أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صاحب الربيعي - كبوة الأمم














المزيد.....

كبوة الأمم


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 1293 - 2005 / 8 / 21 - 12:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ليس هناك أمة حية في التاريخ لم يتخلل مسيرتها كبوات فتغدو من أضعف الأمم بعد أن كانت أعظمها شأناً. إن شأن الأمة يقاس بما قدمته من علوم ومعرفة لرفد الحضارة الإنسانية، وتشهد لها الحفريات الأثرية والمعالم التاريخية. فالبحث العلمي في تاريخ الأمم إن لم يتناول تلك المعالم لايحظى بالدقة والصدقية، وينحط شأن الأمة حين ينحسر رفدها المعرفي في الحضارة الإنسانية.
إن الأمة الحية حين تبلغ ذروتها في الرفد المعرفي ولم تستمر، تصاب بالانهيار التدريجي فيتراجع شانها في الصدارة لتتقدم عليها أمم أخرى تفوقها غزارة معرفية وغالباً ما يكون سبب انهيارها فساد وضعف حكامها. ومن مؤشرات انهيارها إساءة حكامها للعلماء والمفكرين والمثقفين ويتفشى الجهل والفقر فينحط قدرها.
يعتقد ((توفيق الحكيم))"أن الأمة الحية، يحيا فيها أمواتها والأمة الميتة يموت فيها أحياؤها".
يلجأ الحاكم المستبد للاستعانة بالجهلة والأميين لإدارة شؤون الدولة لفرض توجهاته بالعنف والاستبداد على المجتمع ويعمد لإقصاء العلماء والمفكرين عن مرافق الدولة وتجهيل وإفقار المجتمع لدرجة كبيرة لإحكام سيطرته عليه.ومع الزمن تنهار مقومات المجتمع، فتضعف العزيمة على المقاومة ويصبح مسلوب الإرادة ورهن توجهات الحاكم وتضعف قدرته على التمييز بين الآراء الصحيحة والخاطئة.
يرى ((توفيق الحكيم))"أن أغلب الناس لايستطيعون أن يصنعوا لأنفسهم رأياً، فهم يستسهلون ارتداء الآراء التي تصنع لهم صنعاً".
إن الأمة الحية التي تنهار مقومات نجاحها، تصاب بالعجز والوهن وبالصد المعرفي وينحط كبريائها وشموخها المستمد من عمق التاريخ، فتصبح سهلة الانقياد من حكامها وتأسرها الأوهام والخرافات وتستسلم للواقع باعتباره قدرها المحتوم الذي لاجدوى من تغيره.
يصف ((توفيق الحكيم)) هكذا مجتمعاً:"بأنه ساذج يطعم بالأوهام البراقة لا بالحقائق الواقعية".
حين تكبوا الأمة يكثر أعدائها وتسعى الأمم المنحطة للطعن في تاريخها وكبرياها والتقليل من شأنها لإعلاءً شأنها الذاتي كونها تعاني من الشعور بالدونية تجاهها ولاتمتلك مقومات النجاح والإرث المعرفي والحضاري لتنافسها.
إن المتابع للمقالات الحاقدة والهذيان الفارغ على تاريخ أمة أصابتها كبوة، يكتشف أن هؤلاء يعانون من دونية انتماءهم وضآلة شأنهم فيعمدون للنيل من الأمم الأخرى لإعلاء شأنهم وذاتهم المنحطة. إن عدم رد الآخرين عليهم، يشعرهم بالزهو والنصر على أبناء تلك الأمة.
وهم لايدركون أن ترفع وسمو الآخرين على عدم الرد على حقدهم ودونيتهم إنما هو نوع من الاحتقار والازدراء لهم، وهذا ما يجعلهم يوغلون أكثر في الحط من قدر الأمة المصابة بالكبوة عسى أن يرد كاتباً ما على هذيانهم فيحصلوا على شرف الندية لأبناء تلك الأمة!.
ويساهم بعض أبناء الأمة التي تعرضت لكبوة بحملة الطعن والحط من قدرها إما بدون وعي لشعورهم بالإحباط والانكسار مما ألت إليه أمتهم وإما بوعي وهم الذين تعرضوا لحالة النبذ والاحتقار من أبناء أمتهم نتيجة سلوكهم وتصرفاتهم غير السوية فيسعون للنيل من قدرها، وهؤلاء غالباً ما يعرضون أقلامهم برسم الإيجار، فيستأجرون بالمال من الأمم المعادية للطعن والحط من قدر أمتهم تحت يافطة الدفاع عن حقوق الأمم الأخرى!.
إن البحث والمناقشة لتاريخ وحضارة أمة ما، يتطلب قبل كل شيء الدراية والمعرفة بمناهج البحث العلمي إضافة إلى الخزين المعرفي بتاريخ تلك الأمة ليكتسب البحث الدقة والصدقية. وبخلافه فإنه نوع من الهذيان والتصحر المعرفي يكشف عن ذوات حاقدة ودونية تسعى للحط من قدر الأمم الأخرى، لإعلاء شأن أمتها وبالتالي شأنها لمستوى أبناء الأمم المتقدمة عليها حضارياً.
إن أساليب الطعن والحط من قدر الأمم، لايقلل من شأنها الحضاري ولا يلغي سجلاً من عظمة تاريخها ولا يأسر روافدها المعرفية ومساهماتها في رفد الحضارة الإنسانية وإنما يعري ويقزم شأن الساعين لانتهاج أساليب الطعن والحط من قدر الأمم لإعلاء شأنهم!.
إن كبوة الأمة الحية ليست أبدية، فسرعان ما تنفض عنها غبار كبوتها لتجسر عظمة تاريخها بالحاضر وتتقدم بخطوات سريعة لتلحق بركب الأمم المتقدمة عليها حضارياً. ويتطلب ذلك حقن وجدان أبناءها بمنشطات أرثها الحضاري لتحفيزهم على أتباع مسالك المعرفة لاستعادة كبريائها وشموخها لتنافس الأمم الأخرى على الصدارة لاستعادة دورها التاريخي.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفكر والسلطة
- الفكر والحزب
- الحكمة والحكيم
- ماهية المعرفة
- التعدي على حقوق الآخرين
- علم الفلسفة -الهدف والغاية
- تبرير السقطات في الكيانات الحزبية
- ماهية الحق
- ماهية الخسة والحماقة
- ماهية الغيرة والحسد
- استحقاقات الانتخابات وحكومة المحاصصة
- الطاغية والثقافة
- الدولة الاستبدادية
- أنين ومعاناة هيفاء بيطار
- دوافع الود والعداء
- الشرطي الوزير
- ماهية الخير والشر في الفلسفة
- طرائف من سيرة الفلاسفة
- الصراع حول المكانة والصدارة بين الفلاسفة
- ماهية الفكر


المزيد.....




- شاهد كيف يسخر مسلسل الرسوم المتحركة -ساوث بارك- من وزيرة الأ ...
- الناشطة الحقوقية نصيرة ديتور لفرانس24: -لن أسكت وسأواصل النض ...
- نتنياهو: إسرائيل تعتزم السيطرة على قطاع غزة بأكمله لكنها لا ...
- الإفراج عن حميدان التركي بعد 19 عاما قضاها في السجن بالولايا ...
- الجزائر ترد على رسالة لماكرون طالب فيها بمزيد من -الحزم- تجا ...
- علي صالح عبدي.. لحظة إنقاذ الطفل السوري من بئر عميق في ريف ا ...
- صفقة جديدة لتصدير الغاز الإسرائيلي إلى مصر بـ 35 مليار دولار ...
- الولايات المتحدة تبدأ فرض التعرفات الجديدة على منتجات عشرات ...
- خمسة قتلى وعشرة جرحى بغارة إسرائيلية على شرق لبنان (وزارة ال ...
- شاهد.. متجر لبيع الروبوتات في الصين بينها واحد يشبه آينشتاين ...


المزيد.....

- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صاحب الربيعي - كبوة الأمم