أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حازم شحادة - نافذة باردة














المزيد.....

نافذة باردة


حازم شحادة
كاتب سوري


الحوار المتمدن-العدد: 4381 - 2014 / 3 / 2 - 10:05
المحور: الادب والفن
    


من هواياتي المفضله بعدَ منتصفِ الليل مراقبة النوافذ.. خلف كل واحدة منها حكايات وقصص... أطالعُ في العمارات المقابلة لشقتي عشرات النوافذ.. تلك التي تدخلك إلى المطبخ.. وأخرى تولجك إلى صالون المنزل.. ونوافذ تأخذك في جولة إلى غرف تستخدم كمخازن.. أجمل النوافذ تلك التي تتعلق بغرف النوم وجميعها مغطاة بستائر..
يستطيع عقلك الذهاب بألف رحلة إلى ما يحدث هناك.. في كل مساء عندما يكون الطقس مواتياً.. أطل من شرفتي على هذه النوافذ وأنا أشرب كأس متتي وأدخن سجائر ( القشق(
نافذة كبيرة واحدة لم أرها مضاءة مذ سكنت هنا.. دائماً تكون معتمة لا حياة فيها بينما بقية النوافذ تشع منها الأضواء سواء أكانت مغطاة بستائر أو لا.. ورويداً رويداً تنطفئ لتخلد ويخلد أصحابها للنوم.. فالنوم سلطان..
في أحدى الأمسيات وكنت عائداً للتو من سهرة مع بعض الأصدقاء.. وبعد أن أخذت حماماً سريعاً خرجت إلى الشرفة كي أدخن سيجارة فشد انتباهي مباشرة الضوء القادم من تلك النافذة المهجورة.. يظهر فيها سرير وسيع.. وطاولة صغيرة إلى جانبه.. في الزاوية خزانة ملابس وعلى السرير يوجد ( لابتوب) مع سماعة أذنين..
ما هي إلا دقيقة أو دقيقتان حتى تقدمت من السرير فتاة ترتدي شورتاً حريراً قصيراً.. وما يشبه القميص الداخلي.. جمدت في مكاني لثوانٍ.. راقبتها وهي تجلس على السرير وتضع السماعات على أذنيها وتتحدث...
ظهر الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا.. بلمح البصر أطفأت أضوية الشقة كلها.. سخنت أبريق الماء.. جهزت كأس المته وجلست أراقب..
يا سلام.. لا بد أن نيتي كانت صافية حتى أرسل الله لي هذه الجارة.. ها هي تجلس شبه عارية على سريرها وتتحدث إلى أحدهم على النت.. ثم طردت هذه الفكرة من رأسي.. ما دخل الله ونواياي الصادقة في هذا.. لو أن الأمر كذلك لكان عندي قبيلة أطفال من السيدة المحترمة كرستينا أغيليرا..
خلعت شبه القميص الداخلي.. خلعت حمالة نهديها.. ثم اعتدلت أمام شاشة ( اللابتوب) وراحت تداعب جسدها..
خرج الدخان من أذنيّ كما يخرج من مدخنة قطار يعمل على الفحم.. هل حقاً هذا يحدث أمامي في بث حي ومباشر أم أن في الأمر خيال.. لا والله.. إنه يحدث أمامي..
ثم أدخلت يدها في مكان ما تحت ( شورتها) وقضي الأمر..
بعد ربع ساعة أطفأت نور الغرفة ونامت.. ( ومنين يجيني النوم؟)
مددت رأسي لأتأكد إن كنت الوحيد الذي تابع هذا الفيلم الحماسي من سكان العمارة فلم أجد أحداً على شرفته.. حمدت الله ودخلت لأنام..
وهكذا.. صار عندي موعد مع هذه الجارة العزيزة كل يوم بعد منتصف الليل.. أنا أجلس على الشرفة وهي تتعرى أمامي وتمارس عادتها السريه ( ليس بالنسبة لي على الأقل).. ولا أنكر أنني فكرت أن أنتظرها عندما تخرج نهارا.. ولكن ماذا سأقول لها؟ مرحباً عزيزتي.. أنا جارك الذي يراك يومياً تداعبين جسدك.. أقدم لك خدماتي في تحمل هذا العبء عنك؟
سيكون من الحماقة أن أكشف نفسي لها بأي شكل كان.. ماذا لو لم تكن عاهرة؟ ماذا لو أن الشخص الذي تتعرى أمامه على شاشة الكومبيوتر حبيبها في بلدها؟ ماذا سأستفيد أنا؟ لا شيء سوى انتهاء عرض الفيلم وتنبيهها إلى أن زجاج النافذه المخفي ينفع فقط في النهار.. أما مساء فلا بد من الستارة.. وهكذا ستضع ستارة وأخسر أنا..
حافظ على الوضع كما هو عليه أيها الأبله.. قلت لنفسي.. حتى أنني كنت أحياناً استمع لعبد الحليم وهي تمارس نشاطها القيّم.. وأحياناً لأم كلثوم... مرة استمعت إلى هاني شاكر وصادف نشوتها مقطع من أغنية له يقول فيها ( مش أنا.. مش أنا).. ورحت أردد وراءه بينما كنت أراقبها.. مش أنا.. مش أنا هو اللي اختار...
الأشياء الجميله في هذه الحياة لا تدوم طويلاً.. بعد أقل من شهر.. وكنت قد جهزت ( القعدة) وعدة المته مع السجائر... تجاوزت الساعة الواحدة ليلاً ولم تظهر.. الثانيه.. ولم تظهر... الثالثة ولم تظهر.. قلت لنفسي..( الغايب عذرو معو)
في اليوم الذي تلاه.. لم تظهر.. وفي اليوم الذي بعده.. لم تظهر... رحلت جارتي العزيزه... دون أن تعرف أنها قدمت لي خدمة لن أنساها مدى الحياة... فقصص كهذه لا تحدث كل يوم،.. أن تشاهد امرأة على طبيعتها تمنح الجمال لكل شيء حولها لمجرد أنها تمارس أنوثتها فحسب..
لا ضوء يأتي من النافذه المقابله... لقد عادت كما كانت....( نافذة بارده).



#حازم_شحادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة إلى امرأة تشبه الشتاء
- بائع الدخان
- مع باولو كويللو في الصحراء
- مصطفى الأعور
- لا أشرب المتة مع الرئيس
- هذه ليلتي
- إغواء
- عطر امرأة
- معاون شوفير
- أثر الفراشة


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حازم شحادة - نافذة باردة