أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - 2- الإسلام السياسي يُحارب، لا يُسترضى














المزيد.....

2- الإسلام السياسي يُحارب، لا يُسترضى


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4166 - 2013 / 7 / 27 - 19:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ربما الفكرة الجامعة بين منظري الديمقراطية من المثاليين العرب، وأظن د. خالد الحروب واحداً منهم، تقترب من أن "الإسلام السياسي هو شر لا بد منه" إذا كانت المجتمعات العربية تطمح في بلوغ التعددية والديمقراطية أحد الأيام. هؤلاء المثاليون العرب متفقون على تشخيص الإسلام السياسي بالمرض العضال الذي وقف ولا يزال مانعاً دون تمكن الأقطار العربية من تحقيق تعددية وديمقراطية سياسية، تتحول تدريجياً فيما بعد إلى مفتاح لتنمية اقتصادية ورخاء وتسامح وتعددية فكرية أو، باختصار، تفتح الباب واسعاً أمام نهضة عربية شاملة أسوة بالنهضة الأوروبية الحديثة. لكن رغم هذه الرؤية الواضحة للإسلام السياسي كـ"عقبة" مستعصية في سبيل القبول بالآخر المختلف سياسياً وعقائدياً والتقدم بأمل وتفاؤل وتسامح نحو مستقبل مشرق لجميع المواطنين على قدم المساواة التامة، يصر هؤلاء الديمقراطيون المثاليون العرب على ضرورة "اجتياز" هذه العقبة عبر الوسائل السلمية والديمقراطية بدلاً من "إزالتها" بالعنف والقوة، أو مفضلين استرضاء الإسلام السياسي على محاربته.

مثل هؤلاء يراهنون، في رمية خاطئة في اعتقادي، على إمكانية أن يتعلم الإسلام السياسي ذاته درس مبادئ وقواعد وقيم الديمقراطية في مخاض عسير لعملية قد تطول لكنها آمنة ومضمونة النتائج في النهاية مقارنة بالتدخل الجراحي لاستئصال المرض قسراً، مثلما فعل الجيش المصري مؤخراً. على هذا، هم يرون في الربيع العربي فرصة ذهبية لتسوية هذا المخاض الذي سوف يتطلب وقتاً حتى تنضج ثمرته الديمقراطية، ويرون في الإطاحة بحكم الإخوان المسلمين في مصر بعد 30 يونيو إهداراً لهذه الفرصة التي قد تستغرق عقوداً قبل أن تتكرر ثانية، ومن ثم وأد للجنين الديمقراطي المنشود وهو لا يزال في أولى مراحل التكوين.

على الضد من هذا التنظير المثالي، ربما لا يذكر التاريخ شهادة واحدة على أن نظرية شمولية أياً كانت قد أفضت عبر التطبيق إلى أي شكل من أشكال التعددية والديمقراطية. إنما، في المقابل، يقدم التاريخ أمثلة لا حصر لها على أن محاربة- لا استرضاء- النظريات المطلقة والشمولية، التي بالطبع تندرج ضمنها نظرية الإسلام السياسي، كان هو السبيل الوحيد لتخليص المجتمعات من آفات البدائية والتعصب والتطرف وأحادية النظر والفكر والانطلاق بدلاً نحو التسامح والحرية والتعددية والديمقراطية. على سبيل الإيضاح، التعددية والديمقراطية ذات الأساس العلماني السائدة حالياً في دول العالم المتقدم لم تنشأ من رحم الفكر الكنسي- الوثيق الشبه والصلة بفكر الإسلام السياسي- ونظرته الأحادية والشمولية والمطلقة إلى الكون إنما، في الحقيقة، قد شيدت فوق أنقاضه بعد جولات وجولات من الحروب الفكرية والفعلية الطاحنة التي انتهت بانتصار العلمانيين أنصار الدولة المدنية على رجال الكنيسة أنصار الدولة الدينية. بعبارة أخرى، كان إخراج الكنيسة أشخاصاً وأفكاراً من الحكم، أو فصل الدين عن السياسة بمدلول لفظة "العلمانية"، في أوروبا هو الذي قاد فعلاً إلى قبول الآخر المختلف وقيام الديمقراطية؛ هكذا لم تتحقق الديمقراطية الغربية إلا بعد النجاح في إقصاء الفكر الديني المسيحي خارج المجال السياسي والمجتمعي العام، وطرده بقوة الحجة والسلاح معاً إلى المجال الخاص حيث أصبح بحكم سيادة القانون لا يبرح حدود خصوصيات الأفراد وشأنهم.

كذلك الحال مع النازية والفاشية والشيوعية، كنظريات شمولية ذات نظرة أحادية شمولية للنفس والعالم لا تقبل المعارضة والاختلاف. هذه العقبات أمام التسامح والتعددية والديمقراطية قد تمت إزالتها جميعاً من جذورها بوسائل المحاربة الفكرية والفعلية، لا المهادنة والاسترضاء كما ينشد المثاليون العرب. في المقابل، في جميع الحالات التي تركت الأفكار والنظريات الشمولية تأخذ مجراها من دون مواجهة حقيقية، سواء على صفحات الكتب أو في ميادين القتال، كان المزيد من العقم والفقر والخراب والتخلف والانهزام الذاتي في النهاية هو الحصاد المر الطبيعي؛ هكذا كان مصير الاتحاد السوفيتي المنحل بعد حوالي 70 عاماً في كنف النظرية والممارسة الشمولية، ومصير مصر عبد الناصر بعد عقدين كاملين، وهو بالتأكيد نفس المصير الذي لا يزال في انتظار نظامين شموليين معاصرين في كوريا الشمالية وإيران، حيث حتى بعد عقود طويلة من مهادنة واسترضاء الشمولية وإعطائها الفرصة للتعلم والتطور الذاتي لم تتخلى عن سنتيمتر واحد من مواقفها المتطرفة والمتعصبة المبدئية، إنما في الواقع قد أصبحت عزلتها الفكرية والفعلية وتقوقعها وجمودها على نفسها أكبر من ذي قبل، في انتظار لحظة الفشل والانفجار المدوي كالتي عصفت في النهاية بجميع الأنظمة الشمولية الشبيهة السابقة.

السؤال الكبير في هذا المكان: هل الإسلام السياسي هو في الأساس والجوهر نظرية شمولية أم أخرى تقر التعدد؟ إذا كان تعددياً في الأساس والجوهر لكنه مصاب ببعض التعصب والتطرف على الهامش والأطراف السطحية فقط، حينئذٍ قد أتفق مع المثاليين العرب في جدوى الصبر عليه حتى يخوض التجربة ويتعلم بنفسه "على أقل من مهله". أما أن يكون الإسلام السياسي، كما تبين بوضوح الشمس من تجربة الإخوان المسلمين القصيرة في الحكم في مصر، بهذا القدر من الشمولية والتطرف وإقصاء وتكفير الآخر المختلف وإرهابه والتحريض الصريح على قتله، عندئذٍ يصبح من الواجب على جميع الذين يؤمنون بالاختلاف والتنوع والتعدد والتنافس والانتخاب الحر والطبيعي بين البشر ووجهات النظر المختلفة أن ينهضوا لمحاربة هذا الفكر وتطبيقاته، لا أن يعطوه الفرصة لكي ينتشر أكثر في جسم الضحية.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مراهقة ليبرالية مصرية أم سذاجة في تحليل الحروب؟
- بعد فشل مشروع النهضة، الأخوان يطلقون مشروع الشهيد
- النسبية العلمانية والأصولية الدينية
- أنا رب الكون
- رهان أوباما الخاسر على الإخوان
- وهل الرُسُل بشر أيضاً؟
- مصر تسقط إرهاب السياسة الإسلامية
- المصريون يخرجون على الشرعية
- هنا القاهرة 30
- مصر الوطنية تصارع مشروع الإسلام السياسي
- أمريكا وإيران من داخل المنطقة العربية
- فضفضة مصرية فوق السد
- إسلام متقدم لمسلمين متخلفين؟!
- في الرحلة مع تطور الآلهة
- بحثاً عن شرعية مفقودة في عرض توقيعات -تمرد- و-تجرد-
- سائق اللصوص الشريف!
- هذا كلام الله مش كلامي
- الدين الخارج عن القانون
- في العقلية الخرفانية
- إسلام بالقسوة


المزيد.....




- كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم ...
- طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة ...
- مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
- الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
- ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
- انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج ...
- مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
- غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
- ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - 2- الإسلام السياسي يُحارب، لا يُسترضى