قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 4364 - 2014 / 2 / 13 - 19:59
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
عبودية مُعولمة حداثية .
دُعيتُ الى حفلة زفاف في الأُردن ، وكانت المُصاهرة بين عائلتين من العائلات الغنية بل وأجرؤ على القول بأنها عائلات غنية . وفي احدى زوايا القاعة الفخمة الكائنة في فندق فخم ، تككات مجموعة من عاملات المنازل ذوات الأُصول الهندية ، النيبالية والسيلانية ، وكانت مهمتهن هي الاعتناء بالأطفال الرُضع الذين شارك أهلوهم في حفل الزفاف والذي كان فخما بدوره .
واحقاقا للحق ، فقد كان من حق هؤلاء السيدات أن يتناولن من الوجبات المعروضة ولم يتم "حرمانهن" من أي شيء في حفلة الزفاف . أما لماذا تمت دعوتي وما هي علاقتي فقد أكتب عن ذلك في مُناسبة أُخرى .
وذات يوم دار حديث عن مُساعدات البيوت ، فقالت احدى النساء التي تستخدم واحدة منهن ،بأنهن يتقاضين رواتب جيدة ، مما أثار حفيظتي وقلت مُحتدا : " تخيلي نفسك ، تتركين عائلتك لفترة عام على الأقل ،لأنك لا تجدين مصدر رزق في بلدك ، هل كُنت تعتبرين الأُجرة التي تتقاضينها كبيرة ، أم أنك تستحقين مُقابلا أكبر ؟؟!!
صمتت السيدة وزميلاتها ولم يُحرنَ جوابا ..
لا يقتصر الأمر على عاملات المنازل واللاتي يحظين ، على الأقل ، مقارنة بالمُهاجرين الغير شرعيين بسرير ووجبة ، وكثير من الاضطهاد والإهانة كذلك ..!!
لكن لا يقتصر الأمر على العمالة المُهاجرة وغير الشرعية ، بل أرغب في طرح موضوع استيراد العمالة لمشاريع كُبرى تُنفذها بعض الدول .
فإمبراطورية قطر التي حصلت على "شرف" استضافة بطولة كأس العالم عام 2022 ، والتي تستعد لهذه الاستضافة ببناء الملاعب والمنشآت الرياضية الأُخرى ، تستورد عمالة أجنبية رخيصة ، ولا تُكلف نفسها عناء توفير سُبل الأمان لهم .
فالمُقاولون الذين يبحثون عن الربح السريع والتنفيذ السريع ، لا تهمهم صحة وحياة هؤلاء العمال ، والذين لولا الحاجة لما كانوا سيتركون بلادهم وأوطانهم بحثا عن لقمة الطعام .
وتقول التقديرات بأن عاملا واحدا يوميا ، يلقى حتفه في هذه المشاريع ، وحساب الضحايا المُتوقع ليس بالصعب ، ولم نسمع الصرخات تتعالى على هذا الانتهاك الصارخ لشروط الامان في مواقع العمل ، فهؤلاء العمال لا تقف خلفهم نقابات قوية تُدافع عنهم وعن حيواتهم .
تروي كُتب التاريخ عن وفاة الالاف في بناء الاهرامات سابقا ، وعن موت الالاف الذي حفروا قناة السويس ، وبالتأكيد فالملايين لاقوا حتفهم في مشاريع انشائية عملاقة على مدى الأزمان .
لكننا ننسى بأن هذا هو جزء من التاريخ ، فقد تم إلغاء العبودية ، لكن الجشع الرأسمالي لا يهتم بهذه الحقيقة ، وما يهمه هو الربح والربح السريع ولو تم تقديم الاف الضحايا والقرابين على مذبح طمعه الذي لا يشبع ..!!
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟