الديك فوق الشجرة

سميح قرواني

الحوار المتمدن-العدد: 4320 - 2013 / 12 / 29 - 21:08
المحور: كتابات ساخرة
    

يروى أن ديكاً ضرب معه الحظ مرة، وطار على أحد أفرع الأشجار، فشعر بالغرور وأراد أن ينتقم لسنين طويلة من جبنه، فأخذ يرجم الثعلب بالحصى ويقول له ساخراً اذا كنت رجلاً فلتصعد إلي ... فنظر اليه الثعلب حانقاً وقال والله ياحقير الذي يرجمني بالحصى ويسخر مني هو أفرع الشجرة هذه وليس انت.
الشجاعة ليست ابدا في رمي البراميل المتفجرة على المدنيين والقصف عن بعد ، واستعمال كل انواع الاسلحة المحظورة دولياً وغير المحظورة (وماشاء الله عن هذا الحظر الدولي، يحظرون على من يشاؤون ويتركون من يشاؤون). وعلى سيرة الديك، نزار قباني له قصيدة عن الديك. مات الرجل خارج وطنه، لأن وطن الممانعة عادة لايتسع للشعر ولا للقال والقيل والكلام ، فهو وطن مثقل بالشعارات والاستبداد والفساد، فماذا يصنع الشعراء في جو كهذا . ومثل القباني المئات الذين يعيشون خارج الوطن ويتكلمون عنه في الغربة. ومثلهم أدونيس الذي عاش بعيدا عن وطنه بسبب أن الممانعة كما قلنا تتعارض مع حرية الرأي، لأن في تلك الحرية اثباط للهمم القومية وتمييع للصراع مع الامبريالية والصهيونية . والمضحك في ذلك أن هذا الرجل الذي عاش معظم حياته خارج وطنه يصطف مع الممانعة ويتعاطف معها عن بعد. فقد اقلقه أن المظاهرات في بدايتها تخرج من المساجد. من أين تريدها أن تخرج إذا كان نظام الصمود والتصدي قد اغلق حتى نوادي القصة القصيرة. فمن أين سيخرجون. فقد خرج من قبلهم معظم قادة العالم من اماكن العبادة. فقد خرج مارتن لوثر كينغ الأسود من الكنيسة ( وكلمة الأسود هنا للتفريقه عن مارتن لوثر الالماني الذي ثار ضد الكنيسة الكاثولكية). كما أنه خرج غاندي من المعابد الهندوسية ورجل الدين البوذي الذي كان يجله الرئيس بوش (ديلايلا).
وفي العودة إلى البراميل المتفجرة، فقد قتلت من المدنيين أكثر من عشرين ألف مواطن اعزل . وهذه البراميل المتفجرة كما أظن وأجزم من اختراع نظام الممانعة ومن بنات أفكاره. إذ لم يسبقه لهذا الاختراع الجهنمي أحد أبداً من قبل. وبينما تتساقط هذه الهدايا على مدينة الحمدانيين في حلب، مازال الائتلاف ورئيسه ومن يجالسهم في حيرة من أمرهم! هل يذهبون إلى جنيف ويتقاسمون السلطة مع نظام البراميل المتفجرة أم ينتظرون (عضة كوساية كما يقول الشوام) ويستولون على السلطة لوحدهم دون النظام الكيميائي. يوم يقولون ويصرحون بأنهم سيذهبون إلى جنيف ويوم آخر يصرحون بحزم بأنهم لن يذهبوا إلى جنيف لو اطبقت السماء على الأرض. وبين هذا وذاك، يعيش الشعب السوري في المخيمات ويجوع حصاراً في الحارات ويحترق داخل البيوت بالمتفجرات. ألا من مجير....

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل