أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - ليس دفاعاً عن الإخوان














المزيد.....

ليس دفاعاً عن الإخوان


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4191 - 2013 / 8 / 21 - 01:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الرعوية تقليد متجذر في الثقافة العربية، يشجع الاستبداد ويقف سداً منيعاً أمام اختلاف القول والفعل ومن ثم تهيئة البيئة الصالحة لإنبات مقومات الديمقراطية المتسامحة مع التنوع والتنافس السلمي. هي رعوية القطيع، سواء أغنام أو أبقار أو بشر؛ الأصل أن هناك دائماً راعي ورعية، وذئاب نهمة متربصة من بعيد. تكاد مجلدات التاريخ العربي منذ كتابتها إلى اليوم أن تكون حقلاً محصوراً على سير ذاتية لهؤلاء الرعاة والرعايا والذئاب، لا تورد ذكراً لآخرين مخالفين في الرأي أو منافسين في الفعل ولا تعرف على الإطلاق شيئاً عن المواطنين المتساوين فيما بينهم ومع حكامهم في كافة الحقوق والواجبات. هذه الروح الرعوية البدائية قد أخذت تتجلى في أبشع صورها اليوم في مصر ضد جماعة الإخوان المسلمين عقب الإطاحة بهم من سدة الراعي، والمحاولات المستميتة الجارية حالياً على قدم وساق لطردهم من قطيع الرعية المطيع المسالم وملاحقتهم كذئاب مسعورة منبوذة.

في هذا الظرف الصراعي المحتدم يمكن الافتراض بسهولة أن يكون جميع الإخوان المسلمين بلا استثناء مجرمون؛ لكن الأكيد أيضاً أن يكون هناك مجرمون آخرون بخلافهم، أقل أو أكثر منهم إجراماً. مستحيل أن يكون الإخوان المسلمون كلهم مجرمين بينما جميع الذين على الطرف الآخر عكس ذلك؛ إنما الأصدق والأكثر منطقية أن يوجد بعض الإجرام والأخطاء هنا وهناك، لكن بنسب غير متكافئة. وسط مثل هذا الصراع المسعور على السلطة، يمكن أن أصدق أن يقتل الإخوان المسلمون عن عمد وسبق إصرار وترصد مئة ضحية مثلاً لكن لا يمكنني أن أصدق أبداً أن لا يتسبب الطرف الآخر خلال هذه المواجهة الشرسة ولو عن طريق الخطأ في مقتل ضحية بريئة واحدة سواء من هؤلاء الخصوم أو غيرهم. في قول آخر، لابد أن يوجد قتلة مجرمون وضحايا أبرياء على كلا الطرفين، ولا يعقل أن يُعطى وساماً جماعياً لطرف بينما يُرمى عقاباً جماعياً على الآخر.

وفقاً لمنطق القطيع السائد حتى اليوم والمانع لشروط البيئة الديمقراطية المتسامحة مع الاختلاف، كان لابد من طرد الإخوان المسلمين كلهم وربما معهم كافة أطياف الإسلام السياسي إلى خارج قطيع المواطنين الشرفاء، إلى حيث تهيم ذئاب مسعورة من أمثال أسامة بن لادن وأيمن الظواهري وسط كهوف الجبال البعيدة. لا مكان لذئاب مفترسة وسط القطيع المسالم. هكذا قد ظل يقول الراعي منذ القدم. هي دائماً مواجهة مقدسة بين ملائكة وشياطين، ومن المستحيل أن ينشأ تعايش سلمي فيما بين الفريقين. لكن، في الوقت نفسه، هذه كانت ولا تزال نفس البيئة المثالية لنشأة وتأصيل واستمرار الاستبداد عبر المنطقة. وقد كان. الاستبداد لا يمكن أن يستغني أبداً عن شياطين وذئاب مسعورة هناك ليخوض ضدها حرباً افتراضية أو فعلية. في نفس اللحظة التي يتوقف العداء لن يجد مبرراً لاستمراره. لذلك، المستبد عندما لا يجد عدواً له يصطنعه بيده، لأنه يعرف يقيناً أن من غير شياطين ما كانت ثمة حاجة إلى آلهة.

على العكس من ذلك تماماً الديمقراطية لا تميز شياطين من آلهة، الكل سواء تحت سيف المحاسبة والقانون. إذا كان المصريون بعد 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013 يطمحون حقاً إلى دولة مدنية ديمقراطية حديثة، لا سبيل آخر غير سيادة القانون فوق الجميع دون أي استثناءات؛ الذي يخطئ أو يجرم يحاسب طبقاً لقانون موحد يطبق على الجميع في مساواة تامة، من رئيس الجمهورية إلى أحط عتاة الإجرام؛ رئيس الجمهورية وأنذل المجرمين هما في النهاية مواطنين متساويين بالكامل في الحقوق والواجبات أمام العدالة والقانون، بحيث عندما يخطئ أو يجرم أحدهما أو كليهما يلقى نفس العقاب العادل المتناسب مع خطئه أو جرمه. من دون ذلك، من دون سيادة القانون على الجميع في مساواة كاملة، لا يمكن أبداً أن تتوفر الشروط الملائمة لدولة حديثة وديمقراطية؛ أما تأليه فريق وشيطنة الآخر- كما قد ظل يحدث طوال التاريخ العربي ويحدث الآن عن صدق أو مكيدة ضد جماعة الإخوان المسلمين- لن يوصل أبداً إلى التعددية والتنافسية السلمية والتسامح والتعايش مع المختلف.

هذا المقال ليس دفاعاً عن جماعة الإخوان المسلمين أو أي من منتسبي الإسلام السياسي، الذي أقف ضده على طول الخط؛ إنما هو دفاع صريح ومستميت في لحظة حرجة وفارقة عن سيادة القانون، الذي لابد أن يكون موحداً ونافذاً في الجميع من دون أي تمييز من أي نوع. بغير سيادة القانون الموحد فوق الجميع في مساواة تامة سيظل دائماً هناك آلهة هنا وأبالسة هناك، وحرب مسعورة فيما بين الطرفين، وشروط القمع والقهر والاستبداد هي المنتصرة والسائدة فوق الجميع.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشكلة ضمير البرادعي
- عن فوائد الحروب
- ليبراليون في بيادة العسكر
- عن ديمقراطية الإسلام السياسي الموعودة
- 2- الإسلام السياسي يُحارب، لا يُسترضى
- مراهقة ليبرالية مصرية أم سذاجة في تحليل الحروب؟
- بعد فشل مشروع النهضة، الأخوان يطلقون مشروع الشهيد
- النسبية العلمانية والأصولية الدينية
- أنا رب الكون
- رهان أوباما الخاسر على الإخوان
- وهل الرُسُل بشر أيضاً؟
- مصر تسقط إرهاب السياسة الإسلامية
- المصريون يخرجون على الشرعية
- هنا القاهرة 30
- مصر الوطنية تصارع مشروع الإسلام السياسي
- أمريكا وإيران من داخل المنطقة العربية
- فضفضة مصرية فوق السد
- إسلام متقدم لمسلمين متخلفين؟!
- في الرحلة مع تطور الآلهة
- بحثاً عن شرعية مفقودة في عرض توقيعات -تمرد- و-تجرد-


المزيد.....




- الشرطة الإسرائيلية تعتقل محاضرة في الجامعة العبرية بتهمة الت ...
- عبد الملك الحوثي: الرد الإيراني استهدف واحدة من أهم القواعد ...
- استطلاع: تدني شعبية ريشي سوناك إلى مستويات قياسية
- الدفاع الأوكرانية: نركز اهتمامنا على المساواة بين الجنسين في ...
- غوتيريش يدعو إلى إنهاء -دوامة الانتقام- بين إيران وإسرائيل و ...
- تونس.. رجل يفقأ عيني زوجته الحامل ويضع حدا لحياته في بئر
- -سبب غير متوقع- لتساقط الشعر قد تلاحظه في الربيع
- الأمير ويليام يستأنف واجباته الملكية لأول مرة منذ تشخيص مرض ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من استهداف وحدة المراقبة الجوية الإسرا ...
- تونس.. تأجيل النظر في -قضية التآمر على أمن الدولة-


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - ليس دفاعاً عن الإخوان