أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم الساعدي - ( غرب الخوف ) - قصة قصيرة -














المزيد.....

( غرب الخوف ) - قصة قصيرة -


عبدالكريم الساعدي

الحوار المتمدن-العدد: 4414 - 2014 / 4 / 4 - 00:57
المحور: الادب والفن
    


غرب الخوف
---------------
الواحة منطقة جميلة تغفو على أكتاف الأين ،تحتضن القادمين بعطر أنفاسها ،أديم أرضها يزهو بعبق الماضي ، النور ينزلق فوق أغصان الزهور وحقول الفرح ..الصباحات ترسم ابتسامات محبة على شفاه أبنائها إلا إنّ أخواتها الواقعة إلى غرب الخوف تعرَّن لربيع موهوم ،يندفعْنَ اليه ،يغرقْنَ وسط الخراب ..الخريف يشيخ ، يلتهم الفصول ،يعشّش ، يفقس مسوخاً و جثثاً.. يلّوح بسيف يبرق ب(اسم الله ) ، يغتال رقاب النخيل والتفاح ،لأنها مصدر الفساد ، مصدر ( العرق والنبيذ ).. يسلخ ثياب النساء ..يغتال أغاني الصبايا .بيارقهُ يعلوها غرابُ قابيل ، تزحف الغربان من غرب الخوف ، أسراب الجراد القادمة من صحراء الرعب تدبُّ دبيب النمل الأسود في ظلام بحرٍ ميّت ، تتقدمها ثقوب ، تتدلى أمامها لحى تقبّلُ عورة التاريخ شغفاً بها ،تاركين مؤخراتهم يصفعها ريح
الخزي ، مقابر الوجوه المحتقنة بالصراخ تبتلع قرابين جنون الاساطير، تاركة مدناً مستلقية على ظهرها ، تكركر من هول الأغتصاب ، نتؤات المقابر تبرز أمام الحقول الخضراء الوجوه تعلوها الحيرة حين تراءى لها سقوط الخنادق ، واقتحام حصونهم ، البيوت الصامتة تدكّها موجة من الحقد لتتركها أنقاضاً تسبح تحتها أرواح أطفال ونسوة ، مواء الألم يعلو جراح الصمت ، الواحة الغافية على أكتاف الأين تنذر بشؤم الغربان ، يستفزّها الظلام ، يطرق بابها عطش الموت ،يَهبُّ أبناؤها لحفر الخنادق، تمتلأ
باحات البيوت بحديث العزلة...يطوّق أحلامهم رعب السيوف وبشاعة الغد ، يمتدّ الليل بخراب الحقول ، يبقر بطن الصباح ، الكلاب تفقد ذيولها ، القطط تختبيء خلف الحطام ، الناس في حيرة من أمرهم ،الكلُّ يبحث عن أثر الكلّ ، طفلةُ تتعلق بثوب أبيها
الحامل ماتبقى من عطف أمها ، يغادر المكان ..يأتي المساء ولم يعدْ :
- أين أبي، وأمي..؟. صوت أخيها المهضوم يواسيها :
- في المشفى، سيعودان عن قريب .
سقطت أحلامها على أسئلة لاجواب لها . أفلَ كلُّ شيء إلا وجهَ أمّها وصوتَ أبيها..في كلّ صباح لاترى غير الخراب ووجوه كالحة تفترسُ زينة الواحة . الأيامُ..الشهورُ المنسلخةُ من زمنهم لم تقدم لهم تفسيراً عن هذا الضجيج القابع فوق صمت الواحة! ،الكلّ يتعثر بأخبار من هنا وهناك حول مصير الأسلاك الشائكة وحدود الجوع والموت ، وفي منعطف عامٍ من الهوان ، يتسلّل نورٌ من خلف المدن البعيدة يشقّ ظلمة القهر وعفونة المسوخ المرتسمة فوق عهرِها أجسادُ الضحايا ، عيونُ الطفلة تترقرَقُ بأمل اللقاء ، صهيلُ الأمل يغزو شهواتِ هوام الصحراء ، أوكارهم تتهاوى أمام القذائف الاتية من خلف الأسوار ، يتساقطون كما الذباب حول موائدِ القمامةِ ، تبتسمُ الطفلةُ بوجه أخيها:
- مازالَ لواحتنا موطيءُ قدمٍ للحياةِ...يمضي ضجيجُ الظلمةِ مخلفاً تجاعيد الخراب...ويبقى اللقاءُ.



#عبدالكريم_الساعدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ( حتّى متى ) - قصيدة -
- ثورة - قصيدة -
- الطريق الى المملحة... أو رسائل الموتى - قصة قصيرة -
- دهشة - قصيدة -
- بعدَ الغياب - قصيدة -
- كإنْ لم تكنْ أنت - قصيدة -
- بينَ الأمسِ والغد -قصيدة -
- أحلام يأبى لها أنْ تكتمل - قصة قصيرة -
- انتبه فقد تسرق الحناجر - قصيدة -
- كان يرتدي جسداً - قصيدة -
- ثمة شيء محبوس في الذاكرة - قصة قصيرة -
- ( الفجر كفيف ) -قصيدة -
- ( حين كانوا أو كنَّ ) - قصيدة -
- عتاب الى مسقط الطفولة ( قصيدة )
- ( صوت ملوّث بالحيرة ) -قصيدة -
- مرآة - قصيدة -
- خطوات عالقة بصدأ الأرصفة - قصة قصيرة -
- عندما كنت هناك ( قصة قصيرة )
- صراخُ منسيّ فوق أرصفة الخواء- قصة فصيرة -
- السيد الجُرذ


المزيد.....




- التشكيلي سلمان الأمير: كيف تتجلى العمارة في لوحات نابضة بالف ...
- سرديات العنف والذاكرة في التاريخ المفروض
- سينما الجرأة.. أفلام غيّرت التاريخ قبل أن يكتبه السياسيون
- الذائقة الفنية للجيل -زد-: الصداقة تتفوق على الرومانسية.. ور ...
- الشاغور في دمشق.. استرخاء التاريخ وسحر الأزقّة
- توبا بيوكوستن تتألق بالأسود من جورج حبيقة في إطلاق فيلم -الس ...
- رنا رئيس في مهرجان -الجونة السينمائي- بعد تجاوز أزمتها الصحي ...
- افتتاح معرض -قصائد عبر الحدود- في كتارا لتعزيز التفاهم الثقا ...
- مشاركة 1255 دار نشر من 49 دولة في الصالون الدولي للكتاب بالج ...
- بقي 3 أشهر على الإعلان عن القائمة النهائية.. من هم المرشحون ...


المزيد.....

- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم الساعدي - ( غرب الخوف ) - قصة قصيرة -