أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نصيف الناصري - الصيرورة المتعاقبة لمرايا التاريخ














المزيد.....

الصيرورة المتعاقبة لمرايا التاريخ


نصيف الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 2977 - 2010 / 4 / 16 - 00:31
المحور: الادب والفن
    



الى شذى أحمد


كل لحظة ، في الظلمة ذاتها ، ينعدم الوزن لمحنة الانسان في الهاوية
كما في التهدمات الطويلة للزمن ، وأوراق الموت الخضر
تغفو بعذوبة فوق رموشنا المخرَّبة . تحطمنا الظلمة ، ويحطمنا
الأمل ، والموسيقى تصدح وسط أشجار البيت الذي سنتركه
للذين أجاعوا الفراشات في لحظة ولادتنا لهم . لا أحد يحصي
ضغائن موتانا بين القبور على شواطىء العالم ، وخرافنا تهاجمها بين
الحقول ، الجراثيم في النسيم العنيف للصيف . يضاعف الأريج
المدوّخ لفضاء ضجرنا على هذه الأرض الشائخة ، سهرنا ويديم
التغضنات اللاتغتفر في نشيجنا الملتوي على الكهوف المنيعة
للهاوية . محموماً أتحسسُ الانفجار العظيم للمادة ، والتحمُ بالانسان
يحررني موته من موتي ، وأحررهُ من التجمدات المتراصة ، ونغوص معاً
في الأعماق المدوّية للبروق الطائرة في ليل القرون . ما مِن انخطافة
في تدرج القناديل صوب الاتجاهات المتعددة لظلمة اللامكان ، وسطوع
لحظة موتنا ينزلقُ على الغيوم العطشى لنومنا الأبدي في الصيرورة
المتعاقبة لمرايا التاريخ . يفتت الموت زمن الانسان ويبعثرهُ ذرات ذرات
وكل شرارة يقظة ، تضمّد البراكين وتوسعُ الأرض للذين أبحروا في
المستنقعات اللانهائية للفناء . هل يعيد الحبّ أولئك الذين ماتوا وتحللوا
في تنفسات مشبعة بالنور وبالمياه ؟ متى يتحول السعي الواهن للانسان
في الوصول الى السنبلة المتأججة لحيرته ، الى رقاد حيٍّ بين الزنابق
وبين الينبوع ؟ انسان اللحظة الهاربة . الانسان الميت . عريه بين
الأشجار المتنامية لعدمه في اللحظة المتشبثة بذاتها ، وردة التحلل
الممتلئة فزعاً في ظلمة العالم الساهرة على الحجارة الواهنة ،
والصيرورة محمولة في النيران المنحرفة للنبيذ على تنهداتنا الجائعة الى
أضواء المذنبات . نتعرى دائماً في رياح المتاهة مطوقين إلاّ من لحظة
موتنا ، وذرات تحللاتنا تمهد في كل آنٍ النهر للحريق ، وتقايض اللحظة
باللحظة . لا رصائع في ايماناتنا التي تثقلها العناقيد ، ولا الزمن يحفزنا
على تدنيس الضباب المعرّش فوق أقراص عسل أصيافنا المتلألئة .
لعناق لحظة في شعلة الأبدية ، يتوجب علينا التخلي عن قرابيننا التي
تفوح منها رائحة الحصاد ، والصلاة للالوهة الموثقة في قناديل الطبيعة
وفراديسها التي لها انفجارات شديدة في سهادنا الممتلىء رطوبة .
هل يحرسُ الغفران المتوتر لآلهتنا الفتحات المتشققة لزفيرنا الذي يقذف
حجارته المحتدمة على الشواطىء والآفاق المحمومة في تعفنات الغيوم ؟
يترصدنا ضوء الغياب في الغابة الإلهية ويحكم اغلاق الأقفال على ليل
زمننا ، ونحن لا قدرة لنا على رفع أنيننا بين الطيّات الكثيفة لحمّى أمراضنا ،
واللمسات العتيقة لسهرنا في الشواطىء المتهدمة للأيام . يدخل فينا الموت
فتشرقُ الشمس السوداء في خواتيم أعمالنا ، وبين مقالع حجارة مصائرنا
واخوتنا الموتى يعبرون أبواب الهاوية وينتظرون قدومنا تحت الجذوع الرخوة للتحلل .

15 / 4 / 2010 مالمو



#نصيف_الناصري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقدمات في الكلام الجسماني عند أهل البصرة
- طقس ختان القنبلة النووية
- مدينة الفيل
- قداس جنائزي الى السيدة الشفيعة
- الشواطىء المهدمة للزمن
- النوم الأبدي
- تجربة مع الموت
- كتاب { العودة الى الهاوية } في الشعر العربي الراهن
- مجموعة { في ضوء السنبلة المعدة للقربان }
- مجموعة { نار عظيمة تحمي الياقوت }
- مجموعة { الأمل . أضداده . خيّاط الموت . نار الأبدية }
- كتاب { الأنهار الكبيرة المتعرجة } ردّات واندفاعات الشعر العر ...
- كتاب { خديعة السنبلة . شهادات } في شؤون وشجون اللحظة الراهنة
- كتاب { معرفة أساسية . الحرب . الشعر . الحب . الموت }
- أشياء ما بعد الموت
- مرثيتان
- ما ينشده الشيوخ المحقى
- كتاب صوت سنبلة قمح لم تولد
- مرضعات الموتى
- العتمة اللامتناهية للفناء


المزيد.....




- صناع أفلام عالميين -أوقفوا الساعات، أطفئوا النجوم-
- كلاكيت: جعفر علي.. أربعة أفلام لا غير
- أصيلة: شهادات عن محمد بن عيسى.. المُعلم والمُلهم
- السعودية ترحب باختيارها لاستضافة مؤتمر اليونسكو العالمي للسي ...
- فيلم من إنتاج -الجزيرة 360- يتوج بمهرجان عنابة
- -تاريخ العطش-.. أبو شايب يشيد ملحمة غنائية للحب ويحتفي بفلسط ...
- -لا بغداد قرب حياتي-.. علي حبش يكتب خرائط المنفى
- فيلم -معركة تلو الأخرى-.. دي كابريو وأندرسون يسخران من جنون ...
- لولا يونغ تلغي حفلاتها بعد أيام من انهيارها على المسرح
- مستوحى من ثقافة الأنمي.. مساعد رقمي ثلاثي الأبعاد للمحادثة


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نصيف الناصري - الصيرورة المتعاقبة لمرايا التاريخ