أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مختار سعد شحاته - .من تاريخ العُري الوطني.















المزيد.....

.من تاريخ العُري الوطني.


مختار سعد شحاته

الحوار المتمدن-العدد: 3961 - 2013 / 1 / 3 - 07:57
المحور: المجتمع المدني
    


*روح الله يجب أن نُعري عنها، ولنجرب بالوقوف أمام مرآة إنسانيتنا:

حين خلق الله الإنسان، جعل الجسد كيانًا ملموسًا يمكن ستره أو تعريته، بينما جعل من روحه في هذا الجسد مستورة في خلق الإنسان وسلوكه، وأسجد الملائكة لأصل الروح منه في آدم، وهي أبعد الأشياء التي نغالي في سترها لا تعريتها ودعوتها للظهور، وتعجب كيف لملاك سجد لنا يومًا، أن يصل بنا الأمر أن نصف من يتعامل بعطر هذه الروح المخبوءة بأنه ملاك، وقد نسينا أن الملائكة قد سجدت لنا، وأننا مكرمون عليها، لكننا حين لم نعرِ عن أرواحنا وبالغنا في سترها؛ تبدلنا وتبدلت المفاهيم كلها. فمتي يكون العُري مباحًا؟ ومتى لا يجب؟ ومن غيَّر مفهوم العُري ونزعه عن الروح ليقصره على الجسد وفقط؟!
- العُري .. عريان.. عريانة.. تعرى.. كل مفردات تجذب الكثير، ويمارسها الكُل دونما لحظة وقوف حقيقي للنظر إلى حاله متى مارسها.. من فضلك تعرى أولاً من كل صورك الذهنية عن الغير، وحاول الوقوف مع المجموع امام مرآة إنسانية لا تعكس مجرد صورتك الظاهرة، بل تعكس عمقك وداخلك، من فضلك أغمض عينيك لثوان، تخيل نفسك أمام تلك المرآة، ثم تابع القراءة.

*مفهوم العُري:

- العُري لغة عني به، هو عدم ارتداء الملابس وأحيانا يستخدم للإشارة إلى ارتداء ملابس أقل بكثير مما كان متوقعا من قبل ثقافة معينة، وبخاصه في فضح الأجزاء الحميمه من الجلد عارية. ويميل علماء الأنثروبولوجيا إلى الافتراض منطقيا أن البشر يعيشون أصلا عراة، دون ملابس، كوضع طبيعي وأن تكييف جلود الحيوانات والنباتات إلى أغطية لحمايه اللابس من البرد والحراره والمطر، وخصوصا أن البشر هاجروا إلى مناخات جديدة؛ كبديل، تغطي أن تكون الملابس قد اخترعت أولا لأغراض أخرى، مثل السحر، الديكور، والعبادة. "راجع تعريف العُري في ويكيبيديا"

فمن تعرى أولا؟
- دعونا نتذكر قول الرسول الكريم – من سن في الإسلام سنة..... إلى آخر الحديث، هنا وبقراءتنا للمشهد المصري في الأونة الأخيرة، سنرى سر تعري فتاة ما، ما هو إلا كالعبارة الدارجة في مصر " تطور طبيعي للحاجة الساقعة"، فتلك الفتاة تعرت - وإن اختلفنا معها أو اتفق الآخرون – لكنها هُنا متبعة لا مبتدعة.

*من توارخ العُري المصري الحديث:

حين تقرأ أزمة حكومة "إسماعيل صدقي" في النصف الأول من القرن الماضي، وترى تحالفات ومؤمرات من فصيل محدد، يلوي عنق آية قرآنية للاتجار بها، في محاولة لإقناع العامة بحكومة "إسماعيل"، فيكرر الدعوة لتأيدها مستعينًا بقول المولى "واذكر في الكتاب إسماعيل...." إلى آخر الآية، تندهش حين ترى صورة من صور العُري الفجة، والتي يحاول أصحابها الآن التنصل منها، وإنكار كونها صورة مؤسسة للعُري بمعنى فج وقُح لذاك الفصيل السياسي.
تابع القراءة منذ ذلك التاريخ، لتقف أمام صورة لعري آخر، حيث اعتصامات عمال كفر الدوار في العام 1954م، حيث استشهد ثلاثون –تقريبًا- عاملاً، حين فضَّت قوات الشرطة والجيش الاعتصام، بل تصدمك صورة العُري حين تتشكل محاكمة عسكرية سريعة لقادة الاعتصام من العمال، والحكم بالإعدام على اثنين من أبرز قادة الحركة العمالية من كوادر الشيوعيين. ولعل ما يتعرى في الصورة، هو كشف الستر عن وجه قبيح لديكتاتورية تنظيم الضباط الأحرار العسكري منذ اللحظة الأولى التى انحرف فيها التنظيم ولجأ إلى سياسة التصفية لرفاق شيوعيين قامت حركتهم على جهود هؤلاء الرفاق؛ فاعتزلهم البعض ممن شاركوا في تأسيس التنظيم، واعتذروا عن تصرفاته وانحرافه السياسي، ولنقرأ تاريخ الشيوعية في الفترة ما بين 1940م وحتى نهاية عهد عبد الناصر.

*عُري ما بعد معاهدة كامب ديفيد:

ولتتابع رحلة العُري لتجدها تتكرر في ما يعرف في سبعينيات القرن الماضي بثورة الخبز، وكيف يعريها الراحل السادات من كل قيمة وحق مشروع، ليُصر على تسميتها "ثورة جياع وحرامية"، بل ترى نفس الشخص يتمادى في تعرية المشهد المصري بحملة اعتقالات سبتمبر في مطلع الثمانينيات، لكنها هذه المرة عرَّت وجهًا قبيحًا لهذا الرئيس، انتهت به إلى الاغتيال في أكتوبر التالى. وتري الرئيس المخلوع – مبارك- وقد مارس نوعًا جديدًا من العُري حين نشاهده في واحدة من صولات النفاق الإعلامي حين جلس مع فلاح صعيدي، وتندر وضحك إثر ذكر الفلاح لكلمة "عَبّارة"، فتراه – مبارك – يُعري إعلامه بجملته التي ظنها تُعطي انطباعا بالضحك وأنه شخص "ابن نكتة"، فيكشف ويُعري نفاق إعلامه، ويعري نفسه من آدميته وإنسانيته حين قال " عبارة من اللي بيغرقوا اليومين دول!!".

*العُري في الثورة المصرية يناير 2011م:

كأن العُري صار سمتًا طبيعيًا في مجتمعنا المصري، يمارسه قادته ورموزه، ويتقبله المجتمع بكل رضا أو بجبر وخنوع، فلا ترى صحيفة وطنية تمعَّرَ وجهها، أو كيانًا يشهد للتاريخ بحقيقة هذا العُري، ولعل ذلك ما أعطى الانطباع بأن هذا المجتمع لا يمانع التعري، مهما كان قبح الفعل أو انحرافه أو قسوته ؛ وهو ما أعطى البعض أريحية في استمرار تاريخ العُري وممارسته، من خلال تلك الهجمات الشرسة بتعرية كل من يختلف معهم من كل خلق ووطنية بل ودين، فنرى الاتهامات تقذف هنا وهناك، وبأريحية عجيبة يُنزع الإيمان عن البعض، بل يصل الأمر إلى حد قذف الأعراض، وهتك الخصوصية بشكل فاضح، لمجرد مخالفة الرأي، وحادثة الاتحادية ليست منا ببعيد، وقضايا السبّ والقذف، واتهامات العمالة، والخيانة تعج بها المحاكم، وما هي إلا قضايا فاضحة لحالة من العُري المطلق الذي انتاب البعض، وهو ما يعكس بقدر كبير ميل فصيل إلى هذا الهوس بالعري، دون وعي لحقيقة كونهم يتعرون من كل خلق وأدب ودين، حين ظنوا أنهم يُعرون هؤلاء المختلفين معهم. فما هذا الهوس لهؤلاء وراء العُري؟!
ربما ثورة الشباب المصري سيأتي يوم ويكشف التاريخ عن عُري خاص- ومن خلال ذاكرته الرقمية بفضاءات الانترنت وما يُرفع من فيديوهات على مواقع التواصل وغيرها، سيكشف التاريخ كل لُباس اعتقد فصيل ما أنه حقهم ويؤسس لستر كذبهم وكونهم صُنّاع الثورة، كأنهم ينسون أن لُباس الثورة فقط لُباسًا للشباب الذين كسروا حاجز الخوف، قبل أن يتم سرقة ثوب الثورة عنهم، والالتحاف بها من قِبل نفس الفصيل، بل يصل الأمر إلى حد النهم في تعرية شباب الثورة من كل روح وخلق الثورة. تبًا لهؤلاء لصوص ثوب الثورة، وهم على الدوام يرتعون في عُري مبين.

*الرئاسة المصرية تتعرى بسفور بالغ:

حين تتابع الآن خطابات مؤسسة الرئاسة المصرية، ستجدها كل يوم، في تصريحاتها أو خطابات هذا المنتخب على سُدة الرئاسة المصرية، ستجدهم يمارسون عُريًا جديدًا، بكشفهم كل الأغطية عن وجه قبح زائف وكاذب، يُصر على التعامل مع هذا الشعب بنفس سياسة السابقين "واذكر في الكتاب إسماعيل..."، وهو عُري ممنهج وفج، حين ترى رئيس البلاد يعتمد منهج العُري في خطابه ضدد خصومه، وكان العُري صار مرادفًا مفهومًا للجميع. لكن اللافت رد فعل المصريين تجاه كل ما يصدر من تلك المؤسسة الرئاسية، في ردة فعل لا تقل عن ردة فعلهم حين تتعرى تلك الفتاة لجذب الانتباه إلى قضيتها في الداخل المصري، فلا تجذب سوي ميديا الغرب، بينما الداخل المصري كأنه اكتفى من كل هذا العُري على مر تاريخه الطويل.

*من تعرى أولاً: الفتاة الناشطة أم الساسة ورموز الحركات:

- منذ أسابيع صدمنا حجم الزخم الذي يدور حول تلك الفتاة التى تعرت لأكثر من مرة، فكل مرة تتعرى فيها، وبغض النظر عن وجهة نظرنا الخاصة، والتى لم نفلح في تنقيتها من إطار نظرية "العيب" بمفهومها الشعبى البسيط، لم تفلح تلك الفتاة في لفت انتباه بسطاء المجتمع إلا من زاوية واحدة، زاوية رؤية صور فتاة مصرية تعرت، حين يبحث عنها الكثير، دون انتباه لما تعرت لأجله. لكن دعونا نوثق ونتتبع تاريخ هذا العُري، وكيف انتهت إليه تلك الفتاة؟ حتى نضمن عُريًا لائقًا ولافتًا لأجيالنا اللاحقة.
وللإنصاف ختامًا، فالمقال لا يمثل حائط صد عن الحريات الشخصية – وهو حقٌ أصيل لكل الخلق، بقدر ما هو حجر زاوية للانطلاق والبحث في تاريخ هذا العُري في عُجالتنا تللك ولمحاولة فهم أسباب التعري الكائن في وضعنا المصري، الذي تظنه تلك الفتاة قد يُحرك ساكنًا في الداخل المصري.
- فمن منكم الآن يملك شجاعة التعري أمام مرآة إنسانيته التي لا تكذب، ويخبرنا ما يراه في المرآة أمامه.

بقلم : مختار سعد شحاته. "روائي" 3 من يناير2012م في الإسكندرية - مصر
شارك في المقال د: كنان عمر "كاتبة وصحفية" – لندن - بريطانيا



#مختار_سعد_شحاته (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اقرأ .. وحاجة إلى إعادة فهمها القرآني.


المزيد.....




- مغني راب إيراني يواجه حكماً بالإعدام وسط إدانات واسعة
- -حماس- تعلن تسلمها ردا رسميا إسرائيليا حول مقترحات الحركة لص ...
- تحتاج 14 عاماً لإزالتها.. الأمم المتحدة: حجم الأنقاض في غزة ...
- اليمنيون يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة
- عائلات الأسرى تتظاهر أمام منزل غانتس ونتنياهو متهم بعرقلة صف ...
- منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ ...
- ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين ...
- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...
- الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مختار سعد شحاته - .من تاريخ العُري الوطني.