أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مختار سعد شحاته - حكاية النملة.. إلى النملة التي تحركت من فروة رأس الجد نحو وجهه. -قصة قصيرة-














المزيد.....

حكاية النملة.. إلى النملة التي تحركت من فروة رأس الجد نحو وجهه. -قصة قصيرة-


مختار سعد شحاته

الحوار المتمدن-العدد: 4012 - 2013 / 2 / 23 - 14:41
المحور: الادب والفن
    


-1-
تحمل خطوط الرمل المنقوشة من آثر قلبها الصغير، فتخبر كل الواجمين عن العالم، ممن تشرد عينهم في خطوط الرمل التي تحمل من أثرها بعض التنعم، ويفرح العقل الواجم باكتشاف كونها "نملة" عبرت. ربما قابل سليمان واحدة من أجدادها حين تبسم ضاحكًا، لكنها لم تكن أبدًا ممن يسمع بهم سليمان أو غيره، فكيف للنمل أن يسمعه البشر؟ وكيف للنمل أن يسير في الرمل دون أن يترك أثر قلبه الصغير على الرمل. سيجرب النمل أن يجد من طرق جديدة تمكنه من سماع لغة البشر من جديد، فجين النمل الذي استمع قديمًا إلى سليمان يبدو أن اتصل بقلب تلك النملة.
هنا وجب أن تستعيد نملة واقع الحدث حين قررت أن تعبر نحو وجوه البشر، وأن تُدمن أحاديثهم عن الحب والبناء:
- "الإنسان بنيان الرب يا صغيرتي" قال الجد.
- "فلم يهدمون الحلم يا جدي؟!". تسأل الصغيرة.

-2-
لأن للقلب فعاله العجيبة، يُسكن من يشاء وقتما يشاء في أي زاوياه يشاء، أسكنت صغيرة الضفائر "النملة" في قلبها، حرمت عليها الخروج إلى عالم البشر الكبير، تعرف أن عالمهم يتسع لها مثل كل الأشياء، لكنه يعجز أن يحتويها، مفارقة عجيبة، لكن من يسكن النمل قلوبهم يعرفون أن ثمة ملاحة في هذه الإشكالية، فهم ينتبهون براحة إلى كون قلوبهم أرحب من فضاء دنيا البشر الواسعة. هكذا يسكنون النمل حين يتسلل من فروع الشجر، ويخرج من الحجرات فوق بعضها البعض ضاربًا في الملكوت، وغير مشغول بالغنى أو الفقر، بالحب او الكراهية، فالنمل فقط يعمل، ويحب ما يعمل، حتى وإن أوحشه الحنيين إلى مقال سليمان الحكيم، لكنه يمضى يخط أثره على الرمل، فيحولها الموج إلى قلوب رملية صغيرة تتشابه وقلوب البشر ممن لم يعد يهتم بأن تسكن "النملة" قلوبهم، وهنا يحب الموج كل القلوب التي يهدها له البحر فيختبيء فيها حين يتكسر في نهاية رحلة الوصول، فتسعده القلوب التي كانت من أثر النمل حين خطا على شاطيء الرمل.
- "من علم الموج حب القلوب التي يرسمها أثر النمل يا جدي؟". تسأل الصغيرة.
- "رب النمل يا صغيرتي من يرزق الحب ويعلمه". قال الجد بحكمة عجوز.

-3-
يمكن في حالات نادرة للنملة أن تصعد أعلى قمة الوجه، فتفتش في فروة الرأس عن أصل الفكرة في رأس الإنسا، تحاول تجميع الإجابات عن معنى الخشوع حين يُصلي، أو أسباب الهدوء حين يحب، وقد يشغلها كثيرًا أن تظل تراقب ومض انفعال الإنسان حين يُتهم، وكيف يأنس حين تمر الأحبة. ولأن "النملة" مخلوق لا يعرف غير العمل، يظل في سعيه الحثيث في فروة الرأس يبحث عن مخزونات الصور في رأس البشر، ويختار الصور الجميلة التي تُريح القلوب، ولا يمسها، ويبدأ في ثقب صور حزينة أملا أن يساعد الإنسان في النسيان.
-"مسكين هذا النمل".
النمل يتغذي بآلام البشر، فيغدو حزينًا وحيدًا في عالمهم الذي يضمه ويعجز عن احتواء "النملة" التي جاست فروة رأس إنسان في لحظة ما، ولا تجد صدى ابتسام سليمان الحكيم، فتجرب أن تصرخ كلما اكتملت صورة حزينة أكلتها من رأس الإنسان، لكن سليمان الحكيم مات منذ قرون! ومات الصدى والابتسام! ولم تبقَ سوى صور الذكريات المحببة في الرأس عن حادثة النمل الأولى حين قالت؛ فتبسم ضاحكًا.
-"للنمل ذاكرة عجيبة، تحتفظ بكل شيء". يقول الجد بإعجاب وانبهار.
- "أينسى الحزن يا جدي؟!". سألت الصغيرة.

-4-
إعجاب البنات الصغيرات بالضفائر حين تجدلنها، قد يعطي سببًا أصيلا يجعل "النملة" تفضلُ رأس الجد حين يُصلي، فثمة أحداث كثيرة توفر الطعام لسنوات كثيرة، فحادثة فقدٍ واحدة في رأس الجد؛ تكفي "النملة" قرونًا، فحزن العجائز يكبر مثلما تكبر الجديلة على ظهر طفلة عامًا بعد عام، ولأن الجدائل في الصغر لا تعرف سوى الفرح، ولأن النمل مخلوق لأكل الصور الحزينة، فرأس طفلة لا تناسب "النملة"، لكن قلبها يتسع بغرابة لكل صور القلوب التي رسمها البحر حين تعبر النملة على الرمل وتترك خلفها الأثر منقوشًا بدقة تنافس خلْقها العجيب المُبدع.
خلق الرب الطفلة، وجعل ضفيرتها تكبر عاما بعد عام، وجعل النمل لا يأكل الصور في رأسها، لكنه محبب إليه السُكنى في قلوب الصغيرات.
- "أحب النملة يا جدي حين تسعي". قالت الصغيرة.
- "والنمل يحب صغيرتي باقتدار بالغ". يهز الجد رأسه التى تفتش فيها "النملة".

-5-
حين رأت النملة تترك رأس الجد، وتتحرك نحو العين، خافت أن تنسى النملة صورة حزينة في رأس الجد، فهي تُسرُّ إلى الجد صورة حزينة وقديمة، حين تركها الأب وسافر، تحتفظ في رأس الجد بصورة دموعها الأولى عن معنى البعاد، وكيف يمكن أن ترسم طفلة صورة للاغتراب والغربة، تظن الصغيرة أن الصور الحزينة الأخرى التي أكلتها "النملة"، تقويها كما يقوى الحزن البشر، لطمت وجه الجد لتُمسك بالنملة، وتعيدها إلى رأس الجد من جديد، فمن يأكل صورتها الحزينة في رأس الجد إن غادرت النملة؟
- "لم قتلتي النملة يا صغيرتي؟!".
-"لم أقتلها يا جد، فقط أرت تنبيهها لصورتي الحزينة".

-6-
لم يكن متاحًا لأحدهم معرفة أن "النملة "هي الأخرى أرادت الخلاص من أكل صور البشر الحزينة، فـ"النملة" تحمل في رأسها صورها الخاصة حين تنفرد في قلب الطفلة بنفسها- وتنشر كل الصور، هي صور تحتوي صورة حزينة لم تعرف كيف تأكلها النملة يومًا.
- "يا نملتي التي تسكن قلبي، دعيني آكل عنك صورتك الحزينة، وانعمي بصورك السعيدة كلها في قلبي الصغير". قالت فتاة تعوّدت أن تُطير الفرح كلما طيرت شعرها المنسدل، فتأسر قلوب البشر والنمل معا.
- "لن تحزن الصغيرة منذ اللحظة". أخبرهم الجد بسعادة.

-تمت-
مختار سعد شحاته.
"bo mima"
روائي.
مصر - الإسكندرية.



#مختار_سعد_شحاته (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- امرأة كانت ذات يوم مراهقة محبب لها الفرح .. -قصة قصيرة.-.. ن ...
- مزج مقدس.. حالة من حالات الرجل. -نص أدبي-.
- جبريل لم يعد ملاكًا!! ولا أي إندهاشة.
- نِفيسة.. قصة قصيرة إلى نفيسة التي عرفتها، وعرفها نجيب محفوظ ...
- حلقة ذِكر.. قصة قصيرة.
- شعب الطُرشان
- -كليك يمين-. أنا افتراض؛ أنا موجود.
- حاجز الخوف.. كسرناه أم استبدلناه؟
- (ست-حكايات لحبيبي الذي يحب القهوة والأحلام تريحني، وحكاية لا ...
- (خريطة سكندرية خاصة)
- دماء على أسفلت التدين.
- من حالات ربٌّ يُحبُ النساءَ.
- رسالة إلي الشيخ -العريفي-.. أرونا فعلكم قبل خُطبكم الرنانة.
- الحمد لله أنها خلقت من ضلع أعوج.
- الجنة بين الحلم والخيال والواقع.
- .من تاريخ العُري الوطني.
- اقرأ .. وحاجة إلى إعادة فهمها القرآني.


المزيد.....




- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مختار سعد شحاته - حكاية النملة.. إلى النملة التي تحركت من فروة رأس الجد نحو وجهه. -قصة قصيرة-