أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نصيف الناصري - في خرائب الفايكينغ














المزيد.....

في خرائب الفايكينغ


نصيف الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 3100 - 2010 / 8 / 20 - 22:04
المحور: الادب والفن
    




1


في خرائب منطقة للفايكينغ السويديين ، تمشيتُ بين جدران الثكنات
وتذكرتُ الأبنية المهدمة في وطني . حقيبتي مليئة بأصوات ماض لا
يتنفس تحت حرارة حلم السائح ، وفراشات البحر القريب تطير فوق
أغلال الذكريات الغليظة التي أحاول استعادتها وتختفي في الفراغ .
هل يتعيّن عليّ الآن أن أغرق في انفجارات النجوم التي تحرس هذه
الاطلال المهيبة ؟ في أمثالنا الشعبية ، تكتظُ الثكنات ب 25 مليون
شيطان يتكومون في باب الربيع بلا تقوى ، ويغلقون علينا بساتين
الموسيقى ، وأول الخاسرين هم ملائكة الشعب . في نهاية كل معركة
هناك أحواض أسماك تتهدم ، ومراكب شراعية يقل ايمانها فتغوص
في الأعماق . لا نريد لضوء الشمس أن ينعطف صوب منازل المستقبل ،
ما يهمنا الآن هي التماسكات العتيقة للقناديل الموشوشة فوق أشجار لحظتنا
الراهنة . الجنرالات وزّعوا الجثث في أنفاق الليل ، ونسوا صلاتهم وانهزموا
بحرقة . ما نسمعه عن الحقيقة ، اصطدام حرباوات نفخت نفسها وانفجرت
في الاهانة المتقيحة لكراهية السلطة .



2


بوارج حربية كثيرة يقودها محبطون حول كوكبنا . تقصفُ جنان الشواطىء
وتهدم الكاتدرائيات القديمة . كل بحّار وله مهارة التمساح ، وهوية الانسان
تمحي في الأمكنة المقطوعة عن أعاصيرها . للتشاور حول التجذيف في
الممالح اللامعة للجزر ، يتوجب علينا أن نتحرر من رماد المعانقات الطويلة
ومن الأسرار التي تكبّل خزانة القانون . بعض الغرقى يستعيدون أصواتهم
في النوم الأثيري ، ويصعدون السلالم الى شمس الاهرامات . في أيّة أرض
يمكننا أن ندفن الموتى الذين كمنا لهم ونحن نتعقبُ الثعالب النوبية بين أشجار
الصفصاف ؟ نتحدثُ باستمرار عن فضيلة الانفجار في الحلم ، وننسى النحيب
المهيب لطيور مصائرنا فوق الغرانيت المحتضر . فقاعة من هواء الكارثة كافية
لتجعلنا أن نتقمص نار البرق المخلصة للقيثارة . لم يعد اكتشاف النجوم مهمة
وقائية بالنسبة لنا ، لأن الخير ينزوي كلما تداهمنا رياح الهلاك في الردهات
العميقة لجشعنا .




3


متعثراً بين الحجارة المتكسرة لماضيي ، أبحثُ في ضوء الحباحب عن شفرة
الزمن التي أطفأتها أثقال الأحلام ، وأدفنُ أقنعة جلادين عذبوني طويلاً ، وسدّوا
عليّ أسرار الأفق . كل اشارة ، نصل حادّ يرفض المصافحة ، والجرح في باب
الساعة يتلوى ويطلق الفطريات على عظام الموتى . المسالك الغريبة التي عبرتها
في الليل ، بعد أن أحرقتُ شباك الصيد وأضعت البوصلة ، نقشتُ على حجارتها
ندوب جروحي ، وأتلفتُ في ظلامها نذوري الى آلهتي . لن تصل البذرة الى علوّ
الصيف ، وأسراب الطيور تتعرف في هجراتها على لحظات موتها وتعتزل أشجار الغابة .




4


في جامايكا ، قبل عشرة أعوام ، حلمتُ انني أضاجع فتاة هبطت في متنزه
بمنطاد من النجوم . كان عطرها الغريب له أصداء شبيهة بمخالب اللبوة
وكان عطشها للأعراق الأرضية مأثرة محمّلة بآلات الاعصار . انقضت
لحظات ووجدتُ نفسي أنفخُ في عظم مضروب بصاعقة . اشتركتُ في حرب
طويلة ضد شعب مجهول ، واختنقتُ في دخان عذابات ، وجرحتني شظايا
تمائم معبودات منقرضة ، وللخلاص من حشرجاتي في تلك الفظائع الغريبة
كان يلزمني التعرف الى دليل يقرعُ لي الناقوس في الكلمة . لعبور الخشخشات
بين الأشجار المحترقة ، وخطوط الذعر الصامتة ، رافقتني آلاف الكائنات
الزاحفة ودارت حولي ، والكوكب صامت في غيبوبة ثلجه . كل نشوة في
الأحلام ، تنفس بطيء يرفع النار عن شمس قبورنا المائلة الى المغيب .




5


أغني غيابكِ في الظلمة المضحيّة ، وصلاتي تنغلقُ على الضفاف المشتعلة في الذكرى .
سنوات طويلة يوقظني نسيم غرقكِ المتأرجح بين الأمل وبين الهجران، وحجارة الزمن
الكريمة تلمعُ في فضاء موتي . تسهرين الليل محاطة بثمار يهجرها الخريف ، ودفء
صوتكِ يتكىء على فراشة جروحي . انفجارات داخلية تصعد وتترصع بالذهب ، وتطهير
كامل لرماد المفاجأة في ضفائر البرق الخائنة . في زحفنا صوب المنارات التي يحرسها
العشّاق المقتولين ، تغني الصحراء يأسها من البراهين ، وينام الكهنة البرابرة مختونين
بين العلامات الخادعة لزواج الأفاعي . أغني غيابكِ في موعظة النيازك ، والأمل تختطفه
العقبان في هجرات السحرة . لا نشيد في الصحراء . ظلكِ الجاف يكبرُ ويغطي ينبوع
الأسلاف الذين أسسوا شقائق نعمان الطقوس .




6


في ليل ثقيل الأشرعة يضيق على آمالكم ، ويطبقُ على أضلاعكم ، ينبغي لكم أن
تحتاطوا على السرّ دائماً . كل ما يترصدكم في الطرقات المنخفضة ، يتنفس في
الغنيمة الضخمة للمتاهة . ملاجىء كثيرة تحلق فيها النسور ، ولا ينزفُ الموت فيها
في التوترات الرخوة للكائن . كل دلالة في شجرة الفعل ، تحني رأفتها في الانعكاس
المباغت لطيران الملائكة فوق شواطىء العالم . الألم خالد في حركته ، والسأم
يعتصم في كينونته ويفتك بكلمة الانسان . الرياح مفصولة عن تشابهاتها ، تقصفُ
بذوركم وتتوسد الصخر في خلو الزمان من ليله ونهاره .




7


متحرراً من طحالب الصمت وأغلاله الثقيلة ، أرتلُ كلمتي في ضوء الكتابة
وأمتحن الحلم في نكوصه . بروق عظيمة تتلألأ وتصدّ الغبار في تهشم الكون .
لا مكان الآن للهزيمة ، والتوقف يفجّر الصخور الصلدة للنسيان ، لكن عليّ أن
أطيل التفكير وأطعن الاسطرلاب في خلوده للنوم . كل شجار مع جلجامش
يترك لنا علامة سير على حدائق تقاوم سقوطنا . بحيرات كثيرة ترنحت في
أعماقها غوّاصات أحلامنا ولم نصل الى بوّابة المستقبل . الكلمة المفجرة تعيننا
على الصعودج في فضاء الاشارة ، وتحطم كل تهديد لمراكبنا في توغلها صوب
الأنهار التي تسندها النجوم .



19 / 8 / 2010 مالمو



#نصيف_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأشجار الحامضة لصيف مخاوفنا الأمومي
- أشجار الدفن العالية
- حوار مع نصيف الناصري { وكالة كردستان للانباء( آكانيوز ) }
- تحطمات هائلة
- تعهدات ملزمة
- مخططات للحفاظ على القانون
- الحبّ . الزمن
- بلدي السويد
- ايمان الحيوانات
- الصيرورة المتعاقبة لمرايا التاريخ
- مقدمات في الكلام الجسماني عند أهل البصرة
- طقس ختان القنبلة النووية
- مدينة الفيل
- قداس جنائزي الى السيدة الشفيعة
- الشواطىء المهدمة للزمن
- النوم الأبدي
- تجربة مع الموت
- كتاب { العودة الى الهاوية } في الشعر العربي الراهن
- مجموعة { في ضوء السنبلة المعدة للقربان }
- مجموعة { نار عظيمة تحمي الياقوت }


المزيد.....




- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نصيف الناصري - في خرائب الفايكينغ