|
التياراتُ الطائفيةُ نتاجُ الاضطرابِ الاجتماعي
عبدالله خليفة
الحوار المتمدن-العدد: 4276 - 2013 / 11 / 15 - 08:09
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
إنّ تراجع التيارات الوطنية وتصاعد التيارات الطائفية السياسية في الخليج هو جزءٌ من ضعف الدور التنموي الصناعي للقطاعين العام والخاص، فعلى المستوى العالمي الشرقي توقفت تطوراتُ الانتاج المتقدم في روسيا وأكثر في ظلال تجربتها في الدول العربية. إن الرأسمالية الخاصة المقصاة إيديولوجياً متسربة بأشكال متسارعة كبيرة في أشكال الاقتصاد المتعددة، في البنوك والعقارات والتجارة والفندقة، لكنها تأخذ مضامين استنزاف البُنى الوطنية المختلفة، فهي تسريبٌ مالي للخارج، متعدد الأوجه، حيث تضخمت الموجودات الخليجية في محافظ الغرب النقدية، وصارت الرساميل تستهدف الأرباح السريعة، في تنافس غير عادل مع القطاعات العامة المستحوذة على الثروات الانتاجية وهكذا غدت الاقتصاديات بضائع مُباعة بشكل سريع، وخدمات مكلفة للمشترين، فتتسع الهوات بين الاقتصاديات والجمهور والوعي السياسي، فالقطاعات العامة والخاصة لا تشارك في تغيير الواقع من خلال رؤى تصنيعية ديمقراطية متصاعدة، وإذا كانت الأرباح كبيرة وسريعة في القطاعات العامة فهي صعبة ومتأزمة في مراحل العسر والقلاقل الاجتماعية. هنا نجد خاصة اللامبالة تجاه قضية البطالة وضعف الأجور في القطاع الخاص خاصة، وتفاقم منافسة القوى العاملة المهاجرة وبالتالي ضياع الحقوق في هذا القطاع. عدم القدرة على مواجهة قضايا البطالة والفقر وضعف الإسكان والخدمات الصحية يؤدي إلى ضعف وعي الشباب تجاه النضال الديمقراطي ولجوئه إلى أساليب فوضوية، كذلك تساهم في هذا بكارة التجربة البرلمانية وعدم قدرتها على التحول إلى بؤرة تغيير وطني. إن أي دور صناعي واسع أمرٌ محفوف بالمخاطر، ونشوء طبقات العمال الصناعية في المنطقة عسير، إلا إذا كانت أجنبية ذات مستويات مهنية وأجرية دنيا، وهي تعيش على هوامش المجتمعات. فيما تتضخم الفئات الوسطى والصغيرة في الاقتصاديات العامة والخاصة غير الانتاجية العميقة، مما يجعل أفكارها الاجتماعية السياسية مقلقة متذبذبة، تعيش على حركات النقود الصعبة المتقلبة، والظروف المعيشية المتضخمة الأسعار. تغدو حياتها وحياة الناس عامة معلقة بظروف خارجية لا يمكن السيطرة عليها، وخاصة مع تدفق التحولات والاضطرابات الاقتصادية السياسية في دول الرأسماليات الحكومية، وتتداخل الدول عائدة للعصر الوسيط وأشكاله السياسية، وتتدفق ثقافة دينية مذهبية حَرفية مركزة على العبادات، وتدع فترات النهوض الفكري السياسي في العصر الإسلامي، حيث يغدو الوعي الديني ملتمساً القوة من الغيب والأبطال، وتتوجه الأرياف والبوادي للتغلغل في المدن المفككة، ويصعب على الحكومات والتيارات السياسية والناس السيطرة على الأحداث. لهذا فإن التيارات الوطنية حيث كانت بذور العقلانية الأولية والتي تضاءلت مع التطورات السياسية الساحقة والتصحر الصناعي العمالي الوطني تتفكك وتنحاز للطوائف العائد أعضاؤها إليها. إن فقدان الرأسمالية الانتاجية الواسعة يعرض التربة الاجتماعية السكانية للتفتت، حيث تخرج الفوائض وتقل عن التصنيع وإيجاد وظائف للشباب، وتتضاءل الأجور وتتسع البطالة، وهي كلها ظاهرات تدعم التيارات الطائفية حيث التفكك وعدم القدرة على فهم الواقع الموضوعي، والواقع المضطرب تزيده اضطراباً، وتنشأ ظاهرات الإرهاب لكون الطرق مسدودة في وعيها الماضوي الرافض لقوانين التطور الاجتماعي الحديثة. إن غياب الرأسمالية الانتاجية التصنيعية الواسعة ينعكس على سيادة تعليم نظري، وتوسع رأسماليات خاصة قصيرة النظر ومضادة للإرث المحلي وعاداته، مما يعزز أشكال الوعي الدينية المبسطة. هذه كلها تجعل الأفكار الوطنية والاتجاهات العقلانية في هامش الحياة السياسية، حيث ينجرف هذا الهامش وتسود تيارات مضطربة تأخذ الشباب خاصة في اتجاهات حادة فوضوية، يتعلقون بمواد هزيلة في وسائل الإعلام الجماهيرية، ويزيدون حالات الاضطراب والحروب أو الثورات إذا كانت قوى مؤثرة منهم قد انحازت إلى التوجهات الحديثة.
#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تدهورُ مكانةِ النساء
-
الفيضُ السكاني وسياسةُ المغامرة
-
أسبابُ فشلِ العمل ضد المغامرة
-
الطائفيون والإسلاميون
-
لماذا يموتُ الشعرُ؟!
-
جرائمُ أميل زولا
-
أبطالُ(الماو ماو) يتسولون في الشوارع!
-
الباديةُ تصنعُ الروايةَ
-
مغامراتُ الثقافةِ الكبيرة
-
أزمةٌ عربيةٌ إسلامية عامة
-
الراقصُ في الرياحِ السياسيةِ
-
يمينٌ متخثرٌ
-
المحافظةُ والحرياتُ
-
النبلاءُ والبذخُ
-
تحدياتُ اليمينِ المعتدل
-
من اليسارِ المتطرفِ إلى اليمين المتطرف
-
نقابيةُ رأسماليةِ الدولةِ الوطنية
-
بؤرةُ الوهمِ حديثاً
-
الأزمةُ والعقلُ
-
بؤرةُ الوهمِ قديماً
المزيد.....
-
مستوطنون يطردون عائلة فلسطينية ويحرقون ممتلكاتها في الزاوية
...
-
مستعمرون يحرقون ممتلكات مواطن ويطردونه بالقوة غرب سلفيت
-
حرس الثورة الاسلامي يحذر علييف وباشينيان: ترامب المُقامر خدع
...
-
254 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
-
تجوال سيارة بالجامع الأموي يثير موجة انتقادات وتحقيقات رسمية
...
-
نائب عن حزب الصهيونية الدينية يهدد بالدعوة إلى انتخابات مبكر
...
-
منظمتان يهوديتان: احتلال غزة سيؤدي إلى خسائر كبيرة
-
منظمتان يهوديتان: احتلال غزة سيؤدي إلى خسائر كبيرة
-
وسط ذهول مصليين.. رد رسمي بعد ضجة فيديو سيارة مرسيدس تتجول ب
...
-
يهود ضد الصهيونية
المزيد.....
-
علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب
/ حسين العراقي
-
المثقف العربي بين النظام و بنية النظام
/ أحمد التاوتي
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
المزيد.....
|