|
الأطلال الخادعة للماضي
نصيف الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 3854 - 2012 / 9 / 18 - 20:22
المحور:
الادب والفن
يعاودون تسليح أنفسهم
تاريخ أسود يصعب علينا فيه التضامن مع شرائعنا ، ومع النفاية المُغلَّفة للخير في المجتمعات . خطط متعدّدة جاهزة لتربية الجراثيم في حيواتنا المتصلّبة ، معلَّقة منذ عصور سحيقة ، وتضربنا في ما نطمح اليه . نحيا مع الجعلان في اتحاد يتخفّى بين الثغّرة العميقة للصلاة على مصائرنا الميتة . المجرمون والطغاة وأولئك الذين يشتهرون بالرعونة ، يعاودون تسليح أنفسهم ، ويدلّونا على الزمن الجديد للطوارىء . ما نظنَّه اننا سنعبر فيه الى الهداية ، مخفورٌ بأريجه المتعفّن والمرتاب من تحرّرنا ، ومن ابتعادنا الدائم عن نباهة العدالة . معابد الانسانية الظامئة الى البركان والطوفان ، ثكنات معدومة الرحمة في لحظتنا الراهنة ، نُعلّق في رفوفها ايماناتنا الصمغية الجافّة والمحجوبة عن الأسرار .
لقاء المحبوب
أشياء كثيرة نفقدها في الزمن الزهريّ للوداد . النساء اللواتي نؤجج فيهنَّ الرغبة ، جشعات ويفصحن عن النجوم التي نخفيها في برد الأنهار . يتحرّك الحبّ في قانونه الموسوم بالعصمة ، ضدّ ما نحاول أن نتملّكه في اللحظة المتشظية للدفن ، والغفران الذي نأمله من الآلهة للغرقى ، مكافأة عديمة القيمة ، تنتظرها العصافير في الليل الأدهم للآبار . السكينة المفرطة في تعذيبها للعاشق ، سند شرعي للهجران الذي يقاومه بلا كرامة . لا يحقّق الجهل ، الهدف الذي ننشده ، ونحنُ نعبر الجسر الى الصعقة الأخيرة للقاء المحبوب . بهاء قناديل آثمة يهزّها شغفنا الطويل بالعذوبة في الليل العظيم للكوكب ، نمشي في عظمتها وننثر البذور على الأرض الواهنة . كلّ شيء نرّتبه في فوضى أحلامنا المعتصمة بمخاوفنا ، ينفصل عنَّا ويحرق الغلال التي ندّخرها للولادة . نسهر في تعاطف مع الصخر الثقيل للواقع ، والأولوية لشُعل الحبّ التي تشارك في الحكم على يأسنا الثابت في نبذه الثمرة العفيفة للموت .
الى جانب الصدى المكظوم
الموت والميلاد ، يجلداننا ويقسوان على الطابع الحقير لنوعنا الانساني . التبصّر في نسيم اليوم الخامل ، ديمومة مستعادة ، تزفرها نشوتنا بما يقترن بألمه ، ونحن نستسلم في أعلى المشنقة – الحياة . لحظات كثيرة نُعبّر عنها بتلقيحنا للشجرة التي نعلّق عليها القرابين . يخدش البلسم في نذرنا له للثراء ، كلّ جرح نوثقه الى جانب الصدى المكظوم ، ويخذلنا القنص الطويل للأنفاس . الانسان في الطبيعة المُتكبّدة عفنه ، يمضغ إنهياراته بتواضع عجائز ، ويعتلي ميتته المعبأة بعوز عظيم . إيمان في وحشته ، يخالطه مشط الفراغ المثلوم على الحافّة المتصدعة للهاوية .
الميزان المريح للهلاك
الى محمد النصّار
حلمٌ ثابتٌ في رموزه المهينة ، نحيطهُ بتوسل دائم للعبور الى الماوراء . الحياة والموت ، نعيشهما بالتساوي ونحنُ نوّدع الشجرة الصدئة للسنوات . لقاء الموتى الذين هم أعداؤنا في الأحلام ، يهدّم دفاعاتنا وتحيّرنا أحجيتهم المطلسمة . لا ميت يخلد الى الراحة ، ولا حيّ ، والأغصان السود في الأفق ، هي أرواح مَن ودّعناهم بتمهيد كبير للتخلّص من لمعان مفاتيحهم . الغياب شاغل عظيم للشيخوخة ، وهناك لحظات ننسى الدنو منها ، ولا نتحرّى عن البصيص الضئيل للحبّ فيها . الأكثر قرباً من الموت ، ينعم بعافية معظّمة في نكرانه لذاته ، يستبدل شرارات حياته ، بأسى عفيف تتدلى فوق مرآته الحكمة والخبرة الوامضة . الحداثة معقودة في جباهنا المتغضنّة ، وتعفينا من الاحتياطات المطلوبة في تقدّمنا بالسنّ ، لكنَّ لواحقها الأكثر إمهاراً من تذللنا في الجرأة الحمقاء للشقاء الأزلي ، تعزل الذين يدّعون الفهم في زمن متلاف ولا يصون التعفف . الحرّية شقيقة موتنا وفضائله المتنافرة ، نغفو تحت قناديلها ونتظاهر بتمثلنا للحاذق والمتجانس في صلاتنا التي يعوزها هدف ما . نحتاج الآن ونحن في سيرنا المنهك صوب الأطلال الخادعة للماضي ، الى شجاعة القوّاس من أجل اجتياز الشوكة المتصدعة للحظة التي تطاردنا بأسلحتها النبيلة ، ليل نهار . لا حاجز ، ولا مرفأ ، ولا ندى يوقظ الكينونة من الجرانيت الذي يتوسدها . نومة نهائية تحت الأضواء الزرق للقبر ، نسند فيها طموحنا وندّسه في الميزان المريح للهلاك .
18 / 9 / 2012
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
5 قصائد
-
العفن الجنائزي للماضي والحاضر
-
ثقل الأضاحي
-
مصائرنا المصفوعة بيأسها المريع
-
ثلاث قصائد
-
نصوص الحرب
-
يتضوّع الفجر الشقيق للحبّ رخيماً على المحبين
-
الحمقى الذين يسهرون في كهولتهم
-
دفاعاً عن ما يفنى في الطبيعة
-
6 قصائد
-
اللحظة / الحركة
-
الهديل المرتعش لحمائمنا فوق الخرائب
-
الأضواء العطرية للحجارة الكريمة { 5 قصائد }
-
تقديم القرابين . 8 قصائد
-
ميراثنا المعشوق بين الدموع
-
المقدس والمدنس
-
القيثارات العتيقة لموتنا
-
بين الأشجار الضامرة للعزيز المتوفَّى
-
غبار عظيم في ثيابنا القربانية
-
كل نبع يوثقُ الغرقى الى ثقل سهاده
المزيد.....
-
خبراء أمريكيون يؤكدون وجاهة الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحرا
...
-
تسوية قضية الصحراء محور مباحثات بين نائب وزير الخارجية الروس
...
-
المغرب يؤكد ضرورة جعل المكافحة العالمية للمخدرات أولوية ضمن
...
-
المخرج السوري الليث حجو يعلق على مسلسل -قيد مجهول-
-
روح ديفيد لينش المُعذّبة معروضة في أولتن
-
إعداد الدفاع يؤخر ملف الكوميدي الجزائري بوهليل
-
الشاعر مراد القادري للجزيرة نت: التحديات الكثيرة التي تواجه
...
-
هُوَ في عُرفِ الصابرينَ مَسِيحُ - - - - 11-4-2021 ...
-
جلالة الملك يترأس حفل إطلاق مشروع تعميم الحماية الاجتماعية و
...
-
العناني يبحث مع سفير الإمارات بالقاهرة دفع حركة السياحة الثق
...
المزيد.....
-
رجل من الشمال وقصص أخرى
/ مراد سليمان علو
-
مدونة الصمت
/ أحمد الشطري
-
رواية القاهرة تولوز
/ محمد الفقي
-
كما رواه شاهد عيان: الباب السابع
/ دلور ميقري
-
الأعمال الشعرية
/ محمد رشو
-
ديوان شعر 22 ( صلاة العاشق )
/ منصور الريكان
-
هل يسأم النهب من نفسه؟
/ محمد الحنفي
-
في رثاء عامودا
/ عبداللطيف الحسيني
-
ظلال الاسم الجريح
/ عبداللطيف الحسيني
-
أسأم / لا أسأم...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|