أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم الساعدي - ليلة احتضار النور - قصة قصيرة-














المزيد.....

ليلة احتضار النور - قصة قصيرة-


عبدالكريم الساعدي

الحوار المتمدن-العدد: 4424 - 2014 / 4 / 14 - 21:38
المحور: الادب والفن
    


ليلة احتضار النور
-----------------
كانت خطواتي قاتمة في غمرة الليل ، ليلٌ يحكي في السرّ حقيقة فضائح السنين العقيمة التي استطالت فيها ليالي الظلم ، ليالٍ أطعمتنا حزناً وروتنا عطشاً . حدودٌ من ليلة موحشة تحاصر قلقي وأنا أنتظر سماع صراخ مولود يتأهب لعناق أحلامنا ودفء عالمنا المنفي على أعتاب هاجس الفناء ، وسلامة زوجتي التي أرهقتها السنون ، هل سنخلع رداء الخوف والأنتظار ونغنّي فرحاً لدفء هذه الليلة ؟ هل يحقّ لنا أن نفرح تحت أصوات القذائف ورعشة البنادق وأمام عيون مدجّجة بالرعب ، ينزّ منها الموت ؟. شعاع من الأمل يغطي أنين الجراح ، جراح الفقر والعوز ووحشة بيت لم يرَ شعاع ضوء الشمس . كانت تمتلكنا رغبة مرتعشة بنور الفجر وأنشودة المطر حين تلاقينا عند منعطف الحصار وقبل أن تقصفنا الحرائق ، كانت تحمل براءة القرى وأنفاس اليقين ووهج عيون استوطنها الحنان ، يرتعش النسيم عند ظلّ بسمتها ويغفو الهمس فوق رحيق أمانيها ، هيّجت وجدي بعدما أوقدت شموع صبابة الشوق وعزفت تهويمة الهوى على أوتار محاجرالروح . كان كلّ شيء عارياً غائماً إلا أحلامنا المبلّلة بالمطر ، أحلاماً كانت تبرق بصدى الآتي لعلّه يأتي وانتظرنا سنيناً معلقة بالعصيان ، غابت في عيون المدى والخرائب ، تحمل غبار الفناء ، لكنّنا لم نركع لمطلع يشتهي لغة اليأس ، كان الجرح ينمو بين خطانا ، يلامس طرف الوجع ، يلتفّ فاغراً فاه حول صرخةِ روحٍ تشتهي أن يُخلى سبيلها من أغوار بئرٍعميقة . - سأنجب لك طفلاً يروي عطش لهفة العيون لضناها ، غداً سيأتي . وانتظرنا....
كان صوتها يرتعش بجنون الرغبة ، يمتدّ في الآفاق ظلالاَ من الفرح ، يغمر وجه الصمت مواويل عشق تتهادى نحو وجه قمرٍيطوف حول فرحة الغد على رغم الليالي المثقلة بالغربة ، واضطراب الحواس المسلحة بالنعاس . مازال الترقب يأخذ مكاني وأنا أحتضن باقة الزهور ولعبة صغيرة تشهق بطيف يغمض على جدائل ابنتنا المعلقة في قبضة الأنتظار ، يشدّني الفرح الظمآن لضفة الصوت بكل ما لديه من بوح وشوق واشتهاء للثم لحناً اسكره صدى الاحلام وفتنة النجوى ، وحدي أنتظرامتداد الصوت لأني أدركت كيف يحرق الليل وجه القمر بأنين الصبر وأدمع الظمأ ، أطالع الوجوه والنداء وأنا أطارد الثواني المكبّلة بلعنة السكون وصمت المكان . كان الليل طويلاً ملتفّاً بثياب الوحشة والمدينة تتوسد ثرى الخوف ، معلّقة بين عيون الغزاة ، تخمشها يد الموت في طقوس آلهة تمتهن الغواية والهذيان، تبكيها المنايا كلّ يوم وهي تصلب في دهاليز مرعبة بعد أن يذبحها العويل على حافة الرعب والضيم . أغيب في عيون الزائرين ، أتوغل في أسفاري لأختلس ميقات الطيوف كي لا يستبيحني المكان، أحدّق في خيطٍ من نور يتدلى من مصباحٍ معلّق في سقف القاعة يمضي على هدب الفراغ فأغرق فيه ، وقبل أن يغزو جرحي صرير الباب ، استيقضتُ أنفضُ عن أنفاسي رعشة القلق ودوامة الأنتظار أرتّل حلمنا المكتوم، نهضتُ من مكاني ، يأتيني الصوت ممتشقاً وجه الحيرة والإنكسار حين حاصرتني العيون بعطفها ، قالوا:
- إنّها ماتت!
أعتقلني الذهول ، وانتظرتُ الدموع لكنّها لم تأتِ ، كانتِ الدموع تترقرق في عيون الناعي ،امتدّ صمتي وذهولي في حناجر الصدى، صدى لهاثي المهزوم يشيعه الوجع ولوعة الفراق في حواس الغرباء ، وحين لم يعد غير الموت حاضراً أضحت الأحلام تلاشياً ، تعكّزتُ طرف الغياب لألملم الفجيعة ، وانتظرتُ خطواتي لتخوض في مواسم العذاب ، مواسم يلجمها السواد والغربة المميتة ، لقد آن لي أن أعانق جرحي ، لكن ْ من سيشهق بالصراخ عند مدن طريدة أطفأت مصابيح المساء، ابنتي التي تحمل دفء العالم أم زوجتي التي أضنتها جراح المنافي ؟ .
كانت عيناي تدوران بين باقة الزهور وبين لعبة ابنتي الصغيرة.



#عبدالكريم_الساعدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذاكرة معلّقة بصلعة الجحيم _ قصة قصيرة _
- كان الصوتُ ساخراً -قصيدة -
- ثقوب الذاكرة - قصة قصيرة -
- بقايا خطى عابرة - قصيدة -
- ( غرب الخوف ) - قصة قصيرة -
- ( حتّى متى ) - قصيدة -
- ثورة - قصيدة -
- الطريق الى المملحة... أو رسائل الموتى - قصة قصيرة -
- دهشة - قصيدة -
- بعدَ الغياب - قصيدة -
- كإنْ لم تكنْ أنت - قصيدة -
- بينَ الأمسِ والغد -قصيدة -
- أحلام يأبى لها أنْ تكتمل - قصة قصيرة -
- انتبه فقد تسرق الحناجر - قصيدة -
- كان يرتدي جسداً - قصيدة -
- ثمة شيء محبوس في الذاكرة - قصة قصيرة -
- ( الفجر كفيف ) -قصيدة -
- ( حين كانوا أو كنَّ ) - قصيدة -
- عتاب الى مسقط الطفولة ( قصيدة )
- ( صوت ملوّث بالحيرة ) -قصيدة -


المزيد.....




- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم الساعدي - ليلة احتضار النور - قصة قصيرة-