أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حازم شحادة - دكتوراه














المزيد.....

دكتوراه


حازم شحادة
كاتب سوري


الحوار المتمدن-العدد: 4395 - 2014 / 3 / 16 - 08:57
المحور: الادب والفن
    


منحت نفسي مؤخراً شهادة الدكتوراه في إلقاء اللوم على الآخرين فأصبحت بالتالي دكتوراً مختصاً بهذا المجال
أفكر في مراسلة جامعات العالم المتقدمة كي أقوم بتعليم هذا الاختصاص بطريقة أكاديمية ممنهجة توصل الأفكار بطريقة علمية لا غبار عليها وتمكن الطلبة والمهتمين من إتقان هذا النوع من المعرفة بحرفية عالية
أدرك أنني لست الوحيد على سطح الكوكب الذي يبرع في إلقاء اللوم.. لكنني بلا شك.. الأفضل
بدأ هوسي هذا منذ فترة بعيدة.. مذ بدأ عقلي يفكر.. طبعاً لا تغرنكم كلمة (يفكر).. فتحسبوا أنها للدلالة على فكر عظيم أو شيء خلاق.. أبداً.. يفكر هنا آتية من آلية العمل الروتينية للدماغ ولا علاقة لي بها من قريب أو بعيد.. مجموعة من السيالات العصبية المتنقلة بإدارتها الذاتية فقط
أنا ألقي اللوم على الله في كل شيء لا يعجبني.. عندما أغضب ألومه.. عندما أحزن ألومه .. عندما يصيبني الأرق ألومه.. عندما أتعامل مع أشخاص لا أطيقهم ألومه.. عندما أكره الطقس ألومه .. على الفقر ألومه.. على الاغتراب ألومه.. ألوم الله كثيراً لدرجة أنني أعتقد أن كلامه (لا أقسم بالنفس اللوامة) موجه لي.. لكنني رغم ذلك.. ألومه.
ترعرعت على إلقاء اللوم أيضاً على أبي.. فأنا ألومه لأنه لم يحسن العمل كي يؤمن حياة مادية أفضل له وللعائلة.. ألومه على فرص أضاعها من بين يديه فذهبت هباء منثورا.. ألومه على حزن أمي.. ألومه على أيام كان يجب أن نمضيها سوية لكنه أضاعها بطريقة تفكيره المتخلفة.
براعتي في إلقاء اللوم تخطت كل ما سمعتم به من قبل.. فأنا مدهش في إلقاء اللوم على نفسي أيضاً.. ألومها على عدائها لي وإصرارها الغريب أن تكون ضدي.. على انصرافها للتفكير بأمور مقيتة.. على وحدتها القاسية التي فرضتها علي فتحولت إلى كائن لا يستطيع الاندماج مع الآخرين نهائياً.. مؤخراً تحول عدم الاندماج هذا إلى احتقار يظهر أحيانأً في تعابير وجهي عندما يحدثني أحدهم.. ألوم نفسي على كل المواهب التي لا أتمتع بها..
بصراحة.. كان بودي أن أكون ساحراً.. أخفي الاشياء الكبيرة من أمامكم.. أقطع رجلاً نصفين ثم أعيد وصله دون أن يتأثر.. أطير في الهواء مثل سوبرمان مع كامل قوته.. أخترق الجدران من غرفة إلى غرفة.. أشعل النيران بأصابعي.. أنزع ملابس النساء دون أن ينتبهن.. ساحر بكل ما للكلمة من معنى.. لكنني لست ساحراً.. ولا نصف ساحر.. ولا حتى ربع ساحر.. من الآخر.. لا علاقة لي بالسحر نهائياً.. لا بل إن ما يتعلق بـ (الكاريزما) يكاد يكون معدوماً هو الآخر عندي.. هل تذكرون جان باتيست جرونوي.. لقد كان بلا رائحة مميزة لجسده على الرغم من قدرته الخارقة على استنشاق العطور وروائح أجساد النساء.. هكذا أنا.. بلا رائحة مميزة لجسدي.. ولا حتى لروحي..
فيما يتعلق بالنساء أنا أيضاً ألقي اللوم عليهن.. كيف يستطعن رؤيتي دون أن يمارسن الجنس معي.. لماذا يردن مني أن أبادرهن الحديث.. ليتمتعن فيما بعد بالرفض.. لن أتحدث مع إحداهن.. فليكن معلوماً ذلك بالنسبة إليكن.. يومأً ما ستأتين زاحفات إلي وسأنتقي منكن من تعجبني.. وإن لم تفعلن.. سأواصل إلقاء اللوم.. نعم إنه تهديد.
لقد طورت فن (إلقاء اللوم) ليصبح علماً قائماً بحد ذاته.. ولي وحدي حقوق الملكية.. غداً عندما أقوم بتدريسه في جامعات كامبريدج وإكسفورد وجورج تاون وهارفورد.. ستنهال العروض علي من كل حدب وصوب لإجراء الحوارات التلفزيونية.. وسأتغنج.. على هذه المحطة سأظهر.. على تلك لا... مع مقدم البرامج هذا سأتحاور.. مع ذاك لا.. مع مذيعة النشرة الجوية هذه سأنام.. مع تلك لا.. وهكذا..
لا تيأسوا.. من يدري.. ربما إن واظبتم على إلقاء اللوم قد تحرزون مركزاً متقدما مثلي.. المهم.. لا تيأسوا.. ثابروا واجتهدوا وألقوا اللوم دائمأً.. هذه الحياة بحاجة للمجانين أمثالنا.. صحيح أنني لا أعلم ما هي الحاجة إلينا تماماً.. لكن الأمر لا يقف عند ذلك.. اقنعوا أنفسكم أنها بحاجة وكفى..



#حازم_شحادة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صعود المطر
- مطرُ الشام
- في صلنفة بين الأغنياء
- رِهَانُ الشِّعر
- في بيتِ لميا
- قصيدةُ حُبٍّ لدمشق
- يا ماريا
- تركتُ يدَ أمّي لأَجلِك
- كلُّ البلادِ بلا حضوركِ كالملاجئ
- مسعد يا تنور
- صاعقة
- لا أحبُّ التفاصيل
- يوغا
- الأول على مستوى الجمهورية
- مين سمير؟
- ما تبقّى في قعر الزجاجة
- أوراقٌ.. نساء
- نافذة باردة
- رسالة إلى امرأة تشبه الشتاء
- بائع الدخان


المزيد.....




- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- أبحث عن الشعر: مروان ياسين الدليمي وصوت الشعر في ذروته
- ما قصة السوار الفرعوني الذي اختفى إلى الأبد من المتحف المصري ...
- الوزير الفلسطيني أحمد عساف: حريصون على نقل الرواية الفلسطيني ...
- فيلم -ذا روزز- كوميديا سوداء تكشف ثنائية الحب والكراهية
- فيلم -البحر- عن طفل فلسطيني يفوز بـ-الأوسكار الإسرائيلي- ووز ...
- كيف تراجع ويجز عن مساره الموسيقي في ألبومه الجديد -عقارب-؟
- فرنسا تختار فيلم -مجرد حادث- للإيراني بناهي لتمثيلها في الأو ...
- فنانة تُنشِئ شخصيات بالذكاء الاصطناعي ناطقة بلسان أثرياء الت ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حازم شحادة - دكتوراه