|
السير تحت ندى السنبلة
نصيف الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 4009 - 2013 / 2 / 20 - 22:57
المحور:
الادب والفن
السير تحت ندى السنبلة
تحت الثقل المعهود للصيف ، نغفو في منجم تلتطم به الشهية الحادّة للموت ، ونستولي في يأس هائل على الضغائن التي تركها الموتى معلقة فوق أشجار زمنهم . الساعة العجلانة تشرب من نبع ضامر ، والأشياء التي أضعناها في نحول الفجر ، غاصت في اطمئنان طويل للحظة المتفحّمة , ما نحاول العيش معه في الصدى الرهيف للخميلة ، يبتعد عنّا ويتقلّب بين تماثيل فزعه . ظل نحيل للسكينة التي تنحسر عنها الإشارات ، شاق ومبهم . دوام الغضبة المدمرة في صوامع حبوبنا ، يعرّضنا الى خسارة عظيمة ، لكن السير تحت ندى السنبلة ، يعوّضنا المراكب التي غرقت ولم نفصح عنها . قبور جديدة تحاذي الأشجار التي نتغدى عندها في كلّ يوم ، ولا امكانية لنا في ازاحتها أو الاجهاز على الرأفة التي يطلقها صوبنا الموتى . نتعجّل في حنين الخرائب اللقاء بمن استيقظوا في الأنفاس الحرّة للمصابيح ، ولامسوا في نشيجهم الرطوبة المحملة بالشواطىء . القبر والشجرة ، كلاهما يشتركان في الاستعداد لمعانقة الميت . ينهض عصفور في شجرة الحلم ، ويبني عشه من خصلات شعر رؤوس الموتى . آلهة غريبة عبدناها في الماضي ، تجذّف من شاطىء الى آخر ، والزمن يجتهد في حركته للحاق بالثمرة التي تركها الميت ، متقرّحة في أرض رحلته . لا حاجز ولا مسلك نفلتُ فيه من البذرة التي تنمو وتكبر وتتعقبّنا الى ميزان مصيرنا المتضامن مع خفّته .
توثبنا الى فردوسها
محمولة معي ، يتضوّع في عبير ضفائرها البشر والحجارة المتلألئة في البرد . الصيف الماضي تسلّقنا الذروة الأجمل للوجود ، نحاول تضميد الجروح الغائرة للشجرة المتمايلة للحبّ . أفق مُعظّم عبرنا فيه النضوج الأول للثمرة المُخدّرة ، وكانت النحلة تلد بين فتيات يتعلّمن أشياء أكثر مهارة من الجنس . توردت في نهديها دموع رياض ، تفرز عسلها في الخلود المتعاقب للطبيعة . أرض جسدها اللاهبة ، نسينا أن نهدىء فيها الزمن الذي يتلاشى ، وغفونا طوال اليوم ، ننتظر فراشة موتها التي تدلنا على الماضي الأشدّ ابيضاضاً من الحاضر المغني في شعله المحبطة . هل ارتكبنا خطأ ونحن نصعد الظهيرة المحظوظة للتاريخ ؟ كُنّا نريد الوصول الى نجمة جبينها المحجّبة بين المرايا الكثيرة للذكرى . الالتماعة الإلهية لجسدها الأكثر لهباً من صلاتنا المحمومة ، تعفينا في تجليها لنا ونحن ننتظر سطوعها في لهفتنا الحامية ، من ما خسرناه في اختراقنا لنداوة السرّ . حبّها كان إمهاراً حيَّاً لموتنا ، ولا نستطيع الفكاك من توثبنا الى فردوسها . شفاعة منها ، هي ما تغرينا لنطيح بكلّ ما ادخرناه . حبّك انخيدوانا ، رحلة شجاعة لا توصف ، نتلمّس فيها الشراع المنذور للخبرة ، ونرمي بالسهم في الآبار المحصودة للغياب .
حكاية مُحْكَمة
نتوخّى في مرورنا فوق النصل الحادّ للغيظ ، الحذر ونشكو من القيلولة العطوفة للضمير بين الأشياء التي نعيرها أهمية ما . إرادة طافحة بادهاشنا للنساء المُصوُتات في نسيم الأبنية المترّنحة ، وتقْلب الربيع على النسيم الأسمر لحقول القمح . لؤم ما نقوم به في غياب الحارس ، يستعصي على الحلّ في المثابات التي نتخلّى فيها عن شهادتنا ضد الفتاة المومس في الحديقة . حكاية مُحكمة نسمعها من الصيّاد وهو يفرغ الغابة من الاوكسجين . باستطاعة المرء منّا أن يدعي عاهة معيّنة ، لكن شيّم الغدر التي نتصف بها دائماً ، لا ترضى أن تمنحنا شهادة حسن سلوك . يغيب الانسان في رائحة عسل حياته ، وفي جبينه المعفّر شبهة كبيرة . تضرب الفوضى صخرتها الخادعة في منتصف الدرب الذي نقصده ، ويصدنا عملنا الشائن عن الاعتراف بما ارتكبناه من شرور . أفعال لم نتوّقع القيام بها ، تحفّزنا على ممارسة الغلط المتماثل مع الدوّامات التي نحيط بها أنفسنا .
20 / 2 / 2013
لمعرفة اخر تطورات فيروس كرونا في بلدك وفي
العالم كله انقر على هذا الرابط
https://ahewar.org/Corona.asp
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,242,857,550
|
-
الفوران الصامت لإثمار السنبلة
-
الحجارة المتعزّية في الزمن
-
ندى ثقيل للتاريخ
-
نوافذ السنة
-
التوق الى الخلود
-
الجحيم الذي نسمّيه الأمل
-
أنسبُ مرض في الزمن
-
اخوتنا الالزامية للوردة
-
مجد المهجورين على الشواطىء المرتعدة
-
الطرق الكاملة لحياتنا
-
العوالم السفلى للوجود
-
في تسلّقنا الغصن الأسود للصيف
-
الحاضر في لهبه واشاراته
-
الأوغاد الذين يشرّعون لنا القوانين
-
حياتنا المريضة ، متكلَّفة بثقل صلصالها العتيق
-
الأطلال الخادعة للماضي
-
5 قصائد
-
العفن الجنائزي للماضي والحاضر
-
ثقل الأضاحي
-
مصائرنا المصفوعة بيأسها المريع
المزيد.....
-
وهبي يتطاول على -الاستقلال- وحجيرة يذكره ..-حزبنا موجود على
...
-
-دستوري غير دستوري- .. فريق -البيجيدي- في مواجهة متوترة مع ب
...
-
منظمة -الإيسيسكو- تختار الدوحة عاصمة للثقافة الإسلامية
-
وفاة فنانة مصرية بفيروس كورونا... صورة
-
آمال الكهرباء أم أزماتها؟.. غوايات إنقاذ العالم وخيالات السي
...
-
تخفيفا لإجراءات كورونا.. أبو ظبي تعيد فتح -السينما- بنسبة 30
...
-
فنانة فلسطينية ترسم لوحاتها للمكفوفين
-
عودة الأنشطة الثقافية والترفيهية في نيويورك وكاليفورنيا
-
وفاة الفنانة المصرية سوسن ربيع نجمة فيلم -على باب الوزير-
-
الفنانة الكويتية ملاك تكشف أسرارا عن شخصيتها.. فيديو
المزيد.....
-
هل يسأم النهب من نفسه؟
/ محمد الحنفي
-
في رثاء عامودا
/ عبداللطيف الحسيني
-
ظلال الاسم الجريح
/ عبداللطيف الحسيني
-
أسأم / لا أسأم...
/ محمد الحنفي
-
ستّ مجموعات شِعرية- الجزءالثاني
/ مبارك وساط
-
ظلال الاسم الجريح
/ عبداللطيف الحسيني
-
خواطر وقصص قصيرة
/ محمود فنون
-
هل يسأم النهب من نفسه؟
/ محمد الحنفي
-
قصة المايكرو
/ محمد نجيب السعد
-
ديوان شعر 21 ( غلاصم الزمن )
/ منصور الريكان
المزيد.....
|