أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - -رسائل قاضي اشبيلية- الفرد فرج















المزيد.....

-رسائل قاضي اشبيلية- الفرد فرج


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 4460 - 2014 / 5 / 22 - 13:12
المحور: الادب والفن
    


"رسائل قاضي اشبيلية" الفرد فرج
الكتب من إصدارات الجمهورية العراقية، وزارة الثقافة والإعلام عام 1981، الكتاب يضمن تسع مسرحيات، كلها من مشهد واحد، وهذا يعطيها صفة اقرب إلى التمثلية الإذاعية، وكأن الكاتب كان متعمدا الكتابة بطريقة توصل فكرته بطريقة سريعة، تؤكد للمتلقي بأن الاختصار في الحوار، سمة العصر، فيؤكد أولا: ـ أن الوقت لا يسمح لنا بالاستمرار بهذا القهر الطبقي، وثانيا: ـ أهمية وقت المشاهد، فلا مجال لتضيع الوقت بشكليات التي ترهق المشاهد.
من هنا هو يدعو وبقوة إلى الحد من تفشي ظاهرة الظلم والاضطهاد بحق المواطن العادي الفقير، المسرحيات في مجملها تتناول المسألة الطبقية، فإذا استثنينا المسرحية الأولى، ـ والتي تتحدث عن حالة تاجر عربي ايجابية في الأندلس العربية، فالمسرحيات التسع الأخرى تتحدث عن أوضاع الفقراء، وكيف أن الجهات المتنفذة تعمل بكل السبل والوسائل لفرض هيمنتها على مقدرات الوطن والشعب معا، وتبين الكيفية التي يتعامل بها الحكام والمتنفذون مع المواطن العادي، فنجد القهر الذي يلازم كافة المجتمعات المتخلفة والفقيرة، فالكاتب كان يستخدم التراث الأندلسي لكي يؤكد المسألة الطبقية التي تؤرقه، فهي الفكرة الأساسية لكافة المسرحات التي قدمها لنا.
المسرحيات الثلاث التي تتحدث عن الأندلس العربية سمها الكاتب "رسائل" كتبها ،ـ حسب النص المسرحي قاضي اشبيلية ـ بناءً على أمر من أمير المؤمنين قبل إعفائه من عمله كقاضي، الرسالة الأولى تتحدث عن التاجر "نور الدين ألجواهري" من اكبر تجار اشبيلية، يقوم هذا ببيع قطعة من المجوهرات ـ بالنسبة له لا تساوي أكثر من بضع دنانير معدودة ـ بمبلغ خمسمائة دينار، وبعد أن يشهد السوق على بيع تلك القطعة، يأتي مشتري آخر ويدفع مبلغ ألف ألف دينار بقطعة المجوهرات تلك، يختصم المشتري الأول والتاجر "نور الدين" أمام قاضي اشبيلية، فيحكم بصحة البيع، وهنا يصاب "نور الدين" بحمى ومرض، لا احد يعرف له علاج، يعرف الخليفة بمرضه، فيقرر أن يعوض "نور الدين" عن خسارته بتلك الصفقة، وهنا تبرز لنا مفاهيم أخلاقية لم نعهدها عند التجار أو عند المتنفذين، حيث يرفض "نور الدين" أخذ "كومة كبيرة من الذهب المتوهج" لان المشكلة عند "نور الدين" ليست في المال، وهو يعتبر بان صفقته كانت مربحة جدا، حيث انه باع قطعة لا تساوي شيئا بمبلغ خمسمائة دينار وهو قد ربح بها، وما مرضه إلا بسبب أن حاكم الهند قد وضع ثروته ومملكته تحت تصرف أي إنسان يأتي بتلك الجوهرة، فهي تشكل رقية لابنته التي تعاني من مرض لا تشفى إلا بوجود تلك التعويذة الموجودة على الجوهرة، وهنا يقرر "نور الدين" أن يتخلى عن كافة مظاهر الرفاهية التي يتمتع بها، سعيا وراء الحكمة التي اكتشفها من خلال معرفته لحقيقة كانت غائبة عنه تتمثل بقوله "حب الملك لابنته وشقاء البنت كانا عندي... ولكن هل حقا كنت املكهما، ويحق لي بيعهما؟! أيملك التاجر مجرد الأشياء التي عنده أم يملك أيضا كل ما تعنيه هذه الأشياء وما تنطوي عليه؟" ص19 وهنا يهيم في البراري يبحث عن الحكمة التي كان غافلا عنها.
هناك جوانب ايجابية تطرحها الفرد فرج في هذه الرسالة حيث يقول على لسان الخليفة بان ما جاء في حكم قاضي اشبيلية يمثل الصورة النزيهة المتبعة في أسواق اشبيلية، " ـ هذا رجل قال قوله صدق في المحكمة خسر بها ألف ألف دينار، حتى لا يقال أن في سوق اشبيلية غش أو تدليس،
وافتدى سمعة سوقنا برطل من حر دمه، وهو أغلى ما يملك الإنسان، السوق.. هو دم الدولة الدفاق.. فواجبنا أن نكافئه ونعوضه" ص17، الصورة السابقة تبن لنا الحكمة التي يتمتع بها أسلافنا في الأندلس قبل أن تأخذهم الجهالة إلى الجحيم. فكان القاضي والخليفة والتاجر كلهم يتصرفون بحكمة وللحفاظ على المصلحة العامة.
الرسالة الثانية تتحدث عن حكاية شعبية تقترب في مضمونها من تلك التي تحكيها لنا قصص ألف ليلية وليلة، حيث كان هناك حطاب ذهب ليحتطب من ارض الأمير، وعندما قام بقطع شجرة يكتشف بان هناك امرأة محبوسة تحت الأرض، يتعرف عليها وتخبره بان هناك جني قام بخطفها يوم زفافها ووضعها في هذا المكان وهو يأتيها كل يوم خميس، فتطلب منه أن يبقى ليونسها حتى يوم الخميس، تبدأ المرأة بالغناء وعندئذ يأتي الجني في غير موعده، فيهرب الحطاب، وتبقى المرأة لتتعرض للسوط الذي يضربها.
يبدأ الحطاب بالقول من دون أن يفهمه احد، ويقال عنه بأنه خبل وقد مسه الجنون، لكنه كان متعلقا بتك المرأة والأرض التي وجدها بها، فيعود إلى المكان الذي حطب فيه، فيجد بان هناك مجرى ماء وان الأرض رطبه، فيبدأ في الحفر بها وكأنه فلاح يريد زرع الأرض، يأتي الأمير صاحب الأرض، وهنا يكون بينهما حوار، يقرر الأمر عرض هذا الحطاب على القاضي، وهناك يكون حوار اقرب إلى الطرح الفلسفي منه إلى الكلام العادي، " القاضي: ـ لا بأس عليك أن عشقت الأرض. ولكنك لا تملكها إلا تعلم ذلك؟
علي: ـ علمته منك يا مولاي القاضي، وعلمته من الأمير والشهود.
القاضي: ـ أوعلمت من احد شيئا خلاف ذلك؟
علي: ـ بلى، فاني اعلم أن المرأة تختار من تحب من الرجال وتقول له وهبتك نفسي فيكون الزواج الصحيح.
القاضي: ـ هذا إذا كانت المرأة حرة يا ولدي، تلك الأرض ليست حرة، وإنما هي عقيلة.
علي: ـ اعتقلها فعطشها وجوعها وأهملها وعذبها وساطها.
القاضي: ـ وإذن؟
علي: ـ سن الله الطلاق يا مولاي رحمة بمن يتعذب، الأرض تطلب الطلاق وتزينت لمن تحب.. مولاي القاضي حرر الأرض! حرر الأرض !.. حرر الأرض!" ص35و36، الرمزية والفكرة التي جاءت بصورة الحكمة تعد من أهم المسائل الفنية في هذا المشهد، فالربط بين المرأة المعذبة من قبل الجني، والأرض المهملة من قبل الأمير، يعد إشارة لتحرر الأرض من الإقطاع. وكأن الكاتب يخاطبنا لكي نحرر الأرض ممن أهملوها، وتقديمها لمن يخدمونها.
الرسالة الثالثة، تتحدث عن الكيفية التي يستغل بها الانتهازي الظرف لكي يصل إلى غايته، فمهما تبدو أن الطريق التي يسلكها شكلا (قانونية)، إلا أن جوهرها سرقة وتدليس للحقائق، ف"أبو صخر علي" كاتب الأحكام بمحكمة غرناطة، يعرض على قاضي اشبيلية مشاهد من الطرق التي استخدمها لينمي ثروته، وكيف أنه يضطهد الآخرين بطريقة بشعة، قذرة، لكن القانون أو الشرع لا يستطيع أن يدين هذه الأعمال، وكأن القانون والقضاة عاجز أمام دهاء "أبو صخر علي" وأمثاله من الانتهازيين، فيتحدث "أبو صخر كيف اشترى المنزل الذي يقطنه من ابن اكبر تاجر في غرناطة، وكيف انه جعل من أم ذلك الشاب مجرد طاهية عنده تخدمه في منزلها، الذي اشتراه، "هي أمه عافاك الله! زوجة أبي سليمان، وأم ذاك الولد الذي اتلف مال أبيه ومات بحسرة الدار التي آلت إلي، فلما مات الولد أشفقت عليها من التسول والتضور والضياع، فعرضت عليها أن تأوي في داري وأفسحت لها مكانا بين خدمي وممالكي، فأبت لنفسها لا أن تعمل معهم عرفانا بجميلي، ووجدها طباخة ماهرة، نشطة أمينة مدبرة.. فرتبت لها فوق المأوي ثلاث وجبات كل يوم لطعامها" ص46و47، قاع الانحطاط يمارسه هذا الرجل، الشر والقبح ينضح منه، رائحته القذرة تملئ المكان، لكن القانون لا يستطيع إدانته، هو يمارس السرقة واهنة الناس بطرق مشروعة، وكأن الكاتب هنا يريدنا أن ننتبه إلى أمثال هؤلاء الأشخاص حتى لا يتكرر ما فعله "أبو صخر علي" فهم أسوء واخطر الناس على المجتمع، يمزقونه من الداخل، يعيثون في فسادا وتخريبا.
طريقة أبو" صخر علي" في الاستيلاء على أموال الآخرين يتكلم عنها وكأنها أمر محمود فيقول "ذلك أنني ما سمعت عن حريق شب، أو دار سقطت، أو مدينة غزيت أو نهبت، إلا وشخصت إلى هناك أتسقط أثمن الأشياء بالثمن البخس" ص47، الانتهازية هي الطريق الوحيد الذي يعرفه، يستغل مصائب الناس لينقض عليهم.
هذا المخرب الانتهازي يمارس اشد أنواع الاحتقار بحق مدرسه ومعلمه "أبو الفضل" فيجعله يربي له الدجاجات بعد أن كان أهم وأفضل معلم، اعتقد بان "الفرد فرج" في هذه الرسالة تحديدا كان ينبهنا إلى خطورة وجود أمثال "أبو صخر علي" في المجتمع، فلم تقتصر خطورتهم على ناحية الاستغلال والوصولية وحسب، بل تعدتها إلى إهانة أعلام المجتمع، وإحداث فجوة أخلاقية فيه، فمن خلال دفع المربي "أبو الفضل" إلى ممارسة عمل حقير، يتكون من خلاله مجموعة مفاهيم عند المجتمع، أولا : ـ أن المال هو السيد الأهم في المجتمع، ثانيا: ـ ليس هناك مكانة لذوي العلم، فها هو المعلم الكبير يقوم بعمل حقير عند تلميذه الذي يمتلك المال، ثالثا :ـ تأثير ذلك سلبيا على شخصية الإنسان المضطهد، مما يجعله يؤكد مفهوم "أبو صخر علي" على أهميته كشخص متنفذ وقادر على فعل كل شيء.
رائد الحواري



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -|الجبل الخامس- بين الدين والعصر، الصراع وتحقيق الذات باولو ...
- جدلية التطرف
- المناضل والمجاهد
- -عمدوني... فأعدوني اسما- جيروم شاهين
- مسرحية -أبو الهول الحي- رجب تشوسيا
- الجنة والنار
- -مسرحية الايام الخوالي- هارولد ينتر
- -قلب العقرب- محمد حلمي الريشة
- -عودة الموريسكي من تنهداته
- رواية -الدوائر- خليل إبراهيم حسونة
- - في ظلال المشكينو- أحمد خلف
- -الخراب الجميل- أحمد خلف
- -الرجل النازل- علي السوداني
- التفريغ
- الأشهر القمرية لغريب عسقلاني
- شرق المتوسط ل-عبد الرحمن منيف-
- نبوءة العرافة -رجب أبو سرية-
- النزيل وأمله -بابلونيرودا-
- الوحدة
- مصرع احلام مريم الوديعة -واسيني الاعرج-


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - -رسائل قاضي اشبيلية- الفرد فرج