|
ميراثنا المعشوق بين الدموع
نصيف الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 3598 - 2012 / 1 / 5 - 12:05
المحور:
الادب والفن
الى آنّا الشفيعة
الشرارة الكبيرة للفردوس
أقف تحت الظل الهائل لصمتكِ وأفكر بإرث الموتى . أشجار الصيف مضاءة بالمشاعل الزكية لما يتعجّل العدم . الحاضر ينشد الخلاص من سجنه ، وأنتِ تفرطين في لحظة غيابكِ اللاهبة . كل حجارة العالم تمشط شعرها وتحلم بمعانقة الشرارة الكبيرة للفردوس . لا وريث لنا في أيام غيابك التي يتحفز علينا فيها الرماد وينابيعنا نضبت مذهولة تحت النصل النذري للشمس . يدعونا الواجب الآن الى أن نرمم السقوف المتصدعة لأحلامنا . الحبّ نجمة مريضة في رياح العالم . لا كهرمان يحجز بيننا وبينكِ ، ولا زهور معادية . اجرامنا في الهُيام بشفاعتكِ ، استنفد كل احتياطاته . نتضامن في محنتنا ونحمل في الموازين أضحية متعددة الى صخرة حبكّ الشافية .
مداخن صيفنا
تومض بروق يأسنا بين النجوم المترنحة لتماثل الساعات . تخريب كبير لا يمكن اصلاحه في الحاجز الذي يفصلنا عن الأمل . كل ما خلّفناه من آثار حيواتنا المذعورة ، بخار تغطّت به الثكنات . يحاول البعض منّا ازاحة موته بأحلام معفَّرة ، والبعض الآخر يفتح الأبواب ويرتطم بصخور السأم . ملامح كثيرة للماضي دفنّاها بغضب تحت المصابيح الخالية من الرحمة . يتنزه الألم الآن في عطشه الفظيع ، وينتصب راعداً في العبور المغمغم للحظة . حياة بلا وميض تطير حشراتها في الفراغ ، ونحن نتردّد في الاشارة الى ما يرسخ الظلمة في مداخن صيفنا .
العمى
نلقّح بين الأعشاب السود لشواطىء لحظتنا الفانية ، بيضة النشور ونعود الى بستان العدم ، تتبعنا علامة فجورنا . لا ارومة لنا مع الجميل والدائم ، وحظوظنا تنثر حبوبها على القانون المتعفن في أعالي الشقاء . معرفة بهيمية نتبجح بها في عقولنا الساكنة ونحرق المراكب الجمالية في ضفاف المجتمع . أبنيتنا في الاعصار الكامل للشروق تخرّبها كمائننا لاخوتنا بين الخرائب المهجورة . يأسنا من الوميض الشافي للأحلام يشدّنا الى العمى ، وأصواتنا لا تهتدي الى معجزات عرّافاتنا الشبحية . كلّ زنزانة أحطناها بثمار نايات ، تُسجن فيها نجمة ويتهدم قفير نحل . تفككات طويلة لأقفال أزمان تحتضر ، أحرقت ضفائر الأشجار التي آمنّا تحت أسرارها بالظلمة الساخرة لعقائدنا .
الرائحة العفنة للحياة
تسقط طيور عمياء بسبب الجفاف ، فوق أشجارنا الموبوءة في الصيف . في دار العدالة قضاتنا لا يحنون رؤوسهم أمام القذائف التي تطلقها مرايا الحلاّق ، تغفو في يقينهم أصوات طوربيدات تعذب أولئك الذين اكتملوا في عفتهم تحت القبور . نريد في الغيبوبة التي نقاسمها أهدابنا ، أن نمتلك الاغفاءة الندية عند الضفاف . ترددات أحلامنا اليائسة تعزل الضياء عن الآبار ، ونحن يصعب علينا تمضية مصاهرتنا للأعداء ، بين الأيام المنقادة لثقلها المغزول على أبواب زمننا الهشّة . تطوافات محرومة من نجوم السواحل ، نقضم فيها ثمار احساسنا بالخطر ، وفي داخل كلّ منّا وسيلة أخيرة للتخلص من الرائحة العفنة للحياة . تدفئة ايمان مجهول بحجارة تنغرس في ظلمة أرواحنا الهالكة .
بين الضفاف المحترسة
ثمار أعمالنا مائعة في ظلمة تهشماتنا المنحنية على الحجارة في الأحلام . والظلال الصلبة لشيخوختنا ، يهدهدها العصف في النهايات . كلّ الرغبات تتلاشى بحفاوة بين الضفاف المحترسة لأغلالنا ، وكل سنبلة انتظرنا ضوء قربانها ، جثة شائخة تضايق النسيم المكتئب للبركان . يتعيّن على الضحية أن تجابه شناعة موتها ، وتنصاع بحنوّ الى الطبائع المحمودة للصخرة الواهبة قربانها الى الديمومة . ثمة ما يعيننا على اصلاح مراكب آلهتنا العطنة ، ويدفع عنّا ظلمة هجرانها وصمتها الذي يقذف حضائن موتنا . الهواء في نداوة احتضاراتنا مشلول ، ولا هناءات له في تراب البشرية . والحجارة المغمضة تخيّم بتعسفات وحشية على الطوفان المدنس لتضرعاتنا المعزية نفسها بخرائب محنتها المزحومة بالتفحمات .
قناديل السنة
محموماً في اللحظة المتريثة لرغبتكِ المحصودة في برق النعمة ، أتسلق الشجرة العذبة لموتي . لا أريد من ينابيع الله المرصعة بعناقيد الذهب المنتظمة ، إلاّ النسمة الهانئة لحبّكِ المضني تحت قناديل السنة . أنتِ العقيق الالهي لميراثنا المعشوق بين الدموع ، واعصار أهدابكِ الجميلة ، نكابده في ميزان تملكاتنا ، ونخضع له في امتحاننا وسط شواطىء الغياب . نترقب مجيئكِ المتلألىء في تعاقب البروق . تنثرين في تحالفاتك مع الديمومة على العالم ، عنف الوردة والأريج الطفولي لنار النهار المنعشة .
بين أنقاض هزائم
أتفيأ في رحلاتي الطويلة صوب موتي ، ظلال أمراض كثيرة . أريد الآن أن أهزّ جداول حياتي الناشفة بصاعقة حبّ ، أحارب مع مرتزقة في بلد ما . أيامي المغضّنة قناديل تصدعت ورقدت موثقة بين دواليب خسارات فظيعة . عشت حياتي كلها تحت شموس مثقلة بالرغبات المتعذرة . لا غبطة لي ، ولا مفتاح فجر أتلمس في شواطئه حجارة موتي . أزمان وحشية ترمدت شاخصة بين الظلمة الخفيضة ، شربت فيها عصائر سموم ثقيلة وأضعت بوصلة ايماني بين أنقاض هزائم تتعذر مصاهرة الأصائل فيها .
الحجارة السوداء للعالم
يأملُ الحمقى في الراحة الأبدية بعد الموت ويصعب عليهم تنقية اوكسجين حيواتهم المنحطة من التضجرات في الليل والنهار . مَن يبغي الراحة في عالم ما عليه أن ينزع جلده المدبوغ بالكآبة البشرية . معابد عظيمة تهدمت في الماضي الذي يتعذر الخشوع لعجائبه المجهولة ، وفي تنقيباتنا بين أطلالها المصابة بسموم نباتات الفطر السامة لم نعثر فيها إلاّ على نقائضنا الوهمية . يلزمنا في سيرنا المتعجّل صوب الصيرورة أن نحاذي الملموس والمحسوس . المسافرون يتنفسون في النهاية الحجارة السوداء للعالم .
ظلال الواقع
نضخّم في اللحظات التي تؤلمنا فيها حقيقة موتنا ، الأفعال المسلية لحثالة الخالدين . تربعنا على حجارة يأسنا القنّاصة محاولة دؤوبة للانعتاق من الشرط الانساني . ما يتعطّف لنا في الانحرافات الدائمة لنومنا هي الغلالة المتقطعة لظلال الواقع . حرثنا الكثير من الحقول المحمومة في غرقنا تحت رماد الشمس المتعفنة . لا بذرة صعدت في تنفساتها ولا موجة قاومت العصف الراسخ لسعينا الدائم في الخلاص من أوهامنا .
مرثية الى جان دمّو
مجروحاً في النسمة المتعجّلة ، يشرب جان دمو من منهل ابيقوري ، والزمن يحيطه بمصدّات كبيرة من أشجار البركان . لا النجوم تتشظى فوق حقول عذابه ولا الأشجار يهدمها الصيف في اعصاراته . ينتصب ماضيه المجدور في باطن النهار وروحه مليئة بندوب يتضّوع منها رماد الحروب . انفجارات مدافع تصعد في ظلال قيلولته وتحرمه الانصات الى تغريد العنادل في الأحلام . يضطجع وحياته تهتزّ في أنفاق يجذف فيها الأسياد القتلة .
#نصيف_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المقدس والمدنس
-
القيثارات العتيقة لموتنا
-
بين الأشجار الضامرة للعزيز المتوفَّى
-
غبار عظيم في ثيابنا القربانية
-
كل نبع يوثقُ الغرقى الى ثقل سهاده
-
العتمة . الفناء
-
صلاتنا الى الرغبة
-
الايماءة البطيئة لموتي
-
17 قصيدة
-
الطاقة العظيمة للمادة
-
مجموعة جديدة { في سطوع نذورنا تحت ضوء الأصداف }
-
أبواب الزمن
-
في خرائب الفايكينغ
-
الأشجار الحامضة لصيف مخاوفنا الأمومي
-
أشجار الدفن العالية
-
حوار مع نصيف الناصري { وكالة كردستان للانباء( آكانيوز ) }
-
تحطمات هائلة
-
تعهدات ملزمة
-
مخططات للحفاظ على القانون
-
الحبّ . الزمن
المزيد.....
-
أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم
...
-
تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد
-
هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف
...
-
وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما
...
-
تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
-
انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
-
الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح
...
-
في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
-
وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز
...
-
موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|