أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم الساعدي - ثمة شيء محبوس في الذاكرة - قصة قصيرة -














المزيد.....

ثمة شيء محبوس في الذاكرة - قصة قصيرة -


عبدالكريم الساعدي

الحوار المتمدن-العدد: 4400 - 2014 / 3 / 21 - 18:34
المحور: الادب والفن
    


( ثمة شيء محبوس في الذاكرة )
------------------------------
ما كنت أدري أنّي دوّنت أنين النزلاء وكبرياء الأمس بعدما لفظتهم لوعة مطوّقة بالإثم ، كما غصن لفظته أزهاره .غربة ، ووحشة ، وعزلة برقت بها سطوح مرايا الشيب ، محمولة على هدب نسائم هبّت من ضفاف دجلة ، كان المكان يوشوش بالصمت والهدوء ،يحلّق في سمائه صراخ يشخب بالوجع ، صراخ يتلاشى في هدأة النسيان، وعيون تقطر دهشة وندم ، مكان اتكأَ فوق عجز نزلائه ... امرأة لم يبقَ منها سوى سحاب عقيم فتشكّل الألم فيها قصائد شوق ، وأخرى ترتعش بدثار الخوف ، خوف من المجهول، وأجسادٌ خاوية مرّ بها المكان أرقاً يبوح بسرّ مكتوم . ثمة رجلٌ ستيني لن يطأ غير حرائق الأمس ، تصالح مع المكان وأعتصم بنافذة وجع يندلق منها كونٌ من أنفاس عالقة بالدفء، فيتبع أثرها. دنوتُ من عالم مشدود بغسق الأمس، يستتر بأوراقٍ تراقص عري خريفٍ مسكون بالغرق ، حاورتهُ حفاةً من ضجيج الغد، جلستُ على ناصية وجعهِ ، قلت :
- ماذا تنتظر من يومك؟ . ففرّ الى نافذة الوجع ، يلتهم مرارة صمته ،فجاءت كلماته من فم ماضٍ يغشاه مدّاً بعيداً :
المقطع الأول ) )
- أمس كنتُ وحدي ، أجلس في ركني العتيق ، أسرد ذاكرتي للاشجار والطيور ،للنجوم والأقمار، لقرار البحر ولنبع ماءٍ صافٍ ،أحلّق في فضاءات الجمال لأحيا وسط أحزاني وآلآمي الجميلة، أبثّ أشجاني لأعتقل لحظة قادمة من المجهول كي تتجعد أمام مرآتي لأسمع صدى بكائها داخل روحي راسمة وجهاً زاهياً بالبهجة والسرور ، طاردتهُ منذ طفولتي . وبعد أن أشحذ من ذاكرتي أجمل اللغات أعبء كلماتي في كتف الصباح ، أغادر جسدي رقصاً وأتوارى خلف الخطوات ،أهيّج أحلامي ، معانقا وهج الرحيل . أطلّ من زحمة الحنين على وحدتي فأستفيق على ملامح وجهها في الفراغ لأشاركها البحث في دوامة الانتظار ، ثمّ أذهب الى أقاصي المنافي لأسقط من غصنِ شجرة دفلى وسط الخراب ، أتدلى فوق عتمة بركان يفور ،
أصرخ بأعلى صوتي :
- لن تموتي ،بل أنا الذي....
نعم أتدلى فوق عتمة بركانٍ يفور وأغرق منسياً هناك .
قلت : وبعد
( المقطع الثاني )
- أمس ، سألتها وأنا لم أعثر عليها بعد :
- هل تستطيعين معي صبراً ؟ قالت : .......
حدّقتُ في أحلامها ، دعوتها الى مرابع صدري الخضراء وهي تطرّز خريف الأيّام بعينين توسدت نعاسها ،صلّينا على عهدٍ جميل وانتفضنا مثل عصفورين بلّلهما القطر ،علا الشوق وغرق نصف العالم في ساحل منفانا . ثمة شيء محبوس في الذاكرة .
- وبعد
( المقطع الثالث )
- امس استيقظ الشوق بين أضلعي ، وهيّجت الذكرى ألوان الطيف فرأيتها تستظلّ بظلال الروح وتصلّي لعدم الرحيل . سألتها :
- أين بريقُ الشوق على محيّاك ؟ . فلم ألمح غير سراب الرحيل على مرآة الضمير. أمس أدركتُ أنّ الوحدة هي كهفي الذي لن يشاركني أحد فيه .
عدت لسؤالي :
- وماذا تنتظر من يومك ؟
( المقطع الرابع )
- اليوم أطلُّ على أمسي لأصطاد وجوهاً غاصتْ في الذاكرة ، في كلماتي ، أراها ولاتراني ،
اليوم أعود لأمسي بعد أن ضاع المكان الشاهد على الهمسات . ثمّ استدرك وكأنّه نسي شيئاً ما :
المقطع ما قبل الأخير ) )
- ما بين الأمس واليوم أدركتُ أنّها مسافة وَهمٍ تنعي بقايا نشيج عاثر برفيف صمت أثقله النعاس ، فتفتحتِ الذكرى وحدة ً ودموعاً في وكناتِ الحزن . قلت له مستغرباً :
- ماالذي يجعلك تعتقد أنّها مسافة وهم ؟ ابتسم ابتسامة شفيفة ، وقال :
- يا صاح ، وهل يوجد بينهما برزخ ؟
- أتعني أنّهما لايلتقيان ؟ بدا مستغرباً لتساؤلي :
- كيف ؟ ويومي أمسي... أمسي حاضرٌ دوماً ، إنّها أقدارنا .ولم أفهم شيئاً ، ولكنّي على يقين : ثمّة عجزة خارج أسوار المبنى .
(المقطع الأخير )
ثمة شيء محبوس في الذاكرة .




#عبدالكريم_الساعدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ( الفجر كفيف ) -قصيدة -
- ( حين كانوا أو كنَّ ) - قصيدة -
- عتاب الى مسقط الطفولة ( قصيدة )
- ( صوت ملوّث بالحيرة ) -قصيدة -
- مرآة - قصيدة -
- خطوات عالقة بصدأ الأرصفة - قصة قصيرة -
- عندما كنت هناك ( قصة قصيرة )
- صراخُ منسيّ فوق أرصفة الخواء- قصة فصيرة -
- السيد الجُرذ
- لحظة ناسفة - قصة قصيرة


المزيد.....




- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم الساعدي - ثمة شيء محبوس في الذاكرة - قصة قصيرة -