|
هل هنالك أمل ؟
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4344 - 2014 / 1 / 24 - 10:07
المحور:
المجتمع المدني
قالَ لي : ... كما تعرف ، عشتُ سنيناً طويلة في ألمانيا . وكان يصدف في مراتٍ نادرة ، أن يقوم شخصٌ ما بِمُحاولة تجاوز " الطابور " ، أو " السِره " كما نطلق عليها هنا .. فتقومُ عليهِ القائمة .. ويُمنَع ويُنتَقَد بِشدة .. ليسَ من قِبل الذي أخذ دَوره ، فحسب ، بل ان الجميع يشتركون في وقفهِ عند حدّه وإفهامه ، ان ما حاولَ القيام به خطأ ، ولا يمكن السماح بهِ ! . أما هنا ، فبدءاً من الدوائر الحكومية ، الى المستشفيات ، الى عيادات الأطباء والصيدليات ، الى المحلات التجارية .. فهنالك دائماً ، مَنْ يتجاوز على حقوق الآخرين ، ويستولي على أسبقيتهم ، من غير وجه حَق .. والمُصيبة ، انه في العادة ، لايعترض صاحب الحَق المهضوم .. أو رُبما يتمتم بعباراتٍ خافتة يكاد لايسمعها أحد ! . تسألني ، لماذا نحنُ مُتخلفين ؟ ولماذا الآخرين أحسن مِنّا ؟ يا سيدي ، ليسَ فقط الألمان ، بل حتى رُبما مجتمعات مُدن الأقليم الاخرى ، أفضل مِنا في هذا الصدد . قبل يومَين ، كنتُ جالساً في إستعلامات إحدى الدوائر الهامة هُنا ، في إنتظار دَوري لمُقابلة المُدير .. وسرعانَ ما هّبَ مسؤول الإستعلامات واقفاً ، ورَحبَ بشخصٍ كان قد جاء لِتّوهِ ، رحبَ به بحرارةٍ ، بل كادَ ان يُقَبِل يده ! . قالَ الشخص : هل المدير موجود ؟ طبعاً أيها الكبير .. ورافقهُ بتذّلُل وفتح له باب غرفة المدير . قلتُ له : ألَمْ يكُن دوري لمُقابلة المُدير ؟ كيف تُدخِل شخصاً آخر وأنا أنتظر منذ رُبع ساعة ؟ قال : يا أخي ، ألم تعرفه ؟ أنه ( فلان الفلاني ) ! . قلتُ بعصبية وبصوتٍ مُرتفِع : كيف تعطيه دَوري وبأي حَق ؟ أليسَ هنالك نظامٌ هنا ؟ حاولَ الموظف تهدئتي .. فقلتُ له : يا أخي أنتَ وأمثالكَ من المتملقين ، تصنعون فلان الفلاني وعلان العلاني ، لو طلبتَ منه الجلوس وإنتظار دورهِ أسوةٍ بنا .. وكذلك فعل الآخرون في الدوائر الأخرى .. لِما تجرأ وخالفَ الأنظمة ، بهذه البساطة ! . إلتفّتُ الى بعض المُراجعين الذين كانوا جالسين في الإنتظار وقلتُ لهم : لماذا أيها الأخوة ، لم يعترض أي واحدٍ فيكم ؟ أنكم بهذه السلبية ، تُشجعون أمثال فلان الفلاني لكي يتجاوز على حقوقكم ، وتشجعون أمثال موظف الإستعلامات هذا ، كي يتمادى في إنتقائيته الفجة وتملقهِ للآغوات والمتنفذين ! . قالَ أحد هؤلاء المراجعين " لكي يُؤكِد سلبيته من دون أن يقصد " : وما الفائدة من الإعتراض ، كُنا دائماً هكذا وسنبقى ! . تشّجَع موظف الإستعلامات ، وقال لي : ماهذه الفوضى التي تُحدثها ؟ ثم مَنْ أنتَ حتى تُعّلمني شُغلي ؟! .. في هذه الأثناء خرج فلان الفلاني ، فسارعَ المتملق لتوديعه مُنحنياً قدر الإمكان .. وتوجهتُ أنا الى غُرفة المُدير . وبعد ان أتممتُ ما أتيتُ من أجلهِ أصلاً .. أخبرتُ المُدير بما جرى في الإستعلامات ، وسوء تَصّرُف الموظف .. إبتسمَ المُدير قائلاً : يا سيدي .. أن الأمر بسيط ولا يستحق النرفزة .. أنا نفسي نهضتُ لإستقبال السيد فلان الفلاني وإنحنيتُ له أيضاً ! .. في الوقت الذي كنتُ اتوّقع ، أن يستدعي المُدير ، موظف الإستعلامات ، ويُحاسبه ويعتذر مني .. فأنه .. قال ببساطة ، أنه نفسه إنحنى إجلالاً لفلان الفلاني ! . ياسيدي المُدير ، لا أعترضُ على إنحناءك أو إنحناء موظفك ، لفلان أو عّلان .. فذلك أمرٌ شخصي لاعلاقة لي بهِ .. لكنني أريد أن لايُهضّم حقي ، ولا أن يستولي أحدٌ على دَوري في الإنتظار ! . ................... إذا كُنا عاجزين ، عن الإتيان بأمورٍ كبيرة .. فلنبدأ في تغيير " أمورٍ صغيرة " .. لنُبادِر ، أن لانسمح لأحدٍ أن يتجاوز في الطوابير ، كُل انواع الطوابير .. أن لا نسكُت عن ذلك .. أن نرفع صوتنا بالإحتجاج والرفض ... حينها فقط ، نستطيع ان نقول : ان هنالك أملٌ ان نتطور ! .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بين هَورامي والشهرستاني ، ضاعتْ الأماني
-
الأزمة المالية في الأقليم .. حّلها سَهل
-
حَج أنقرة وعُمْرة طهران
-
المواطن العادي .. ومَلف النفط
-
إحذروا من -داعش- يا أهلنا في الموصل
-
في دهوك : علامات وشواخِص
-
حركة التغيير .. في الفَخ
-
- سيد صادق - تصنع مجدها
-
سوران وبهدينان ... إقترابات
-
يحدث في العراق
-
مهرجان -الرومي- والوضع العراقي
-
الفاسدين لايحبونَ الإحصاء
-
أقليم كردستان و -بطيخة- السُلطة
-
بعض ما يجري في كركوك
-
كُلٌ يشبه محيطه
-
- كاوة كَرمياني - لم يصمُت ، فقُتِل
-
إرهاصات تشكيل حكومة الأقليم -4-
-
الإنتقادُ والمديح
-
- نجمٌ - تهاوى
-
صراع النفط بين بغداد وأربيل
المزيد.....
-
کنعاني: لا يتمتع المسؤولون الأميركان بكفاءة أخلاقية للتعليق
...
-
المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة: روسيا في طليعة الدول الساع
...
-
مقر حقوق الإنسان في ايران يدين سلوك أمريكا المنافق
-
-غير قابلة للحياة-.. الأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد ت
...
-
الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس
...
-
مكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان: مقتل ما لا يقل عن 43 في ال
...
-
مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما
...
-
فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
-
لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
-
اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|