الدفاع عن شعب الفصل السابع هوية تود التعريف بذاتها بشكل صحيح - 15

عبدالله اوجلان

الحوار المتمدن-العدد: 1175 - 2005 / 4 / 22 - 11:49
المحور: القضية الكردية
    

خلاصةً، ستعمل ثلاثة خيارات بأشكالها المعقدة على البروز في خضم فوضى الشرق الأوسط، في المرحلة المقبلة:
أولها، تقاليد الدولة الفاتحة وسياساتها الثابتة القائمة بشأن كردستان. فالنظام السائد سيقاوم المؤثرات المحفِّزة على التغيير للمرحلة الجديدة، سواء بدوافع داخلية أو خارجية. حيث سيسعى لإنكار الكرد، وإلا فإلهاؤهم بالأجزاء الصغيرة البسيطة. أما سياسته الأساسية فستكون في عدم رفع العصا من على رأسهم. وقد تسعى النُّظُم العربية والإيرانية والتركية القائمة لتصعيد التحالف فيما بينها أكثر. ومقابل ذلك ستؤازر كل من أمريكا والاتحاد الأوروبي وإسرائيل النزعة القومية الكردية البدائية في كافة أجزاء كردستان لتصر عليها بالفيدرالية. وما قبرص سوى تجربة (بروفا) لهذا التقرب، وسيأتي الدور على فلسطين وكردستان، ليُعمَل على ترسيخ هذا الأنموذج تدريجياً في عموم الشرق الأوسط. وبينما ستقاوم الدول الإقليمية القائمة ذلك، فقد تستخدم القوى التقليدية من جانب آخر، وتقوم بتسليح الميليشيات الكردية المتواطئة معها. ثمة احتمال تعميم السياسات التي طبقتها الجمهورية التركية إزاء كل من البارزاني والطالباني. أما الدور المنوط بحزب AKP، فهو إضرام النعرات القومية الكردية البدائية في شمال كردستان تحت غطاء النقشبندية. ويجب النظر إلى كل من "غونايت زابسو، ملك فرات، حسين جليك، زكي أرغازان، مجاهد جان، مصطفى زيدان، سيفركلي إيزول، ..." وغيرهم من الشخصيات المماثلة؛ من هذه الزاوية. حيث سيبرزون بشكل مستتر، كقومويين بدائيين للبورجوازية الكردية نصف الإقطاعية – نصف الكومبرادورية. وقد برز ذلك بالفعل في الانتخابات المحلية. والذين هتفوا بشعار "إدريس البتليسي هنا، فأين ياووز؟" في شوارع بينغول، قد عبَّروا أصلاً عن هذه التطورات بإيجاز. ومن المحتمل أن تكون ثمة إعدادات لنماذج كردية إسلامية جديدة في الخارج، وخاصة في أمريكا؛ من أجل عموم الشرق الأوسط. وما يمثله "فتح الله غولان" بالنسبة للأتراك، هو عينه لدى كل من غونايت زابسو وملك فرات بالنسبة للكرد، حيث يمثل هؤلاء تركيبة إسلامية – كردية جديدة، ويلعبون دور الموالين الغربيين لحزب الله في الشرق الأوسط، ويمثلون الشكل الكردي للمثاليين.
لقد دخلت الجمهورية التركية تحت تأثير جناحَيْ الطريقة النقشبندية بنسبة كبيرة. فقول رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان: "إن لم يُلفَظ اسم الكرد، فلن تكون هناك مسألة كردية" يتناغم مع سياساته الـ..... (Takiyye) بشأن مسألة الحجاب وما شابه.
لا يزال موضوع كون حزب AKP يمثل الديمقراطيين المحافظين أم لا موضوع جدل. ونخص بالذكر أن الحقيقة البارزة للعيان في الانتخابات المحلية تعزز من احتمال كونه "حزب الدولة" اليميني التابع. وقد تكون النقاشات الدائرة حول الحجاب والعلمانية مجرد ألعوبة مبتَدَعة لتحريف حديث الساعة. من المفهوم أنه تم إبراز حزب AKP إلى الساحة عبر المحاولة المشتركة لكل من الشركات الاحتكارية والمتوسطة من جهة، وقسم من الدولة من جهة أخرى، وذلك بغرض ملء الفراغ – بسرعة وتهور – الذي تركه كل من CHP الحزب الدولتي تماماً، والذي يلعب دور "محافظو الجمهورية"، وDYP حزب الكونترا والعصابات من جهة، وائتلاف DSP – ANAP – MHP المفلس والمكتسب نقمة الشعب الغائرة تجاهه من جهة أخرى. من الأصح النظر إلى الإسلام المعتدل ومزيج الديمقراطيين المحافظين، على أنهم غطاء أو قناع أيديولوجي. فهم يمينيون حتى أكثر من ANAP ذاته. ويذكِّروننا بمجموعات شركاتية، بل بائتلاف من تركيبة تركية – إسلامية جديدة مبتَدَعة بغرض الاستحواذ على المساندات الأمريكية والأوروبية على وجه الخصوص. ولكنهم قد يتشتتون بوتيرة أسرع مما حصل لـANAP، في حال تسارع التطورات الاجتماعية. وإن لم تتشكل معارضة ديمقراطية مبدئية ومستقرة فقد يتوطدون كحزب يميني مركزي. وقد يتكاثف وجود المتواطئين الكرد في AKP بمفهوم ديني نقشبندي – سُنّي وقوموي بدائي هزيل. فمساندة الطالباني والبارزاني ليست هباء أو عبثاً.
يجب التمعن في قراءة المتغيرات الجارية في الجمهورية التركية على أنه يتم تصعيدها كتحالف واسع النطاق مع القوموية البدائية النقشبندية السنية، بما فيها البارزاني والطالباني، بغرض مناهضة PKK. هذه السياسة المبتدأ بها في أيام "أوزال" في التسعينات، ودخلتها أمريكا لاحقاً؛ قد أدت إلى حدوث اضطرابات وتموجات لا يستهان بها حالياً داخل الجمهورية التركية. هل سيَتَّخِذ الحلفُ الكردي نصف الإقطاعي – نصف البورجوازي من أمريكا وإسرائيل وأوروبا أساساً له، أم الجمهوريةَ التركية؟ هذا هو الموضوع الذي يتصدر الجدل الدائر والمشحون بالتناقضات. وهو موضوع قابل لإحداث الشروخ أو الوفاق في أي لحظة. وما على PKK سوى مواصلة موقفه الصمودي الذي يسلكه منذ بدايات التسعينات، تجاه الضغوطات القالبية القائمة المفروضة عليه؛ وذلك عبر نهجه في الوطنية والمقاومة الديمقراطية للمرحلة الجديدة. ذلك أن الاتحاد السائد إنما قائم على دعامة مناهَضة الـ"PKKوية".
ومقابل التطور الثاني المحتمل، قد تبرز سياسات وثوابت جديدة إلى الميدان. وقد تسعى القومية الكردية البدائية إلى النفاذ من فوضى الشرق الأوسط التي ستتجذر أكثر، عبر تعزيز ميولها في دولة مستقلة بذاتها. وقد يُدرَج الكرد في كل من إيران وتركيا وسوريا في جدول الدولة الكردية الفيدرالية في العراق. وفي هذه الحالة، قد تتوطد الاتفاقات والتحالفات مع كل من أمريكا والاتحاد الأوروبي وإسرائيل، لتشمل PKK أيضاً في إطارها. وفي الحقيقة، بالإمكان رؤية هذه الرغبة في مضمون التكتلات البارزة عبر KONGRA GEL. وقد عُمِل على تجربة ذلك في عام 1991 أيضاً. ولكن، إذا لم يبلغ PKK بذاته إلى مستوى قوة منتظمة متعددة الجوانب، فلن ينجو من المآل إلى التصفوية بما ستمهد له المجموعات والتكتلات الشخصية من انحلال وذوبان. وستعلو حينئذ موجة القوموية الكردية. وقد تظهر مستجدات عديدة أخرى مثيلة لما حصل في إسرائيل – فلسطين، العراق، قبرص، الشيشان وكوسوفا. ومقابل ذلك، ستسعى كل من تركيا وإيران وسوريا إلى اتخاذ موقفها باتباع سياسات مشتركة. أما PKK، فهو مضطر لصون نهجه في كردستان ديمقراطية وحرة، في ضوء عملية إعادة البناء. وبينما يسعى للتصعيد من سلطة الشعب الديمقراطية، عليه توخي الحساسية الفائقة في حماية أسس نهجه النظرية والمنهاجية والاستراتيجية والتكتيكية السليمة، وذات الآفاق الغائرة في العمق. وسيصرَُ بعناد على فرض المعادلة "دولة + ديمقراطية" بشكل مبدع وخلاق.
الخيار السياسي الثالث المحتمل هو خيار السلام والحل الديمقراطي. ويعتبر PKK وKoma Gel القوة الريادية له في ضوء عملية إعادة البناء. سيحقق خيار السلام والحل الديمقراطي نموه وتطوره مع تجذر عقم وسقم السياسات ذات تقاليد الدولة الفاتحة من جهة، والسياسات الكردية القوموية البدائية ذات المساندة الأمريكية من جهة أخرى. لذا، تتسم ولادة ونمو السياسات اليسارية الديمقراطية كأمل مرتقب، عوضاً عن السياسات القوموية – الدينية اليمينية في تركيا على وجه الخصوص، بأهمية بالغة. أما النظام القائم المعاند في العقم واللاحل، فيجب أن ينحسر بين صفوف أتراك تركيا، مثلما شوهد لدى أتراك قبرص. وقد استغل AKP – في الحقيقة – هذا الخيار اليساري، وإن بشكل غير مبدئي أو مستقر كثيراً، في نقاشات تركيا، فوصل بذلك إلى الحكومة. فالعقم والأزمة المتفاقمة التي شهدها اليسار، كانت العامل المؤثر والمصيري في تفوق AKP. بل وحتى أن AKP تمكن من تحقيق حملة بارزة في كردستان أيضاً، بسبب عجز DEHAP عن تطبيق النهج الديمقراطي. وبرز مرة أخرى للعيان أن السياسة لن تعرف الفراغ. قد يتمكن نشاط الدمقرطة الكثيف، الذي سيُسيَّر في تركيا وكافة أجزاء كردستان على السواء، من إخراج هذا النهج ذي تشكيلة السلطة الديمقراطية من كونه مجرد خيال أو وهم، ليحوله إلى حقيقة واقعة. والميول العصرية، في الحقيقة، تسير في هذا المنحى. ولكن ثمة افتقار للكوادر والقيادة والأنشطة الإبداعية التي ستهضم هذا النهج فكراً وممارسةً، وتوطده بعناد في كل من تركيا وكردستان. وإلا، فإحراز النصر الموفق قد يؤدي إلى ريادة تاريخية في عموم منطقة الشرق الأوسط. وما تحدثتُ عنه باستمرار من ثقافة الشرق الأوسط وجغرافيته وبنيته الديموغرافية، والذي تتناسب ركائزه الاجتماعية التاريخية مع الفيدرالية الديمقراطية؛ إنما يجعل من هذا النهج الخيارَ السياسي الأمثل تطبيقاً.
الاحتمال الأرجح هو طرح هذه الخيارات الثلاثة على أرض الميدان بشكل متداخل. فالخيارات لا تتسم بثنائية الأبيض والأسود. بل تكون متشابكة بحيث يبرز أحدها حيناً، وبعضها الآخر أحياناً أخرى، ليلعب دور الصدارة. أي أنها ستتحقق ضمن بنية ديناميكية ومتغيرة على الدوام. ولأن فرصة القوموية البدائية والوضع القائم محدودة في إيجاد حل طويل المدى، فإن خيار السلام والحل الديمقراطي، الذي سيدور حوله الجدل والنقاش بالأكثر في كردستان مستقبلاً، سيتطور ويتفوق كأمل منير لكافة شعوب الشرق الأوسط، وذلك بريادة Koma GelوPKK المعاد بناؤه. وكل شيء مرتبط بمدى هضم هذا النهج وتفهمه بكل عمق، والتقرب منه بخلاقية في تجسيده العملي.
لقد استوعبنا من المستجدات اللاحقة لتأسيس "اتحاد القوى الديمقراطية"، أن هذا الأخير يتضمن بضع تباينات جدية في الممارسة العملية، رغم انتظارنا أن يشكل أنموذجاً للخيار الديمقراطي. لقد كانت تقربات SHP و-ÖDP احتمالاً – من حزب DEHAP، بالتعاون مع فئة من المنتمين إلى هذا الأخير؛ تتسم بالتصفوية. ونخص بالذكر أن السخط البارز تجاه "عبد الله أوج آلان"، الذي طالما تبناه الشعب وهتف باسمه، ومحاولات عزله، إنما سلطت الأضواء على هذه الحقيقة. وجليٌّ موضوعياً أنه ثمة تقربات تصب في مسار CHP ودنيز بايقال. وقد برز سخط الشعب تجاه ذلك بسطوع في نسبة الاقتراع والتصويت. أما فرصة نمو "اتحاد القوى الديمقراطية" وتصاعده، فمرتبطة بتخطيه التأثيرات الدولتية المفرطة لـCHP، وبرهنته نظرياً وعملياً على أنه خيار متمحور حول المجتمع، وبشكل مقنع. في حين أن المواظبة على "مناهضة الآبوجية"، سواء مباشرة أو بشكل غير مباشر، فستتمخض عن تبعثرهم وتفككهم. على "القوى الاتحادية" أن تستوعب يقيناً أن الشعب الكردي لن يتراجع أو يتخلى بتاتاً عن حزبه وسياساته الأولية المتسمة بالانتظام والوعي الأقصى، ضمن الحقيقة الديمقراطية غير المتمحورة حول الدولة.

#عبدالله_اوجلان (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات