أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - الانتفاضة السورية والسياسة














المزيد.....

الانتفاضة السورية والسياسة


طيب تيزيني

الحوار المتمدن-العدد: 4036 - 2013 / 3 / 19 - 00:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في مثل هذه الأيام قبل عامين منصرمين خرجت جموع الشباب من مختلفي الأعمار وببعض المدن السورية، لنواجه مشهداً متعدد الدلالات، من هذه الأخيرة تبرز دلالتان اثنتان، تقوم أولاهما على الإيحاء بأن ذلك المشهد أوقع بعض الخارجين والمراقبين المدققين في لحظة من الذهول «المستغرب»: مَنْ هم هؤلاء الذين يسيرون في الشوارع؟ هل هم من فصيل ما اعتاد الناس أن يروهم؟ جمع من السائرين في «مسيرة شبيبة نسبة إلى منظمة شبيبة الثورة أو شبيبة الأسد، أم في مسيرة طلائعية (نسبة إلى منظمة الطلائع البعثية)؟ أم أن الأمر يحتمل تصوراً آخر، هو «تظاهرة احتجاجية»؟! وكان على الناس أن يدققوا، حتى وصلوا إلى القول بأنه حقاً «تظاهرة»، ذلك أن هذه الظاهرة بدأت تفقد احتمال ظهورها في سوريا، منذ تأسست الوحدة بينها وبين مصر عام 1958، وبعد تكريسها قانونياً من خلال قانون الطوارئ الذي صور في سوريا بعد الانفصال عن مصر عام 1963.

منذ ذلك العام، كان تكريس القانون المذكور قد جاء نتيجة الانقلاب العسكري، الذي قام به حزب «البعث». لقد غابت السياسة بعد ذلك حتى يومنا هذا، حيث حلّ محلها نظام أمني استوفى شروطه في سنوات لاحقة، خصوصاً بعد تسلّم السلطة من قِبل حافظ الأسد عام 1970، والآن ومع بداية الانتفاضة الثورية في سوريا، وجد المنتفضون أنفسهم خاليي الوفاض، إلا من حماسة متدفقة تحميها وتطورها منظومة الحرية والكرامة والعدالة، لكن ظهر في سباق الشعارات التي راح يطلقها أولئك، غياب ملحوظ لخطاب سياسي ناضج، ومن أين لأولئك بهذا، بعد أن سحبها ذلك النظام الأمني من المجتمع السوري، وكرّس بدلاً عنها مجموعة مظاهر على رأسها «الرياضة العابثة»، و«رياضة الكرة»، منها في مقدمتها، بعد أن ألفها الناس: الرشوة وما يتصل بها راشياً ومرتشياً، وغيرها، ولكن قبل ذلك تعميم أجهزة الأمن وجعلها شاملة الحضور والفعل.

واكتملت المسألة مع إفساد دون استثناء، للقضاء الذي تحولت أمكنته إلى مراكز مخابراتية أو ملحقات بمثل هذه المراكز، تُصفى فيها الحسابات مع المواطنين المدانين تحت الطلب. ذلك كله، ومعه ما مر مظاهر الثقافة والتعليم والتحديث، أنتج وعياً بالبؤس والعار والهزيمة، مما جعل الأمر هذا طبيعياً في نظر جموع الفقراء والمفقرين والمذلين والمراقبين الآخذين في التنامي، وإذا كان الوضع قد بلغ تلك الدرجة من اليأس وافتقاد الأمل، فإن سؤالاً كبيراً ومركّباً أخذ يفرض نفسه على الناس بأشكال شتى، من مثل الشكل التالي: هل إن ما يُصيبنا يمثل قدَراً مطلقاً؟ أم إنه قابل للمواجهة، وفق «جدلية العين والمخرز»؟ كان عنصر الشباب، ذكوراً وإناثاً، قد أخذ يتحول إلى حالة تتأرجح بين الأمل في الاستمرار وبين الانكسار أمام أخطبوط «دولة أمنية» تلتهم الأخضر واليابس، وهنا ظهرت مواقف ساذجة مرة وخاطئة خطِرة أحياناً، مثل ترنيمات وهتافات ذات طابع وطني مدني.

وقد نسجل هنا بعض ما يُفرزه مثل هذه الحال، لتظهر أمامنا صيغة من صيغ الهزل أو الخداع التاريخي، وذلك حين خرج الشباب بشعارات كان النظام الأمني قادراً على اللعب عليها، لو لم يلجأ إلى أسوأ الحلول والرهانات، نعني رهان المواجهة العسكرية المباشرة، لقد استخدم الرصاص، يداً بيد مع رؤية انتقامية متوحشة، وربما كذلك طائفية، فدلل بذلك على غباء تاريخي ونظري ومنهجي فظيع في قسوته، لقد أخطأ في قراءة الحدث، مَسوقاً بوهم تكون في أوساطه، هو التالي: إما الأسد، وإما نحرق البلد، ها هنا نتبين درجة مكر التاريخ السوري، الذي لم يُتح لـ«السياسة» أن تكون على الأقل إحدى رهانات الحل، فحصد ما زرع، ولذلك، فإن المقولة الحاسمة في سلوك النظام الأمني، أكملت ما كان عليه أن يحدث، تعبيراً عن قصوره التاريخي الكارثي الفظيع، أما المقولة فهي هذه التي نعيش سقوطها المدوي راهناً: إن أقل ما يقبل به ذلك النظام الفاشي إنما هو كل الأشياء، فإما هذا، وإما ذاك.

الثورة السورية تجد نفسها، والحال كذلك، أمام مهمات عظمى، خصوصاً في المرحلة القادمة، أي المرحلة الانتقالية، فمهمة إنتاج مجتمع مدني ديموقراطي تدخل في حال التأسيس بعد الدمار الإجرامي، كما تستمر في مرحلة استعادة السياسة كمنظومة ديموقراطية وبرلمانية ناظمة تتحقق بمشاركة الجميع.



#طيب_تيزيني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عامان وبداية عصر جديد
- الحوار السياسي
- نكسة «نصرالله»
- قانون الاستبداد الرباعي!
- استراتيجية «الزمن التاريخي»
- عار اغتصاب النساء
- الثورة لا تتوقف عند السلطة السياسية
- العدالة العقلانية فوق الثأرية
- نقد أدونيس للثورة السورية
- النفق السوري المظلم
- الفكر السياسي و-الثورة-
- -الثورة السورية- والفكر السياسي
- هل المقاومة في صراع مع الثورة؟
- الثورة السورية في عيون المُناهضين
- سوريا بين الأقليات والأكثرية
- حين ينحط جنس الإنسان
- الحرية... وفضح المستور!
- الربيع العربي-... اختبار معقد
- سوريا: الدولة والمجتمع المدني
- المجتمع الدولي وشريعة الغاب


المزيد.....




- ممثلة أميركية تتألق في البندقية بفستان من إيلي صعب عمره أكثر ...
- إيران تكشف تفاصيل عن ضربة إسرائيل على سجن إيفين
- لماذا ترغب بريطانيا في شراء مقاتلات F-35A؟
- قاعدة العديد في قطر والإنذار الأخير.. خفايا الليلة التي عبرت ...
- هجوم روسيا الصيفي في أوكرانيا يترنّح: زخم ميداني دون مكاسب ا ...
- ترامب: -لن نتسامح- مع مواصلة محاكمة نتنياهو بتهم فساد
- لماذا تشعر بالتعب وقد نمت 8 ساعات؟
- ضحيتها السائقون والمستخدمون.. -أوبر- اعتمدت على سياسة مشبوهة ...
- مستوطنون يقتحمون الأقصى وشرطة الاحتلال تقتحم سلوان
- مصدر قضائي: 71 قتيلا في الهجوم الإسرائيلي على سجن إيفين بطهر ...


المزيد.....

- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - الانتفاضة السورية والسياسة