أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حازم شحادة - يا ماريا














المزيد.....

يا ماريا


حازم شحادة
كاتب سوري


الحوار المتمدن-العدد: 4388 - 2014 / 3 / 9 - 12:48
المحور: الادب والفن
    


الحركة الغريبة التي شعرت بها أجفلتني ودفعتني للقفز بأربعتي من نومي.. التفت لأرى المصدر فشاهدت طائر نورس يطير مرتعباً هو الآخر..ريثما استجمعت تركيزي أدركت قليلاً ما حدث.. كوني أنام على بطني ولا أستطيع النوم إلا هكذا رآني هذا النورس خلال تحليقه قرب الشاطئ مع بزوغ الفجر واعتقد أن باستطاعته الاستراحة قليلاً على جسدي.. ربما اعتبره جذع شجرة أو شيئاً آخر.. هذه واحدة من مساوئ النوم على رمال البحر.. حملت فراشي الصغير والغطاء ثم توجهت إلى خيمتي كي أواصل النوم لكني لم أستطع..
البحر لم يستيقظ بعد.. ها هو يمتد أمامي كسماء لا تشوبها شائبة.. المياه رائقة وصافية حد الدهشة.. لعل من المفيد أكثر أن أذهب للبحث عن بعض الكنوز الصغيرة التي قد يكون المصطافون قد فقدوها خلال السباحة ( خواتم. عقود، أموال.. نعم أموال لا تستغربوا.. مرات كثيرة كنت أعثر على أوراق من فئة المائة ليرة والخمسين، حتى أنني مرة عثرت على ورقتين من فئة الخمسمائة ليرة واعتبرت نفسي يومها محظوظاً)، حملت نظارة الماء (الفرنيسة) وخرطوم الهواء ونزلت البحر.
كنت قد حفظت تضاريس القاع لمسافة تقارب الكيلو متر عرضياً لكثرة خوضي في المياه.. العمق لا يتجاوز الأمتار الثلاثة قرب الشاطئ ومع صفاء المياه لا صعوبة أبداً في مسحها للبحث عن الكنز.. الغطس ومعاينة الصخور تحت الماء ينقلك من عالم إلى عالم.. وهذا ليس تعبيراً مجازياً بل حقيقة واقعة.. فأنت تنتقل من عالم الهواء والأوكسجين والتأثير الفعلي للجاذبية إلى عالم آخر لا مكان فيه للهواء كي تتنفسه لكنه مليء بالكائنات الحية التي لا تجد أي صعوبة في استخراج الأوكسجين من الماء والعيش بشكل طبيعي كما أن الجاذبية ( صاحبتو لنيوتن ما غيرو) يخف تأثيرها بطريقة رائعة تمنحك إحساساً غريباً بالحرية والقدرة على التحليق..
أجل إنه التحليق.. هذه المسافة بين قاع البحر وسطحه..تستطيع أن تطير فيها ولا أخفيكم سراً.. عندما أقوم بضرب قدمي بقاع البحر كي أصعد للأعلى وأنا أنظر صوب السطح ينتابني إحساس قد يكون وصفه بكلمات أمراً عصياً.. أفرد ذراعي كنسر ثم أترك لدافعة أرخميدس أن تقوم بدفعي للأعلى كي أملأ رئتي بالهواء بعد أن أكون قد بحثت بين الصخور عن خاتم ذهبي أو فضي.. عن سلسلة فضية أو ذهبية.. عن أي شيء فضي أو ذهبي.. فلم أجد.
على هذه الحال بقيت ساعتين.. وقبل أن أخرج من الماء لمحت بين صخرتين كبيرتين بريقاً فسال لعابي وملأ خرطوم المياه.. نفخت بقوة لأخرجه مع ما تسرب إليه من بعض المياه واتجهت صوب البريق.. كي أطفي ما نشب في لهفتي من حريق.. كما تعلمون الألماس طريق مضمون للوصول إلى ما بين ساقي المرأة.. ولا بأس أن أمشي على هذا الطريق.. (يا رب تكون قطعة محرزة) هكذا رحت أبتهل للعلي القدير وأنا أغطس صوب القطعة الثمينة.
هل من المعقول أن يكون خاتم ألماس.. أم لعلها سلسلة ذهبية.. كم جميل أن تكون من عيار 24.. يا سلام سأبيعها بمبلغ رائع وأشتري قميص (هاواي) وشورت (هاواي) وقبعة (هاواي) وأتمختر بين المصطافات الحسناوات مع اللون البرونزي الذي أكسبتني إياه الشمس.. الشاليه جاهزة والسرير جاهز والعرق جاهز.. (والله لأعمل وفظع فيكي أيتها السائحة الجميلة) صبرك علي ريثما أنتزع كنزي الثمين من براثن الأعماق..كنت أحدث نفسي بينما أصل إلى الجائزة المرجوة لكن شيئاً اصطدم بساقي فارتعبت
كما تعلمون.. ليس من المحبذ أن يفاجئك شيء وأنت في الماء.. خاصة إن كنت لا تراه.. التفت بسرعة لأرى ما الذي ارتطمت به وإذ أشاهد قنديلأً بحرياً يتجاوز حجمه بطيخة كبيرة فهرعت إلى السطح وأنا أتوقع احتراق المنطقة التي لامسته من ساقي.. قنديل البحر مخلوق أبيض بشكل عام يشبه رأسه (الفطر) ولكن على شكل أكبر في مؤخرة هذا الرأس توجد استطالات هلامية تفرز مادة فوسفورية حارقة تدفع من تصيبه للعواء من الألم.. وهذا ما رحت أفعله..
من أين جاء هذا الأرعن اللئيم.. حاولت ألا أبتعد عن المكان الذي شاهدت البريق فيه.. إصبر على الألم قليلاً وعد إلى القاع فلربما كانت ضربة القنديل هي الضريبة التي وضعها البحر للحصول على هذا الكنز الثمين.. لا بأس إن كان الأمر كذلك.. ساصبر على ضربتك اللعينة يا ابن اللعينة وأحصل على الذهب رغماً عن أنفك.. ليس لك أنف.. حسناً رغماً عن فوسفورك الحاقد.. غصت من جديد فرأيت القنديل تتقاذفه التيارات التحتية فابتعدت عنه واتجهت صوب هدفي المنشود.. ما زلت قادراً على رؤية البريق المنعكس بفعل أشعة الشمس.
تشبثت بالصخرة على عمق مترين ونصف واقتربت من القطعة الثمينة وإذ بها ليرة سورية معدنية أصابها الصدأ جراء بقائها في المياه المالحة فترة طويلة من الزمن.
خرجت من الماء بعد جهد ساعات ثلاث من الغطس والسباحة بضربة حارقة من قنديل البحر وليرة سورية صدئة ينطبق عليها القول (أكل البحر عليها وشرب)
غسلت جسدي بمياه عذبة باردة ثم قمت بتسخين الإبريق ووضعت فيه بعض النعناع لأشرب المتة لكن إيماني بأنني يوما ما سأجد الكنز لم يتزعزع.. يومأً ما سأجده.. لا شك سأجده.. طريق المليار ليرة يبدأ بليرة.. حتى وإن كانت صدئة.. تمددت تحت أوراق النخيل على الأريكة القديمة.. وأحسب أن النوم قد سرقني لأحلم بماريا.. تلك الفتاة الجميلة التي يعشقها البحارة جميعاً لكنها لا تكترث إلا بأولئك الشجعان أصحاب الكنوز.. رأيت في المنام أنني صاحب الكنز وقد وقعت ماريا في غرامي.. وفيروز تغني لنا.. يا ماريا... يا مسوسحة القبطان والبحرية يا مسوسحة القبطان



#حازم_شحادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تركتُ يدَ أمّي لأَجلِك
- كلُّ البلادِ بلا حضوركِ كالملاجئ
- مسعد يا تنور
- صاعقة
- لا أحبُّ التفاصيل
- يوغا
- الأول على مستوى الجمهورية
- مين سمير؟
- ما تبقّى في قعر الزجاجة
- أوراقٌ.. نساء
- نافذة باردة
- رسالة إلى امرأة تشبه الشتاء
- بائع الدخان
- مع باولو كويللو في الصحراء
- مصطفى الأعور
- لا أشرب المتة مع الرئيس
- هذه ليلتي
- إغواء
- عطر امرأة
- معاون شوفير


المزيد.....




- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حازم شحادة - يا ماريا