أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - حين تتسعُ الرؤيةُ تتطورُ العبارةُ














المزيد.....

حين تتسعُ الرؤيةُ تتطورُ العبارةُ


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 4240 - 2013 / 10 / 9 - 09:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعتمد اللغةُ الصحفيةُ وتطورها وعمقها على البُنى الاجتماعية التي تتشكل فيها.
وقد لاقت العبارة في الخليج ظروفاً مختلفة عن بعض الدول العربية التي تشكلت فيها فئاتٌ وسطى واسعة وصحافة متعددة غنية، رغم أن هذه الدول كذلك لم تبلغ درجات تطور الصحافة الغربية، التي هي كذلك مسيطرٌ عليها من قبل قوى المال فلا تستطيع أن تخوض في القضايا والصراعات الاجتماعية بحرية.
ولهذا فإن النسبيةَ واقعٌ عملي، ولكن هذه النسبية والهوامش التي تحصل عليها الصحافة كثيراً ما تُزال أو تلغى من قبل الكتّاب أنفسهم، لعدم قدراتهم على تطوير الهوامش.
وقد عمل صحفيون عديدون رغم تميزهم في الكتابة وظهورهم المبكر في الخليج على الاهتمام بمصالحهم الشخصية وتحويل الجريدة لأداةٍ لعلاقاتهم السياسية، فتغدو الصحيفة أداة هجوم على وزارات ودول لكون الصحفي يريد استثمار كتاباته، ولم يعمل من أجل بناء رأي عام نقدي موضوعي حر.
المحرر ذو المصلحة القريبة السطحية هو النموذج السائد ولم يفكر بأنه معبر عن فئات شعبية يجب ترسيخ مفاهيمها بالصبر الكتابي الطويل.
فقليلةٌ تلك المساهمات والكتابات التي شكلت منابر معبرة عن فئات وسطى وشعبية منفتحة غيرِ هائجةٍ وبعيدةِ النظر ومؤسسةٍ لنظام إجتماعي ديمقراطي تحديثي تتصاعدُ أحجارُهُ عبر المساهمات الثمينة العميقة وأما حين تتحول الكلمات إلى أحجار تُقذفُ من النوافذ فهي تحطم المبنى التي هي فيه.
ربما هذا الوسط الصعب دعا الكثيرين من المنظمين لصحافة الخليج إلى إستغلال ما هو متاح من فوائد وكتابة السهل غير الممتنع، ولم يكلفوا أنفسهم بتطوير الرؤية من أجل أن تُصقلَ العبارة، لعيشهم على سطوح الظاهرات خاصة مع تصاعد أشكال العيش المزدهرة.
لكن الحفاظ على أشكال العيش هذه يتطلب مسئولية فكرية كتابية عميقة، مثلما أن النموذج الغاضب المحتد يمثل رعونةً وقتية، وصراخاً لمدى زمن قليل ثم يتحول الصراخ إلى صمتٍ أو بكاء.
تطوير العبارة والرؤية في عالم صحفي صعب يفتقد تقاليد صحفية عريقة وتراكمات ثقافية وأمرٌ عسير ولكنه ممكن ومطلوب في زمن تلعب فيه المطبوعة حفراً في الإنسان والجمهور نحو مستقبل أفضل.
يصبح وجود الكِتاب في يد الصحفي مدعاةً للاستغراب عند البعض، فالصحفي كائنٌ عابرٌ سريع الخطو، يركز على ما يدور من أحداث وعلاقات، فكيف يتوقف ليحفر في هذه الأحداث والعلاقات ويكتشفَ أبعادَها العميقة؟
العلاقات بين المفكرين والصحفيين توجد في مطبوعات ذات تواريخ كبرى كما حدث في البلدان العربية ذات القراء الكثيرين والفئات الوسطى المنفتحة، وحينئذٍ فإن العمليات الحفرية اليومية لا تتناقض مع القراءات الواسعة، وتكبر المطبوعاتُ بفضل التواصل بين المجلة والصحيفة، بين الباحثِ والمحرر، بين سطوحِ الظاهراتِ وأعماقِها وسببياتها الكامنة.
لهذا فإن صعوبات الحقيقة أمام الكتاب الشباب الغاضبين الثائرين كثيرة، فهؤلاء يعملون على هدم الأنظمة، وهي شعارات في دواخلهم لكن لا يظهرونها، ولهذا فإن كلماتهم تشير دائماً إلى الأشياء والأوضاع السلبية، ولا يستطيعون التطرق إلى جوانب إيجابية، رافضين الجدل الموضوعي للظواهر، إن تمثيلهم للناس سطحي عابر، فكونهم من الفئة الوسطى لا يتجذر بثقافتها الديمقراطية العالمية والوطنية ذات الجذور في الإرث الكتابي، ولهذا لا يحللون وضع الجمهور الشعبي تحليلاً موضوعياً، ولا يتغلغلون في مشكلاته ويعرضونها ويقدمون حلولاً. إن حاجات جمهور المعامل والشركات والبيوت والأحياء الشعبية لرصد مشكلاته وحلها، أكثر قيمة من الغضب العاطل عن الفعل، والتسييس الفوضوي، وحين يقوم الكاتب بذلك يتحول إلى صديق للانسان الشعبي وليس لمسيطر خارجي متجبر على إرادته، وتتكون الروحية النهضوية حيث المثقف رفيق للمنتج، وإذا لم يستطع المثقف تطوير رؤيته وإزالة غرورها بتطوير عبارته ورفض إنزال دكتاتوريته كالحجارة فوق رؤوس الناس، وإذ لم يفعل كنبي الإسلام الذي حوّل عبداً كعبدالله بن مسعود إلى مثقف كبير، فإن بقاءه في عالم الثقافة الروحية عابر، فيظل يردد عباراته المكررة الكارهة للأنظمة حتى ييأس ويتصحر فكرياً.
وإذا كان المنتج العادي يستفيد ويتطور بثقافة الكاتب فإن الكاتب يتطور برؤية حال المنتج وتاريخ عالمه فيفهم سبل التحول ويشارك في ضريبة التغيير بكشط الأجزاء السلبية من وعيه ويصير ديمقراطياً في عمله من أجل الديمقراطية.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علاقاتُ الوعيين القومي والديني
- القوميون في الخليج (2)
- الحركةُ القوميةُ في الخليج (1)
- الإيديولوجيا والواقع في الخليج
- العداءُ للرأسماليةِ في الخليج
- اليسارُ في الخليج (2)
- اليسارُ في الخليج (1)
- أشكالُ الوعي التي تتردى
- تطورٌ واقعي حذر
- تباين طرقِ التطور العربية
- صناعتان وسياستان
- العنفُ ذروةُ الطائفية
- تحولات ذاتية
- تحولاتُ الدورِ الروسي العالمي
- تحللُ العرب.. سوريا نموذجاً
- علاقاتٌ مختلفةٌ بين السياسة والثقافة
- تحللُ العربِ: العراقُ نموذجاً
- من التبسيطِ إلى المغامرة
- العصبيةُ والعمران(3)
- العصبيةُ والعمرانُ (2)


المزيد.....




- ماذا دار في ‎أول اتصال بين السيسي ورئيس إيران بعد الهجوم الإ ...
- احتفالات مولودية الجزائر بلقب الدوري تتحول إلى مأساة وحزن
- بزشكيان لماكرون: العدوان الإسرائيلي دليل على أن خططنا الدفاع ...
- قبرص تعتقل مشتبها به في قضايا تجسس وإرهاب
- إيران تتعهد بتطوير صناعتها النووية بوتيرة أسرع بعد الحرب
- إيران تطلق الموجة 19 من هجماتها على إسرائيل
- رئيس إيران يعلن موقف طهران من التفاوض بشأن برنامجها النووي
- سوريا: إيقاف وسيم الأسد المتهم بالضلوع في تجارة المخدرات خلا ...
- إسرائيل حاولت زعزعة إيران فساعدت في توحيدها
- بانون يعارض الانضمام للحرب على إيران ويوجه تحذيرات لترامب


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - حين تتسعُ الرؤيةُ تتطورُ العبارةُ