الشعب يريد الاسد رئيساً

عمر سعد الشيباني

الحوار المتمدن-العدد: 4433 - 2014 / 4 / 24 - 17:25
المحور: كتابات ساخرة
    

لماذا الشعب السوري يريد لهذا البطل أن يستمر رئيساً ؟ لأنه يمثل بسمة أمل للشعب. لأنه مدمر (عفوا .. شطًب على كلمة مدمر) باني سوريا الحديثة. لأنه ضمانا للاستقرار. ضمان لمستقبل سوريا. لأن سوريا بدونه ستصبح وطننا للارهابين.
هذه العبارات ليست من عندي ولم اشتهد بواحدة منها، بل اتيت بها من الصحف الرسمية التي أممها الاسد الأب عندما أتى من قرداحة تماشياً مع نهج البعث في التأميم والتفخيخ والتهميش والتنميش. لكن العبارة التي اعجبتني هي التي تقول أن اعوج بن عناق بسمة أمل. وظننت أن الجريدة تمزح أو تسخر. لكن كما تعرفون فأن صحف حافظ اسد لاتمزح أو تهزّر (كما يقول المصريون). ألا تذكرون كيف كان حافظ اسد يلقي كلمته المكتوبة بصوته المبحوح من كثرة ما صرخ واعطى ملاحظات لكاتب الخطاب. كان لايبتسم ولايضحك مثل ابنه. جاد مقطب الجبين حفاظا على الهيبة والمكانة. لايبتسم إلى للرؤساء الأجانب، خاصة كلنتون ولاتنسو باتريك سيل (الله لايرحمو). والابتسام والضحك كما هو معروف بالوعي العربي الجمعي يفقد الهيبة والاحترام. وماشاء الله خرج أولاد حافظ اسد مثله (من خلف مامات) لابتسمون ولايضحكون إلا الولد المدلل بشار. لأنه ماشاء الله طالع لأخواله بيت مخلوف. منفتح للحياة ومندفع. ليس معقد مثل بيت الاسد الذين عاشوا حياتهم يواجهون الفقر بالتجهم. حتى فتح الله لهم واستلم حافظ السلطة ( وقال الكريم خذ). وبيت مخلوف كانوا شايفين حالهم في قرداحة لأنهم كانو يملكون اراضي. ألا تذكرون كيف كان الشهيد باسل يضع النظارات السود ويخرج على الشعب عابس حاقد على النمل. السبب ليس فقط يكمن بالوراثة، بل لأنه عاش الفقر مع اسرته السعيدة التي انتقلت من قرداحة إلى حمص ثم مصر ثم العاصمة.
المهم ، نرجع إلى ماذا يريد الشعب السوري والصحف السورية. وحتى نفهم هذه العبارات يجب أن نّذّكر بمفهوم الدمج. فهناك في عالم الامبريالية والانبطاحية مفهوم الدمج في الشركات، مثل شركتين تندمج مع بعضهم فتصبح كيان واحد ولها اسم واحد. هذا ماحدث في ايام حافظ اسد الذي افتى له العلامة البوطي بأنه عندما مات في السرطان، ذهب مباشرة إلى الجنة دون الوقوف على الدور. هكذا قال العلامة البوطي. كان هناك مفاهيم صنعها ودمجها حزب البعث (حزب الكادحين وصغار الكسبة). مثل دولة البعث. فاصبحت الدولة والبعث واحد. هذا على ايام صلاح جديد الذي كلن يحب نور الدين الاتاسي ويقول له (حبيب بلهجة الساحل). بمعنى آخر، الدمج بدأ أيام البعث. فاصبح كل شيء مدموج ومتماهي بحزب البعث الذي اسسه اليميني ميشيل عفلق (كما كان صلاح جديد يطلق عليه مع رفيقه حافظ اسد). تصوروا، أن المؤسس يميني متعفن والتلاميذ ماشاء الله قوميين اكثر من معلمهم. المهم أن الدمج هذا كان يعاني من نقص. إذ أنه غير واضح لأنك هنا، أنت تدمج مفاهيم غير محسوسه. فحزب البعث مفهوم والدولة مفهوم. حل هذا الاشكال الهيغيلي حافظ اسد. إذ أنه دمج المفهوم بالمادة على طريقة هيغل الفيلسوف الألماني . هذا السبب قدسه الكثير لمساهمته في إغناء الفكر وفي توحد الناسوت باللاهوت. فدمج الرفيق الخالد حزب البعث والدولة والمجتمع والشعب وكل المفاهيم الغير محسوسة في عالم السياسة دمجها الرجل بنفسه. كي تكون المسألة بسيطة وسهلة على الناس فعندما تقول الشعب يريد كذا، يعني أن حافظ اسد (ومن بعده وريثه وحشاشة كبده) يريد كذا. فالوطن والدولة والصحافة والفن والثقافة وكل مايتعلق من مفاهيم غير محسوسة توحدت فجأة بحافظ اسد وأبنه بشار. وطال الدمج شرائح من المجتمع. فالتحقت تندمج بحافظ اسد، حتى أنه ألحق الطائفة العلوية كلها بشخصه الكريم. ونضرب هنا مثلا كي يتضح هذا الدمج النبيه. فعندما يقول المتظاهرين أن بشار الاسد يرتكب جرائم ضد الانسانية. يعني أن البشر اللذين اندمجوا به يرتكبون جرائم. لأنه لم نر أن بشار الاسد ذاته ذبح أو دمر أو فجر أي شيء. هذا يعني أن كل من لم يندمج بفخامة حافظ اسد وابنه هو عدو يجب ابادته.
ولذلك عندما يقولون على الفيس بوك وفي الصحافة الاسدية السورية بأن سوريا صامدة ضد الارهابين، يعني أن بشار الاسد صامد ضد من لم يندمج به ويحاول ازاحته. وفي هذه العجالة، وضحنا مامعنى الشعب يريد الدكتور. يعنى أن بشار الاسد يريد نفسه. وقس على ذلك.
فالصحافة الاسدية لاتكذب عندما تقول سوريا الاسد. لأن مسألة الدمج لم ينتبه لها أحد. أو لم يفهما أحد، بل سرت عبر الأيام تجد ضالتها في شخص واحد فقط. ولهذا فأن اي سقوط لبشار الاسد، هو سقوط لسوريا الوطن، وسقوط للدولة، وسقوط للجيش، وسقوط للشعب، و..و كمّل من عندك.
والآن وقبل اجراء الانتخابات الديمقراطية جدا في سوريا الاسد، أعلن أنا أن بشار الاسد هو الفائز برئاسة سوريا مقدما. ليس لأني اتنبأ مثل اليهودي الفرنسي نسترودامس، بل لأن المسرحية الهزلية في الانتخابات تحدد سلفأ أن الاسد المندمج سينتخب نفسه.

#عمر_سعد_الشيباني (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات