أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مختار سعد شحاته - نِفيسة.. قصة قصيرة إلى نفيسة التي عرفتها، وعرفها نجيب محفوظ من قبل.















المزيد.....

نِفيسة.. قصة قصيرة إلى نفيسة التي عرفتها، وعرفها نجيب محفوظ من قبل.


مختار سعد شحاته

الحوار المتمدن-العدد: 4001 - 2013 / 2 / 12 - 15:24
المحور: الادب والفن
    


"نفيسة"

توطئة – ربما نعتبرها المقطع -1-

أحتاج إلى "باولو كويليو" كي أستعير منه جملته الافتتاحية في روايته – الخيميائي- فحاجتي إلى تلك الجملة في بداية الترجمة ملحة، أو أظنها مناسبة.
-"كانت تُدعى سماسم".

أظنه لقبًا استبدلوه باسمي الحقيقي، والذي بيَّتُ النية على التخلص منه، وقذفه في واحدة من تلك البالوعات التي تتكفل بخطف المتعثرين، فيضجر الناس منها، ثم يتكفل الزمن بردمها، وتطمس للأبد، وتحتفظ في جوفها الماضي كثيرًا من لحظات من عاينوا السقوط عبر فُتحتها السطحية، وتدفن صرخاتهم ولحظاتهم داخلها تحت التراب. هُناك غير بعيد عن مكاني هذا كانت من تحمل الاسم الحقيقي الذي استبدلوه معي بأريحية أو تماشيًا للحال، فأُعرف بلقبي "سماسم".

-2-
في واحدة من لحظات اليأس التي تضرب مثيلاتي ممن تستبدلن أسماءهن بالألقاب السخيفة، قررتُ الخروج نحو الكورنيش بكل ما يراه البعض وَسخًا، فيستعظمون حق استغلالي القميء، ويعقبون بأن "مائة جنيه" أكثر مما ينبغي على مثلي أن تنال.

-"بحر إسكندريتكم يغسل الروح". قال أحد الزبائن لي في نهاية جولة.
الآن ما أحوجني إلى هذا الغسيل! وعلى غير عادتي وفي واحدة من لياليَّ النمطية السرد، أو ربما كانت ليلة زينتها مُدققة بمبالغة لافتة – فأنا قليلة الجمال- بعدها وانتظارًا لواحد من هؤلاء أصحاب الحظ الفاسد، ممن ترمي بهم أوجاعهم وجوعهم الرغباتي إلى مائدتي، فيحرصون على انهماكي في نشوة السُكر، وساعتها يتم استباحتي للتفتيش عبر نظر الشبقين ممن خانتهم محافِظَهُم، أو تعثر حظهم الفاسد في النيل من فسقي – وللعلم أحب الحديث الفاسق حين أنتشي بالخمر مهموسًا خلف أذني – فأستمتع لكل ما يدور من لعبة سرمدية لا غالب فيها.

-"الجميع يتساوي في الفراش يا امرأة". نهرني زبون حين استفسرت عن وقته معي.


-3-
لا أذكر البداية، وإلا فلم أستدعي جملة "كويليو" ؟ لكنها لا تتعدي بعض المعطيات التي يمنحك واقع الحياة إياها في سفور وبلا مبالاة من حدوثها. فقط تابع معي التفاصيل – وللعجب ليست بجديدة – فأنا حين تعودت الأمر؛ لم يعد يخالف كونه واحدة من عاداتي، وأنا من هؤلاء الذين يسكنون حيث تنتشر عاداتهم الرخيصة والمتوقعة تمامًا كأحلامهم التي لا تتعدى ورقة نقدية تحمل في أعلى طرفيها رقمًا به صفران، أو تدعى البراءة فتحصر أحلامها في علبة تزيين مقلدة الماركة بمصنع صينيّ رخيص يعرف زبائنه من أمثالي والفقراء الطامحين. ربما بعدها أترك جثتي لمن تصادف، وأكتفي بممارسة طقس المراقبة حين تعلق روحي بسقف الحجرة تحت شهوة هزيمتي كل ليلة في سرير مختلف.


-4-
اليوم حين قررتث الخروج نحو الكورنيش أحمل أوساخ المخمورين بين فخذيَّ، تفوح رائحة استباحي واستبضاعي الرجيمة المخلوطة برائحة العرق، هناك قريبًا من "كوبري ستانلي" رأيته. لا أعلم منه سوى تفاصيل صورة كل ما يميزها شامة سوداء تشبه الزبيبة قريبة من حاجبه، يدقق على الدوام من وضعية نظارته الطبية، وعصاته الأبنوس تسبقه تتحسس بلاطات ممشى الكورنيش، وتسرع نحوي، فأقف في مواجهته. ابتسم ابتسامة من لا يتعمدون الخطأ، وهزَّ رأسه الصغيرة – وللعجب جميلة بشعرها الأشيب.

-"نفيسة، أسف.. استنفذت كل طرقي لأجل مصير آخر، لكن الحكبة دومًا تخون أو تنتصر". قال بأسف.
لا أفهم كلامه، ولا أعرف من "نفيسة" تلك! أنا "سماسم"، فمن تلك التي يعتذر لها؟!. ساعتها وفي غمرة غرابة الموقف بكيت، رُبما الحكبة هنا تخونني أنا الأخري، لكني يقينًا بكيت، وإلا فما سر معاودته التبرير والاعتذار عن ذنب لا أفهمه؟!

-"ربما لو كان يوسف إدريس؛ أظنه سيكون أكثر رحمة مني بك.. ربما". قالها في خجل.


-5-
من أين يأتي البكاء؟! وكيف يتسلل الحزن إلى قلوبنا هكذا بخفة؟! ومن قال بأن البحر يغسل أوساخنا؟! تمنيت أن يجيب عن تساؤلاتي التي استدعاها أسفه الذي لا أفهمه، لكني كعادتهن اكتفيت بأنيني المكبوت، فانعقد لساني. دراميًا يا سادة لابد أن يتصاعد الحدث قليلا حيث أفلح في سؤاله عبر دموعي عن موقفه:

-"صدقيني يا نفيسة لستُ وحدي المُلام، العالم كله يستحق لعنتك، لكنها طبيعة العمل التي تفرض هكذا النهايات البغيضة".
بعدها أظن اعتبار اعتذاره وتبريره الذي لم أفهمهما، وبعض الكلام الذي أسمعه حين يلازمني هؤلاء المحبطين ممن يسمونهم في مقهى "كريستال" أو "البورصة التجارية" بالفنانين والمثقفين، رحل في سلام.

-"أظنني أسامحه، ربما أتفهم تبرير الحبكة الذي يدَّعيه فهكذا تقتضي أحوال الكتابة".


-6-
بقي الآن أن أصعد فوق حافة "كوبري ستانلي"، حيث قادتني الحركة بلا انتباه.
-"البحر لا يشبه النهر يا سيدي".

ليته يراني الآن، فيعلم أني لا ألومه، فحبكته التي استدعت حكايتي هنا، تجعلني أستدعي وقفتي على حافة سور "كوبري ستانلي" في النهاية. الآن تأتيني ابتسامته المحرجة وشامته المميزة، وأتراقص فوق سور الكوبري، بينما أمسك بيد هذا الذي عرَّفني نفسه بأنه "شاعر"، وأتفهم ساعتها اعتذاره عن ممارسة ذلك الانحطاط معي بلا معنى لحب حقيقي.
هامش: هواء البحر، سيارات مسرعة، وقع عصاه الأبنوس تتباعد نقراتها على بلاط ممشى رصيف الكوبري، تتلاشى بهدوء، ويبقى هواء البحر يؤكد حقية واحدة .

-"ماء البحر يخالف ماء النهر ".


تمت بمقهى ديليس بمحطة رمل الإسكندرية .

مختار سعد شحاته.
(bo mima)
روائي.
مصر الإسكندرية.



#مختار_سعد_شحاته (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حلقة ذِكر.. قصة قصيرة.
- شعب الطُرشان
- -كليك يمين-. أنا افتراض؛ أنا موجود.
- حاجز الخوف.. كسرناه أم استبدلناه؟
- (ست-حكايات لحبيبي الذي يحب القهوة والأحلام تريحني، وحكاية لا ...
- (خريطة سكندرية خاصة)
- دماء على أسفلت التدين.
- من حالات ربٌّ يُحبُ النساءَ.
- رسالة إلي الشيخ -العريفي-.. أرونا فعلكم قبل خُطبكم الرنانة.
- الحمد لله أنها خلقت من ضلع أعوج.
- الجنة بين الحلم والخيال والواقع.
- .من تاريخ العُري الوطني.
- اقرأ .. وحاجة إلى إعادة فهمها القرآني.


المزيد.....




- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مختار سعد شحاته - نِفيسة.. قصة قصيرة إلى نفيسة التي عرفتها، وعرفها نجيب محفوظ من قبل.