الكتاب سفيراً فوق العادة:

إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 4068 - 2013 / 4 / 20 - 09:12
المحور: الادب والفن
    

الكتاب سفيراً فوق العادة:

لا يزال الكتاب يواصل دورته التي بدأها، منذ أول مخطوط استنسخ بغرض التداول المعرفي، خارج عتبة مؤلفه، كي يؤدي دوره التنويري، من جهة، ويربط الناس ببعضهم بعضاً، من جهة أخرى، عبر خلق نقاط الالتقاء، وهي التي استطاع الوعي الإنساني اكتشافها، في كل مرحلة، لتكون بذلك رداً على ثقافة القطيعة، والانعزال، هذه الثقافة التي بات ينشرلها، حتى الآن، في عصرثورة التكنولوجيا والمعلوماتية، من خلال رفع الجدران والسدود في وجه أي تواصل بين أفراد العمارة الواحدة، في البناء الكوني الواحد.

وهاهي معارض الكتب تستطيع أن تؤكد في كل مكان، أن الكتاب الورقي قادرعلى مواصلة دوره الذي رهن له، في التوشيج الروحي بين أبناء مثل هذه الأسرة الواحدة، بل ومواصلة ماتم إنجازه من قبل رادة الثقافة، ومنتجيها، عبرقرون،في الانفتاح على الآخر، مع ضرورة الاحتفاظ بخصوصيته الثقافية، مادام أن هناك المشترك الرؤيوي، والتاريخي، بعيداً عن تلك المعاول التي راحت تخرب هنا وهناك، وكان أن تم هدم صروح عالية، وأطواد شامخة، لطالما اشترك في بنائها الأمم والشعوب، ضمن إطارنقاط الالتقاء، والمشترك الإنساني.

وجاء تصريح الرئيس مسعود البرزاني في معرض الكتاب الثامن، المقام حالياً في إربيل-هولير،عاصمة إقليم كردستان، والذي اشترك فيه حوالي مئتين وخمسين دارنشرمحلية، وعربية، وعالمية، أثناء زيارته لجناح معرض الشارقة الدولي للكتاب- الذي يشارك للمرة الأولى في فعاليات هذا المعرض- مبيناً أهمية دور الشارقة وصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، متابعاً لما ينشره الكاتب العراقي، عموماً، والكردي، خصوصياً، عبر دور النشر الإماراتية، والشارقية، ما ينم عن أهمية متابعة الشخص الأول للحركة الثقافية، وضرورة إزالة الغبار عن كل ما هو مشترك، لاسيما وأن هناك آلاف الأشجار الكردية، بلغة البروفسيور عزالدين مصطفى رسول، نبتت في الأرض الإسلامية، وفي هذا خير دليل على خصوصية العلاقة بين الشعبين الكردي والعربي، على وجه الخصوص، ويمكن هنا الإشارة، ولو سريعاً إلى بعض هؤلاء الكتاب، والمفكرين، والمؤرخين، والفنانين، والأعلام الكرد- على اختلاف رؤاهم ومواقفهم- من أمثال الصحابي الجليل جابان أبوميمون،و أبناء الأثير وابن خلكان، وابن الحاجب النحوي الكبير، وابن تيمية، وبديع الزمان النورسي، وقاسم أمين، وعباس محمود العقاد، ومحمد عبده، وأحمد شوقي، ومحمد كرد علي، والرصافي، والزهاوي، وأم كلثوم الأباظية، ومحمد حسنين هيكل، ودرية عوني..إلخ..، ناهيك عن آلاف الكتاب الكرد الذين يكتبون، الآن، باللغة العربية، من أمثال: سليم بركات وإبراهيم محمود وغيرهما، وقدغدا كل هؤلاء عنوانات، وجزءاً أصيلاً،مهماً، من بنية الثقافة الإنسانية، المشتركة، كما هم موطن افتخاز واعتزاز من قبل أهلهم، أينما كانوا، ووجدان المتلقي العربي، في كل مكان..

إن إشارة الرئيس البرزاني، إلى دور الشارقة، إنما هو دليل على عمق المتابعة من قبله للخريطة الثقافية، بل وإلى الحضور الكبير لإمارة الشارقة-بشكل خاص- ودولة الإمارات-بشكل عام- في هذه الخريطة، لاسيما وأن الكتب التي تطبع في هذا المكان، باتت تشكل رقماً لافتاً في حركة الكتاب، ناهيك عن أن لمعارض الكتب الإماراتية دورها البارز في عالم نشر الكتاب- لاسيما وأننا-الآن-على أعتاب معرض أبوظبي الدولي للكتاب، والذي ستنطلق فعالياته المختلفة، بعد أيام قليلة فقط.

أجل، إن في إمكان الكتاب، أن يستعيد الكثير من ألق التواشج الثقافي، الحميمي، بين شعوب المنطقة، المتعايشة منذ قرون طويلة، بعد أن صارت مهددة، خلال هذه الفترة الحساسة، في ظل التحولات الهائلة التي تجري من حولنا، لنتمكن من نشر ثقافة التواصل بدلاً عن ثقافة القطيعة، عبرمواصلة مثل هذا المشروع المهم، الذي يمكن التقاطه، بيسر، والاشتغال عليه.

إبراهيم اليوسف
[email protected]


جريدة الخليج-20-4-2013

تم نشرالزاوية بعنوان آخر.......

#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل