أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - الرمزيةُ وأهمّيتُها














المزيد.....

الرمزيةُ وأهمّيتُها


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 4282 - 2013 / 11 / 21 - 08:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وُجد فهمُ الرموز في عالمٍ اسطوري غيبي مثالي سياسي عبرَ آلاف السنين، وهل كان الإنسان قادراً على أن يتجاوز ثنائية صورتي الإله أو الشيطان المركزيتين؟
لم يكن بإمكانه أن يضع هذه الرموز في تطورات البُنى الاجتماعية، وصراع الجماعات على المال العام والخاص والامتيازات التي يتكرس فيها أناسٌ دون آخرين، وتُدمج هذه الامتيازات بالمناصب والقبائل والعوائل والجماعات السياسية، ويتحول بعضها إلى كائناتٍ معبودة، تجمد الوعي البشري رافضةً دخوله منطقة النقد والتحليل والتشريح.
وإذ وجدت الأغلبياتُ في الشعوب تكريس هذا في نُصب وتحويلها إلى مراكز عبادة لبقاء التصورات الخيرة في اعتقاداتها، ظهرت أقلياتٌ تدعو إلى تحطيم هذه النُصب، غير مدركة لكون هذه الرموز معبرة عن تحولات تاريخية مهمة للشعوب، ولكن وعي الشعوب التقليدي لا يستوعب نقدها وتحليلها وتمييز الخيط التقدمي الصاعد عبر التاريخ وتراكم الممارسات الاجتماعية الفكرية الجديدة والمضيئة، وليس الحل هو في تدمير الأشياء والأعمال المقدسة والفنية للشعوب مهما بدت مختلفة ونائية عن تفكيرنا بل في قراءة حياة هذه الشعوب الاقتصادية وإصلاحها.
عبَّرَ صراعُ الرموزِ ونقدها أو مدحها في منطقة العالم الثالث المتأخر -حيث إن بعض الدول الاشتراكية قد تجاوزت هذه المرحلة الصنمية- عن صعوبة العمليات الديمقراطية والتحويلية الجارية في هذه البلدان.
ثنائية الذم البغيض أو المدح الذاتي العالي، يعبران عن العقلية القديمة وثنائية الإله أو الشيطان، وهي عقليةٌ واحدة في ميدالية الوعي الاسطوري، الذي يحول الكراسي إلى حكم أبدي، مطلق خارج صراع التاريخ والجماعات.
وقد تجاوزت ثقافةُ الغرب ذلك لكون عالم الكراسي نسبي، مرحلي، يهدف إلى تطوير البنية الاقتصادية السياسية التي توضع محلَ تشريحٍ ونقد من أطراف عدة، كلٌّ يسحبُ إلى جهةِ مصالحهِ المشروعة، في مسرحٍ تتسلطُ عليه الأضواءُ الساطعة، ويقبلُ فيه المتنافسون نتائجَ الأصوات والضغوط ودعايات الجرائد الحزبية التي غالباً ما تلجأُ إلى العروض الموضوعية في تكوين قياداتها، فتظهر مراكزُ طبخ في الطبقاتِ المتصارعة كافة لتكوين القيادات ودراسة نقاط قوتها وضعفها، ومدى تعبيرها عن الجديد في مصالحها وجماعتها، وتجاوز القديم الذي تكلس، ولكن حتى تلك القيادات التي تكلست تدافع عن وجودها أمام التشريحات النقدية وتتساقط إذا عبرت تلك التحليلات العميقة عن جوانب جديدة مهمة وكشفت أخطاء خطيرة ومستوى سياسياً معرقلاً لتطور النظام والجماعة.
وهذه الممارسة السياسية العالية نتاج تطور فكري سياسي لعدة قرون سابقة، لا نستطيع أن نقفز نحوها بأقدام الأطفال السياسيين، الذين تمتلئُ أفواههم بعبارات الذم الساحقة لأفراد محددين يخالفونهم الرأي، أو المدح الرخيص للحصول على مناصب متوافرة وسد منافذها أمام الكفاءات.
إن عقلية الإله أو الشيطان، الأبيض أو الأسود، لا تتشكل في تجسيدات الحياة الاجتماعية السياسية التي يمتزج فيها الخيرُ والشر، الانجازُ والسلب، التطور والجمود، الرقي والرجوع إلى الوراء. إن كلَّ جانب اجتماعي سياسي يحمل جوانبه المفيدة، ولكن هذه الجوانب لا تتصارع جدلياً، فتتفجر منها شراراتُ النور لا شرارات النار!
وتبسيطاتُ الوعي القديم ما تزال رازحةً على أفواه الوعي الجديد، مثلما أن الدول الفتية في العالم الثالث تختلط فيها تشكيلات المجتمعات العتيقة من عشائر وأقاليم متضخمة الهيمنة، ومناطق مقزّمة الوجود، وكلٌّ من هذه المناطق المتناقضة المصالح ترمي الأخريات بصور الأباليس، وتضعُ مسيراتها الطائفية والدينية والسياسية في براويز الضياء والأبدية.
وكما أن الديمقراطية بكر وهشة في هذه الدول لا يتطور الوعي فيها بسهولة لتحليل الواقع وتناقضاته، فهي متمترسة في أوضاعها، تعيش على أصوات تمجدها أو تلعن خصومها، فهي غير قادرة على نخل عالمها وتغييره من الشوائب وتزييت العجلات السياسية لمزيد من التطورات الوطنية الجامعة لأبناء الشعب الواحد المتضارب المصالح موضوعياً ومؤقتاً في فترة ومتلاق في فترة أخرى بحسب قدراته على الفهم والنشاط السياسي وإدراك التناقضات وحلها.
ولهذا فإن الصرخات والتهجمات على الرموز المختلفة هي أعمال بائسة لا تؤدي إلى تطورات بقدر ما تعقد العمليات الفكرية والسياسية، وتهيج الجمهور من هنا وهناك.
ولا توجد أفضل من القراءات الموضوعية للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مع الابتعاد عن الشخصنة والمثالب الموجهة للشعوب والقبائل والمذاهب والشخصيات القيادية، ومثل هذه القراءات الحكيمة تعزز بذور الوعي الجديد، وتهدئ الأعصاب السياسية، لكونها تتجه إلى المشكلات الموضوعية وتشير للحكام والمحكومين إلى جوانب النقص فتخلق تقارباً على خريطة البلدان المشتتة، التي تزيدها الصراعات الذاتية تمزقاً وتباعداً، وتنتج قيادات جديدة في مختلف الطبقات والشرائح الاجتماعية السياسية ترى ما لم يره الآخرون السابقون وتضيف إلى إنجازاتهم إنجازات جديدة، ولهذا يتطور العمل السياسي المتصارع نحو حلول جديدة للواقع الذي ظهر متكلساً لا يقبل التغيير.
في السياسة إمكانيات كبيرة للالتقاءات والتعديلات والتشريحات واللقاءات والاجتماعات للخصوم ولظهور صراعات أكثر تطوراً وذات قابلية أكثر للعلاج، أما العمل بعقليات أسطورية لا تستطيع دمج العلوم العصرية بالعلاج السياسي فهو مثل الطب القديم الخرافي الذي يعالج الأمراض باللعنات والهجوم على الأرواح الشريرة!



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المغامرةُ السياسيةُ بين الماضي والحاضر
- مجابهةٌ خاطئةٌ بين التجارِ واليسار
- خذلانُ الثورةِ السورية
- إشكاليةُ سياسةِ الرفاه
- تحولاتُ الممكنِ والصراعُ القومي
- التياراتُ الطائفيةُ نتاجُ الاضطرابِ الاجتماعي
- تدهورُ مكانةِ النساء
- الفيضُ السكاني وسياسةُ المغامرة
- أسبابُ فشلِ العمل ضد المغامرة
- الطائفيون والإسلاميون
- لماذا يموتُ الشعرُ؟!
- جرائمُ أميل زولا
- أبطالُ(الماو ماو) يتسولون في الشوارع!
- الباديةُ تصنعُ الروايةَ
- مغامراتُ الثقافةِ الكبيرة
- أزمةٌ عربيةٌ إسلامية عامة
- الراقصُ في الرياحِ السياسيةِ
- يمينٌ متخثرٌ
- المحافظةُ والحرياتُ
- النبلاءُ والبذخُ


المزيد.....




- كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم ...
- طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة ...
- مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
- الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
- ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
- انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج ...
- مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
- غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
- ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - الرمزيةُ وأهمّيتُها