أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - ليبراليون في بيادة العسكر














المزيد.....

ليبراليون في بيادة العسكر


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4172 - 2013 / 8 / 2 - 17:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا شك في أن النظرية والممارسة الديمقراطية لا تزال ضعيفة وسطحية جداً في التربة الفكرية والحياتية العربية؛ كما لا شك أيضاً، على الأقل في مصر بعد 30 يونيو، في أن تحالفاً قد نشأ فيما بين ما يفترض أن يكونا بطبيعتهما خصمان لاذعان داخل حدود الفضاء المدني: الليبراليون والمؤسسة العسكرية. كيف نشأت أصلاً مثل علاقة الزواج غير الشرعي هذه، وهل هي تخدم غاية الديمقراطية؟

قبل الخوض أكثر في تفاصيل هذا السؤال، أنا هنا أود أن أذكر شيئين: (1) بحكم ضحالة الفكرة والتجربة الديمقراطية في المنطقة العربية وبالنظر إلى الهيمنة القوية للشموليات الدينية والعنصريات القومية على عادات وتقاليد وأعراف شعوبها وطرائق تفكيرهم ونظرتهم لأنفسهم والحياة منذ قرون طويلة، قد طفت على السطح مؤخراً بقوة دفع ثورات الربيع العربي جماعة من المفكرين العرب سوف أناديهم فيما يلي بكنية "عبدة الديمقراطية"، هؤلاء المتمسكون بالفكرة الديمقراطية إلى حد التقديس، كما لو كانوا يبشرون بإله جديد في منطقة لم تسترح من كثرة ووطأة الآلهة يوماً واحداً منذ آلاف السنين؛ (2) عبدة الديمقراطية هؤلاء يندبون هذه الأيام الحظ العربي التعس ويلقون باللائمة على الليبراليين المصريين حين انقلبوا ضد حكم الإسلام السياسي بقيادة الإخوان المسلمين وتحالفوا مع الجيش، ويحملونهم المسؤولية عن إهدار واحدة من أهم وأندر الفرص التاريخية لتأسيس ديمقراطية في مصر، تنتقل من هناك في الوقت المناسب إلى جميع دول المنطقة العربية الأخرى. هل حقاً، كما يظن هؤلاء، الليبراليون المصريون قد خانوا أنفسهم والديمقراطية لما وقفوا وراء كبير العسكريين الفريق أول عبد الفتاح السيسي أثناء إلقاء بيان الإطاحة بأول رئيس مدني منتخب في التاريخ المصري كله؟

نعم، قد يكون الليبراليون المصريون في تلك اللحظة بالذات قد فرطوا حقاً وعن قصد وتصميم في ديمقراطية شكلية قانونياً ودستورياً، لكن هم مع ذلك لم يخونوا أبداً أنفسهم ومبادئهم. كيف؟ لأنهم، نقيض عبدة الديمقراطية، ينظرون إلى هذه الأخيرة كمجرد وسيلة جيدة تخدم غاية أكبر وأعلى هي الإنسان نفسه، الذي هو القيمة والغاية الحقيقية. في الحقيقة، الإنسان قد عاش بالفعل من دون ديمقراطية ربما طوال مئات الآلاف أو ملايين السنين، في حين لا تستطيع الديمقراطية أن تعيش يوماً واحداً من دون الإنسان. كذلك الإنسان المصري قد ظل يعيش في كنف الدولة المصرية منذ أكثر من سبعة آلاف سنة من دون أن يذق طعم ثمرة الديمقراطية ولو ليوم واحد. في عبارة أخرى، الديمقراطية من دون وجود الإنسان أولاً لا قيمة لها، لا قيمة لها على الإطلاق؛ بينما الإنسان من دون ديمقراطية، حتى من دون أي ديمقراطية على الإطلاق، لا يزال يمثل قيمة، القيمة كلها من دون أي نقصان. في الواقع، الديمقراطية ليست أكثر من تحسين مرغوب على أصل جوهري- مثل معيشة أفضل، كرامة أفضل، حرية أفضل، عدالة أفضل، مساواة أفضل...الخ- لكن هي في جميع الأحوال ليست هذا الأصل الجوهري ولا يمكن أبداً أن تغني أو تعوض عنه أو تحل محله؛ الإنسان- الإنسان وحده- هو الأصل.

نفس هذا الأصل هو ما دفع الليبراليين المصريين إلى الانحياز لصف العسكر بعد سنة واحدة من حكم الإخوان المسلمين؛ لأن الليبراليين المصريين مؤمنون بقيمة الإنسان قبل إيمانهم بالديمقراطية، ويعلمون أن هذه الأخيرة قد اصطنعت في الأصل لخدمة وسعادة الإنسان لا لكي تكون سيفاً مسلطاً على رقبته كما أراد لها الساسة الإسلاميون. في الحقيقة، مشكلة الإسلام السياسي في النظرية والممارسة على حد سواء تكمن في أن هو يكاد لا يرى الإنسان؛ وإذا رآه لا يكون الإنسان أكثر من جزيء ضئيل ووسيلة محدودة لخدمة غاية ورسالة كونية وإلهية أكبر وأعلى؛ مشكلة الإسلام السياسي، على النقيض من الديمقراطية الليبرالية، هي أن الإنسان وإن كان المبتدى لكن هو لا يزال ليس المنتهى، ومن ثم قد يرتكب بسهولة ودون أن يدري في أي وقت جريمة تسخير هذا الإنسان كوسيلة زائلة لخدمة المنتهى الإلهي الخالد، مجرد مطية مرحلية للسفر إلى المستقر الأبدي.

في واقع الأمر، أنا أرى أن من يرتكب الخطيئة الحقيقية بحق الإنسان ليس هم الليبراليون المصريون الذين فضلوا بعد 30 يونيو بيادة العسكر على ديمقراطية الإخوان المسلمين، بل هم عبدة الديمقراطية حتى لو كانت على حساب الإنسان نفسه. باختصار، ديمقراطية الإخوان المسلمين كانت ولا تزال تمثل تهديداً حقيقياً على الإنسان المصري ذاته، بينما ديكتاتورية العسكر على الأقل أمنته على حياته ووعدته ولو كذباً بتحسينها بالديمقراطية بعد حين. ولأن الإنسان هو في حد ذاته غايتهم ورسالتهم، كان من الطبيعي والمنطقي أن يأخذ الليبراليون المصريون صفه، حتى لو أدى ذلك إلى وقوفهم في نفس الصف وراء العسكر.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن ديمقراطية الإسلام السياسي الموعودة
- 2- الإسلام السياسي يُحارب، لا يُسترضى
- مراهقة ليبرالية مصرية أم سذاجة في تحليل الحروب؟
- بعد فشل مشروع النهضة، الأخوان يطلقون مشروع الشهيد
- النسبية العلمانية والأصولية الدينية
- أنا رب الكون
- رهان أوباما الخاسر على الإخوان
- وهل الرُسُل بشر أيضاً؟
- مصر تسقط إرهاب السياسة الإسلامية
- المصريون يخرجون على الشرعية
- هنا القاهرة 30
- مصر الوطنية تصارع مشروع الإسلام السياسي
- أمريكا وإيران من داخل المنطقة العربية
- فضفضة مصرية فوق السد
- إسلام متقدم لمسلمين متخلفين؟!
- في الرحلة مع تطور الآلهة
- بحثاً عن شرعية مفقودة في عرض توقيعات -تمرد- و-تجرد-
- سائق اللصوص الشريف!
- هذا كلام الله مش كلامي
- الدين الخارج عن القانون


المزيد.....




- شاهد تطورات المكياج وتسريحات الشعر على مدى الـ100 عام الماضي ...
- من دبي إلى تكساس.. السيارات المائية الفارهة تصل إلى أمريكا
- بعد الهجوم الإيراني على إسرائيل: ما هي الدول المنخرطة؟
- السفارة الروسية: طهران وعدت بإتاحة التواصل مع مواطن روسي في ...
- شجار في برلمان جورجيا بسبب مشروع قانون - العملاء الأجانب- (ف ...
- -بوليتيكو-: شولتس ونيهمر انتقدا بوريل بسبب تصريحاته المناهضة ...
- من بينها جسر غولدن غيت.. محتجون مؤيدون لفلسطين يعرقلون المرو ...
- عبر خمس طرق بسيطة - باحث يدعي أنه استطاع تجديد شبابه
- نتنياهو: هناك حاجة لرد إسرائيلي ذكي على الهجوم الإيراني
- هاري وميغان في منتجع ليلته بـ8 آلاف دولار


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - ليبراليون في بيادة العسكر