|
تحدياتُ اليمينِ المعتدل
عبدالله خليفة
الحوار المتمدن-العدد: 4260 - 2013 / 10 / 30 - 08:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مع تجابه قوى اليمين المتطرف واليمين المعتدل تتداخل الصراعاتُ والأحوال وتصعب الحلول للإقليم المتنازع المضطرب. ويعبر اليمينُ بثنائيتهِ عن تخلف أسلوب الانتاج الرأسمالي الوطني الصناعي وضعف علاقاته بالعمال الوطنيين وغياب تعاون القوى الاجتماعية المختلفة، وضخامة القوى البيروقراطية وسيطرتها على إنتاج وتوزيع الفوائض وضعف الرقابات الاجتماعية السياسية والنقابية والصحفية. لهذا فمظاهر الاقتصاد السيئة التي تنتشر في الهوامش الضارية كتجارة المخدرات والجنس والسلاح، تلعب أدواراً كبيرة، ولا تستطيع الأقتصاديات الخاصة والعامة أن تشكل بنى جيدة لتوسع الانتاجات الوطنية وتناميها في الأرض الاقتصادية. اليمين بثنائيته يعبر عن تناقضات أشكال الاقتصاد بحدة، وعدم ظهور طبقات رأسمالية وطنية موحّدة ذات سياسات اقتصادية بعيدة المدى، كما يعبر عن الأشكال السياسية الحكومية في المنطقة التي لم تقم بسياسات تعاون وثيقة. هذا يتطلب سياسات أكثر عقلانية من مختلف القوى الاجتماعية المقاربة لليبرالية والديمقراطية، واليمين المتطرف عبر الحدود ومن خلال الأشكال الفوضوية والعنفية ورفض قراءة قوانين التطور الاجتماعي ينمي سياسات توسع المشكلات التي تعرقل التطورات الديمقراطية العقلانية في بلدانه، ولا تستطيع البلدان الأخرى أن تضبط تناقضات مثل هذه الأوضاع المضطربة المتداخلة. ولهذا تتزايد مهمات اليمين المعتدل بالتعاون مع اليسار الديمقراطي لإحداث تغييراتٍ في هذه البلدان وعموم المنطقة. إن ظهور هذه الصراعات الحادة خلق حوافز كبيرة لتصاعد الرقابات وقراءات المشكلات الموضوعية وأظهر مبادرات للعلاج السياسي الاجتماعي من فئات جديدة لم تزل محدودة ولكنها واعدة. الانتباه للقضايا والاختلالات في المشروعات والبنى الحكومية والخاصة لم يزل فردياً عفوياً وربما يرتبط بالانتخابات والمواسم السياسية ولهذا لم يندمج هذا بالجماعات السياسية المهتمة بالشعارات، وتحويل هذه الاهتمامات الرقابية لمشروعات سياسية وطنية مهم لتحويل العمل الإصلاحي إلى حفر مستمر في المشكلات الشعبية وتغييرها، وجذب الناس للعمل السياسي العقلاني. حضور هذه الرقابات المتصاعدة يلتقي باهتمام الغرف التجارية التي لم تزل تركز على قضاياها الخاصة وحل الإشكاليات بين الفئات التجارية المختلفة وهو أمر يعكس أزمات الواقع الاقتصادي وضعف الوعي الوطني وعدم القدرة على تحويل المشكلات الاقتصادية إلى وعي سياسي إقتصادي يؤسس تياراً إصلاحياً لبؤر المشكلات. ضخامة التضادات بين العمالة المحلية والعمالة الأجنبية، وضخامة أقتصاد الخدمات، وسياسات الأرباح السريعة، وعدم حل مشكلات الأحياء الشعبية في المدن والقرى، وانتشار المؤسسات الخاصة ذات الإفراط في انتزاع المال كلها بحاجة لرقابة وعلاج مثل هذه المجموعات الرقابية والسياسية الجديدة. وفيما تظهر هذه بشكل أوسع في المدن فإن القرى تشهد غياباً لها حيث المشكلات في الأرياف بصور كبيرة، خاصة تراكم مشكلات الأسر والنساء والحياة المعيشية، نظراً لغياب الحريات الاجتماعية والقوى السياسية العقلانية ولعدم الاهتمام بالمعالجات الحقيقية الواقعية لقضايا الناس والقفز السياسي المضطرب، وهي أمور تؤدي إلى تراكم ثم انفجار مثل هذه المشكلات خاصة مع تحولات الاقتصاد غير المسيطر عليها. إحداث الاستقرار المعيشي والحريات الاجتماعية في هذه المناطق لا ينفصل عن التركيز على مراقبة مشروعات الإسكان والصحة والتعليم في هذه المناطق، بصور موضوعية هادئة معالجة وليست مساهمة في زيادة الاضطراب. المعالجات السياسية العقلانية في كل بلد لا تنفصل عن تطوير العلاقات البناءة التعاونية بين بلدان المنطقة رغم وجودها الآن في قمة التوتر والاضطراب، ولهذا فإن القراءات الدقيقة للتطورات وعدم التركيز على الهامشي المغامر بل الشعبي المعاني والمحاصر، وتحفيز تطوراته مهمة لمستقبل المنطقة وتنامي الخطوط البناءة بين الدول. اليمين المعتدل يستند على اقتصاديات منتجة وليست فوضوية سريعة الأرباح متسلقة وذات قراءات حصيفة للواقع، طارئة، لا تقوم بخلق علاقات منفعة سياسية عابرة، ولهذا هو بحاجة لدراسة التجارب الرأسمالية القديمة الغربية التي أنتجت الحداثة، والتجارب الآسيوية واللاتينية الجديدة التي تلحق بها. ظهور مثل هذا اليمين المتعاون مع القوى الشعبية البناءة يقلل من تشققات الأرض السياسية، وهو أمر صعب وطويل الأمد، لكنه ممكن، لأنه هو ضرورة الواقع التي لا بديل عنها، وليس المهم جذب اليمين المتطرف مرة أخرى للتجريب السياسي الحارق بعد أن لم يستطع قراءة وعيه ومعالجته وظل ممزقاً للتطور الوطني. لهذا يغدو ظهور البرلمانيين والنقابيين والسياسيين الإصلاحيين مهماً مع تطورات صحافة الرأي التي لاتزال متذبذبة بين الانعكاس الفوتغرافي للواقع وقراءته بعمق، وضعف الإسهام في رصد المشكلات وتقديم الحلول، وتقديم المواد لقراءات المشكلات والأوضاع الشعبية المختلفة.
#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من اليسارِ المتطرفِ إلى اليمين المتطرف
-
نقابيةُ رأسماليةِ الدولةِ الوطنية
-
بؤرةُ الوهمِ حديثاً
-
الأزمةُ والعقلُ
-
بؤرةُ الوهمِ قديماً
-
سحرُ البيانِ
-
القمة المضطربة لأمريكا
-
مصطلحُ (الحرة) الاقتصادي الاجتماعي
-
المعتزلةُ برؤيةِ إسحاق الشيخ يعقوب(2-2)
-
المعتزلةُ برؤيةِ إسحاق الشيخ يعقوب (1-2)
-
في التطورِ العربي العام
-
ضد الانحدار المشترك
-
في جدلِ المعارضة
-
عبدالفتاح إسماعيل ورفاقه (2)
-
عبدالفتاح إسماعيل ورفاقه (1-2)
-
نقابيةٌ مستقبليةٌ
-
تراكمُ الإرثِ النضالي
-
الشباب والماضي
-
السيرُ للوراء
-
حين تتسعُ الرؤيةُ تتطورُ العبارةُ
المزيد.....
-
صاحب متجر المثلجات الوحيد الحائز على نجمة -ميشلان- يريد صنع
...
-
تداول فيديو لـ-طابور سير الصاعقة المصرية في شوارع رفح-.. هذا
...
-
-قولوا لنا كيف مات-.. صلاح يُحرج -يويفا- ومنشوره عن -بيليه ف
...
-
الشرق الأوسط قد يكون ساحة لحرب نووية - الغارديان
-
100 يوم من حكومة ميرتس.. هل -عادت ألمانيا-؟
-
لبنان امام اختبار حصر السلاح بيد الدولة
-
العراق: تسرب غاز كلور في كربلاء يصيب أكثر من 600 زائر شيعي
...
-
اجتماع عربي لبحث التصدي لقرار إسرائيل احتلال غزة
-
مظاهرة في ماليزيا تطالب بوقف الجرائم الإسرائيلية في غزة
-
الحياة تعود تدريجيا في بعض أحياء الخرطوم بعد سيطرة الجيش علي
...
المزيد.....
-
الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة
/ د. خالد زغريت
-
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
/ علي عبد الواحد محمد
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|