقف إطلاق النار
- نائب سكرتير اللجنة المركزية للحزب بسام محي: نرفض التمييز ضد ...
- طلبة بجامعة كولومبيا يعتبرون تضامنهم مع غزة درسا حيا بالتاري ...
- كيف تنقذ طفلك من عادة قضم الأظافر وتخلصه منها؟
- مظاهرات جامعة كولومبيا.. كيف بدأت ولماذا انتقلت لجامعات أخرى ...
- مظاهرة طلابية في باريس تندد بالحرب على قطاع غزة
- صفقة التبادل أم اجتياح رفح؟.. خلاف يهدد الائتلاف الحكومي بإس ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - صاحب الربيعي - الطاغية ووعاظ السلاطين