أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - بؤرةُ الوهمِ حديثاً














المزيد.....

بؤرةُ الوهمِ حديثاً


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 4257 - 2013 / 10 / 27 - 09:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إذا كان لكل عصرٍ عربي بؤرة وهمه، وقد تجلت بؤرةُ الوهمِ هذه في العصر الوسيط عبر محاولاتِ إنتاجِ مجتمعٍ مثالي ديني تحكمه خلافةٌ دينيةٌ فردية خيرة، لكن كانت الأمبراطورية العربية الدينية في الواقع الحقيقي تتفتت إلى قطعٍ سياسية محترقة متعادية، فالخلافة الخيرة وهم بعد انهيار أسسها بظهور أسروية إستغلالية وشمولية سياسية، وكانت مساندة بعض المثقفين لها وهمٌ آخر، فلم يعمل هؤلاء على دولة مدنية غير دينية، الخلافة فيها منتخبة، والمُلكية العامة (فيء المسلمين) تُدار بشكل ديمقراطي، والمواطنة تحكم القانون.
تظهر بؤرة الوهم الرئيسية من فرض موديل مستورد أيديولوجي يتسرب من أفواه المتعلمين لقلوب العاملين، فموديل العصر الوسيط القادم من العصر المؤسس السابق، صار شكلانياً بلا مضمونه الحقيقي بعد أن اختفت أسسه وقواعده المادية والسياسية.
في العصر الحديث بدأت بؤرةُ الوهم من استيراد النموذج الغربي وتركيبه على دول دينية استبدادية إقطاعية. فبدلاً من الرجوع للوراء وفهم البنية المتكونة في الزمن الوسيط حدثت قفزة للأمام وجاءت لحظتا الموديل الغربي: لحظة الليبرالية ومحاولة صنع نظام ديمقراطي على الأسس الغربية، لكن لم تلتصق العربة العربية الخربة بالنموذج الذي يحتاج لتغيير أسس الدولة الدينية المحافظة المنفصلة عن الأغلبية الشعبية. النموذج الغربي يحتاج كذلك لجمهورٍ غيرِ دكتاتوري، وهو غيرُ موجود. إذن حل التوجه للنموذج الغربي الذي رحل إلى الشرق بدون ديمقراطيته وبشعاراته(الثورية) التحولية، أي النموذج (الاشتراكي).
أزاحت الاشتراكيةُ الليبراليةَ ولكن لم تختلف بؤرة الوهم هنا، فقد وُضعت الشعارات فوق نفس المبنى القديم، وتقوم التحولات الجديدة(الوطنية، الاشتراكية، القومية) بضرب العناصر الديمقراطية الجنينية في البُنى العربية حيث غدت مجموعةً من الأنظمة المختلفة التطور، وتتحول الدولُ والمجموعاتُ السياسية إلى قوى شمولية مسيطرة على نفس ما يَقبضُ عليه الخلفاء الأمويون والعباسيون والعثمانيون، دول دينية يُسيطرُ فيها على المال العام والنساء والرقيق إذا كان لا زال موجوداً.
عناصر الثقافة الغربية انتشرت ولكن قُمعت وتمتْ أدلجتُها حسب الأنظمة والقوى السياسية الذكورية المحافظة، وحتى الباحثين دخلوا تحت المظلة السياسية الشمولية، فباحثٌ كبيرٌ مثل(هادي العلوي) قدم إسهامات كبيرة في تحليل تاريخ الإسلام والتراث يعتبرُ النظامُ الماوي الصيني تجربة اشتراكية للقفز من الإقطاع إلى الرأسمالية، في حين أنه نظام رأسمالية دولة عسكرية تنتشر فيه رأسماليةٌ فاسدة حكومية، ولهذا فإن أدوات الباحثين تنفصمُ مثل عقولهم، كما كان الباحث مهدي عامل التقدمي يستورد أدوات بحث منهجية أوربية متطورة هي البنيوية الماركسية، حيث تُحلل المجتمعات حسب بُناها وصراع طبقاتِها في مراحلها التاريخية، لكن بؤرة الوهم الاشتراكية المصنوعة روسياً تعرقلُ نمو الأدوات المنهجية البنيوية، فالعناصرُ الشموليةُ الشرقية المسيطرة تزيح أدوات التحليل الموضوعية ويمكن للقوى الدينية أن تحقق الحريةَ والاشتراكية بفعل النمو الحتمي للتطور في الشرق وقطع التبعية وكون صراع الطبقات فيه لا يُحل إلا بالاشتراكية. بدلاً من هذا الخيال الاستبدادي المتراجع للوراء كانت الأولوية هي في نقد هذا النموذج الديني السياسي الشمولي والحفر في تأسيس الدولة المدنية غير الدينية والمهمات التي توقفت بدءً من الزمن الأموي.
لهذا فإن بُنى التخلف المحافظة العائدة للعصور الوسطى التي لا تُغير تعودُ لتأكيد نفسها بعد كل مرحلة تقفز عن المهمات الحقيقية. فتظهر الدولُ الدينية الطائفية من تحت الأنقاض التحديثية مطالبة بالعودة أكثر للوراء، لكن الأصوات المعارضة التحديثية صارت أكثر الآن وبدأت جملة من الأوهام تتبدد، وغدت الدولة المدنية غير الدينية وعودة الفيء لأصحابه عبر مُلكيات عامة مراقبة، وبداية الرؤى الموضوعية بأن لكل بلد خصائصه وظروفه السياسية والاجتماعية ويحتاج لقراءة تحدد كيفية الخروج من الدولة الدينية وملحقاتها من أحزاب دينية وصراعاتها، وكيف يكون التطور الاقتصادي الاجتماعي الخاص بهذا البلد أو المنطقة، وأن النموذج المستورد من الضروري أن ينكسر لنماذج نابعة من ظروف البلد المعني واتفقت قواه التحديثية الديمقراطية، هي نفسها ظروف العرب والمسلمين التي لم تُغير في شروطها وظروفها السابقة، أي بناء الدولة المدنية وإدارة الثروة العامة بشكل ديمقراطي، وحماية التراث الديني من الاستغلال السياسي، وهي جملة من الشروط المتضافرة مع بعضها البعض التي تنبع من خصائص التطور العربي الإسلامي الإنساني، ولكنها تحتاج لقوى سياسية متشربة بتراثها وزمنها الحديث وتوجه بؤرتها نحو حل مشكلات الناس.
لقد تغلغل الخرابُ في الشعوب والتيارات السياسية والدول فغدت طائفية، وتحللت من بناها الوطنية واتجهت للحروب، والقوى التي كانت أساس الوعي الطليعي غدت خربةً منقسمة متشرذمةً وهي المعضلة التي لا تجد حلا سوى في تعرية ثقافة الشمولية الدينية ونتائجها عبر التاريخ وإنتاج النظم والقوى المدنية الوطنية.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأزمةُ والعقلُ
- بؤرةُ الوهمِ قديماً
- سحرُ البيانِ
- القمة المضطربة لأمريكا
- مصطلحُ (الحرة) الاقتصادي الاجتماعي
- المعتزلةُ برؤيةِ إسحاق الشيخ يعقوب(2-2)
- المعتزلةُ برؤيةِ إسحاق الشيخ يعقوب (1-2)
- في التطورِ العربي العام
- ضد الانحدار المشترك
- في جدلِ المعارضة
- عبدالفتاح إسماعيل ورفاقه (2)
- عبدالفتاح إسماعيل ورفاقه (1-2)
- نقابيةٌ مستقبليةٌ
- تراكمُ الإرثِ النضالي
- الشباب والماضي
- السيرُ للوراء
- حين تتسعُ الرؤيةُ تتطورُ العبارةُ
- علاقاتُ الوعيين القومي والديني
- القوميون في الخليج (2)
- الحركةُ القوميةُ في الخليج (1)


المزيد.....




- وزير دفاع أمريكا يوجه - تحذيرا- لإيران بعد الهجوم على إسرائي ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لعملية إزالة حطام صاروخ إيراني - ...
- -لا أستطيع التنفس-.. كاميرا شرطية تظهر وفاة أمريكي خلال اعتق ...
- أنقرة تؤكد تأجيل زيارة أردوغان إلى الولايات المتحدة
- شرطة برلين تزيل بالقوة مخيم اعتصام مؤيد للفلسطينيين قرب البر ...
- قيادي حوثي ردا على واشنطن: فلتوجه أمريكا سفنها وسفن إسرائيل ...
- وكالة أمن بحري: تضرر سفينة بعد تعرضها لهجومين قبالة سواحل ال ...
- أوروبا.. مشهدًا للتصعيد النووي؟
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة بريطانية في البحر الأحمر وإسقا ...
- آلهة الحرب


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - بؤرةُ الوهمِ حديثاً