|
ما الذي يجري في العالم ؟
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 4052 - 2013 / 4 / 4 - 16:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مالذي يجري في العالم ؟ ***************** فعلا ما الذي يجري في العالم ؟ لم يكن العالم يعيش قبل عقد من الزمن ما يعيشه اليوم ، وبحكم التطور الكوني فان التاريخ البشري لا تشبه حقبه اللاحقة حقبه الماضية ، ولاتتشابه . فجميع التحولات التي نعاينها اليوم هي ارهاص لتحولات قادمة ، ستكون بالضرورة أشرس مما عايشناه في العقد الأخير . وفي العقد الأخير هناك حدثان كبيران أثرا على الخريطة الجيوسياسية للعالم ، وأحدثا زلزالا هائلا في موازين القوى ، وفرض على القوى الدولية ذات التأثير الواضح تغيير سلوكها السياسي ومراجعة كل حساباتها ، بينما أبقت القوى الدولية ذات التأثير الخلفي مغيبة حتى على الاعلام التقليدي ذي النبرات الحادة والمهتم أساسا بلغة طبول الحرب التي بات الجميع يسمعها ، وبتقارير صعود وهبوط مؤشرات المال العالمية . وأعني بالحدثين الكبيرين ، قرار البيت الأبيض غزو أفغانستان بعد أحداث 11 شتنبر ، والذي تحمل ثقله جورج بوش وطاقمه الحربي ، فمكتبه لم يكن يضم الا أهل الحرب والدمار ، ابتداء بكوندا ليزا رايس وانتهاء بديك تشيني . وما تبع ذلك من غزو للعراق . والحدث الثاني هو الثورات العربية المباركة التي أحدثت ارتباكا واضحا في أجندات الدول القوية ، وجعلتها تغير جميع حساباتها ، فحين تستيقظ الشعوب العربية فان القضية تدعو الى قراءة جيدة ومتأنية لهذا الاستيقاظ ، وليس فقط الاكتفاء باعطاء روشيتات الدواء المهدئ ، نظرا للخلفية الحضارية والمخزون الثقافي والمعرفي الذي تتوفر عليه الأمة العربية ، وهو ما يعتبر مرجعا ذاتيا ، يضاف اليه انفتاح هذا العالم العربي على مختلف الثقافات الانسانية ، وهو ما يشكل شخصية ذات أبعاد لامتناهية ، الأمر الذي يعني أن هذا العالم سيكون له شأن ما اذا استغل أبناؤه كل مواهبهم وطاقاتهم ومخزونهم . العالم العربي لا ينظر الى نفسه من هذه الزاوية ، لكن الغرب حتما ينظر الينا من خلالها ، وهو يعرفنا قبل أن نعرف أنفسنا ، والتاريخ والواقع يثبتان ذلك ، فالدراسات الاستشراقية أبانت بالملموس أنه كان مطلعا على تاريخنا وفاهما له أكثر منا ، وهو ما يزال يتخمنا بدراساته في علوم الاجتماع أكثر مما يفعله أبناؤنا وأساتذتنا ، والنتيجة ، هو يدرك لعبة انتقال الحضارة ونهضة الأمم . لكن هذا لن يعفينا من قراءة خريطة العالم وأحداثه اليوم ، لنقف على مدى تداخل وتشابك الأهداف والأحداث الدولية ، فلسنا نحن فقط من يريد أن ينهض ويتطور ، بل هناك امم سبقتنا بخطوات ، كانت منذ مدة قريبة وراءنا في مؤشرات التنمية والعلم والمعرفة ، لكنها استفاقت بارادة ذاتية ، وبتوفر قادة وطنيين هدفهم الأسمى تطوير مجتمعاتهم ومنحهم مكانا تحت الشمس ، عكس حكامنا الذين انتفت منهم صفة القيادة ، الذين انخرطوا فيما انخرط فيه امراء وممالك التاريخ العربي من الذوبان في حياة البذخ والترف والبطش والظلم ، وكأن الحداثة لا تعنيهم الا باعتبارهم صادفوا مرحلتها عند أمم أخرى واكتفوا باقتناء وشراء آخر موديلات التقنيات والمنتوجات الغربية . لا احد أظنه طرح هذا السؤال ، لماذا قامت كوريا الشمالية فجأة بتهديد الولايات المتحدة الأمريكية في قعر دارها ؟ وهل أمريكا الآن جاهزة لمثل هذه المناوشات الضخمة ؟ ان الأمر يتعلق بتخطيط دقيق ، هدفه معلوم عند الباحثين الاستراتيجيين ، خاصة اذا استحضرنا الأزمة المالية والاقتصادية التي تمر منها الولايات المتحدة الأمريكية ، ودول أوروبا ، فالجواب عند الصين وروسيا . أما ايران فقد أعلن احمدي نجاد من مصر أن دولته اصبحت دولة نووية ، وصرح كبير المفاوضين الايرانيين في الملف النووي السيد سعيد جليلي أن مستقبل الحوار مع الولايات المتحدة الأمريكة أصبح مفروشا بالورود وهناك امكانية كبيرة لحوار ثنائي هادئ وصريح ، على أساس حق ايران امتلاك الطاقة النووية ، الأمر الذي سيترتب عنه اتفاقات لن تكون الا في صالح الدولتين ، وضد مصالح العرب . هذا ما يجري في العالم ، خاصة وأن مجموعة "بريكس " ، استطاعت أن تؤسس كتلة من الدول ذات الطموح الحضاري كفاعل مؤثر في السياسة الدولية ، مما يعني أنها تمتلك تأثيرات مالية واقتصادية أصبحت تنافس بشدة ما تمتلكه الدول الغربية وأكثر ، مما يعني أن ثقل العالم لم يعد في شقه الشمالي بل انتقل وبسلاسة الى شقه الجنوبي ، خاصة وأن كبار الباحثين في الأزمة العالمية الراهنة يجمعون أن الغرب مقبل على أوقات حرجة وصعبة ، ولن يستطيع التغلب على أزمته الهيكلية فيما يخص العجز المالي والنهوض الاقتصادي وعودة الرخاء الاجتماعي ، وهذا ما يفرض قراءات جديدة لخريطة التحولات العالمية ، التي يبدو أن العالم العربي سيظل في ذيلها ، لأن ارادة الشعوب لاتتساوق مع ارادة الحكام ، وليس القادة مرة أخرى .
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءة في كذبة أبريل المغربية
-
انكسارات الظلال
-
الراعي والقطيع والهلاك الفظيع
-
ابداعية الشعر والواقع المبدع -3-
-
البحث عن الغائب الحاضر -3-رواية
-
البحث عن الغائب الحاضر -2-رواية
-
اشكروا الظلام......اشكروا القتلة
-
لا تتوتري
-
البحث عن الغائب الحاضر -1-رواية
-
عن أي مغرب يتحدثون ؟
-
الاستقالة كتعبير حضاري
-
لعبة الموت
-
اسرائيل تعتذر
-
استقلال القضاء واستغلاله، في المغرب أي علاقة ؟
-
بين الثورة والثقافة -1-
-
المغرب بين الدستور الجديد وعقل الحديد
-
الارهاب حالة دولة
-
ما زال للورد عطره
-
كلمة صادقة الى الشعب السوري الأبي -2-
-
ابداعية الشعر والواقع المبدع -2-
المزيد.....
-
بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير
...
-
الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي
...
-
السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن
...
-
التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد
...
-
-السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل
...
-
البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
-
بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب
...
-
هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
-
تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
-
إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|