أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نصيف الناصري - الايماءة البطيئة لموتي














المزيد.....

الايماءة البطيئة لموتي


نصيف الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 3403 - 2011 / 6 / 21 - 01:12
المحور: الادب والفن
    






الايماءة البطيئة لموتي



الى صلاح حسن





1

جهات كثيرة تفصلنا عن الشواطىء ونحنُ نتهجى أسرار العطش
تحت أمواج النجوم . نهاية الاسطورة والسرّ الذي احتفظنا به
طويلاً . لايفصحان عن الخاتمة القاسية لمصائرنا .
ما نأملهُ يتداعى ويتهشم في التراب . نحتاج اشارات يتصاعد
منها الأريج الغريب الى اللامرئي الفاتن ، ومراكب صيف تعبر
المرايا المظلمة لأحلامنا المتجمدة في أطلال الحجارة الشاملة .
الرغبة في المرتفعات المتحركة لمخاوفنا وآلامنا ، فراشة زرقاء
تتلألأ في شفافية الفجر ، وتدلنا على الكمائن المتعانقة والمنصوبة
لمصائرنا التي خاط لها الموت ثيابها منذ الأزل . يخفي القنديل
عطره بين صخور التحلل ، كلما تقدمنا في العمر ، وحجارة الريح
تطبق على الترنيمة الأخيرة للحالم وسط العناصر المتشابهة للعالم .


2

لاورقة تتحرك وسط أشجار لعثمتنا ، والليل الآن أكثر نداوة من الأصوات
الفاحشة للسأم . أغنية طاووس بيضاء مجبولة من أرض تئن تحت ثقل
المصابيح ، نسمعها تتضور حبّاً لجفاف مرمر بين الجسور المنعشة .
الاله الشاحب شيفا ، وزوجته ذات الجدائل المختلطة باذرع الاخطبوط .
يرصدان ذبذبات تائهة في ظهيرتنا المتلاشية . يخترق السرّ الصمت
الأسير للساعة الأسيانة ، وتهيم طيور طاعتنا في التوحشات الهائلة للنفي .
كل سنبلة تترصد نارها في الشوك الذي يحنو على النبع ، وكل موجة
تمحو ظلال الضفاف من نهديها . لاشجر يرخي ثماره في العروب ،
ولا علامة تؤكد فرضية عودتنا الى الحديقة المتآكلة .


3

تصقلُ الأيام ماأخفيه ، وما أوسده طراوة الغصن . درجات كثيرة أصعدها
باتجاه الخلوة الفقيرة لطفولتي ، والسكون لايعينني على التقاط حجر في أرض
اللحظة الفارغة . كلما طويتُ فضاء لحظة ، امتدت الآفاق وبعثرت مرآة الزمن .
الضيق واللزوجة التي تتخطى موتي ، هما ماينميّان السأم في أغنيتي التي يغرقها
الطوفان . لا تشبهنا الملائكة ، وأفكارها ليست مثل شيوع أفكارنا لحظة الزوال .
استراحات كثيرة أخفينا فيها الخدع ، ودفنّا مشاعرنا في تنفسات البعوض .
في النهاية المتفرقة ، يتصببُ العرق من جباهنا تحت القبور المتهدمة .
مانحتاجه دائماً هو القدرة على الطواف في أرض محنتنا .


4

جبال كثيرة نعبرها في الأحلام ، بحثاً عن ضفة يتأرجح فيها مستقبلنا
المتعفن في لحظته . يبهرنا السيف المشحوذ للماضي ، ويعرّي سعينا
المريض بين الخرائب المتصدعة ، صوب اشارة ما ، وصوب الانطفاءة
العليلة للزمن . كل شجرة تتوق الى العلو ، والى مايزكي غفوتها في ليل
الحبّ ، ونحن نذبل في المتاهة المنتصبة ما بين اللحظة واللحظة . الميت في
هشاشته ، ينصت الى نبض النحلة في فجر ابرته ، ويدخل فراء الديمومة ،
دخول فكرة في ميزان الاعتدال .


5

تتهشمُ بين الولادة والموت ، أمتعتنا التي ندخرها لتدفئة دموعنا في لحظة
زوالنا المحبوك . ما تنصت له الجذور في استمرارية تحولها ، يجرح الصدفة
التي تفشل فكرتنا عن طمأنينة زهرة اللوتس ، في نموها تحت شمس بابل .
صمت طويل يخترف تمتمة الموتى في رياح السجن ، والعناصر يتملكها
الفقدان في الظلمة العميقة للمحنة المتعاظمة . أشياء كثيرة يؤوب منها الانسان
مقوّضاً لحظته في صراعه مع الدودة المحدقة بحياته الخاوية .


6

كتل صخور ضخمة تنزلقُ وتتهشمُ فوق رأسي في ظلام الظهيرة القاحلة
ولا جدار يحميني ولا شهاب . حاضناً خواء مصيري في السأم العظيم ،
ينتظرني ماينتظر البشر والحشرات . ضوء أيام شقائي ، خفافيش تطير
في الآبار الجافة ، وتعوي في ليلي الذئاب . أزمان كثيرة ناحت نواح الناي
في الأفياء الحارّة لتحطمات آمالي ، ولا انعكاس لرماد الصيرورة في الحجارة
الصلدة التي تحنو على الظلمة المتداعية لوجودي .


7

طائر السمانى النحيل يعنّفُ بصوته الغالب ، السهاد الطويل لحياتي بسهول
الموت المدوّخة . أشجار متحجرة أرتقيها في السكون العظيم للّحظة في
شحنتها ، وهي تنتصبُ أمام الاتساع المصفح للرغبة . نجمة وحيدة تشحذ
نفسها في صخور جزيرة نومي ، وتدلني على الايماءة البطيئة لموتي .
صرخات بشر طويلة نسمعها في الليل الذي تدوسه الصاعقة . كل صرخة
تومض على العظام . لا الكلمة ، لا الشجرة . يأتينا العون دائماً والحصانة
من الموجة التي تقطر شفافية .



20 / 6 / 2011 مالمو



#نصيف_الناصري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 17 قصيدة
- الطاقة العظيمة للمادة
- مجموعة جديدة { في سطوع نذورنا تحت ضوء الأصداف }
- أبواب الزمن
- في خرائب الفايكينغ
- الأشجار الحامضة لصيف مخاوفنا الأمومي
- أشجار الدفن العالية
- حوار مع نصيف الناصري { وكالة كردستان للانباء( آكانيوز ) }
- تحطمات هائلة
- تعهدات ملزمة
- مخططات للحفاظ على القانون
- الحبّ . الزمن
- بلدي السويد
- ايمان الحيوانات
- الصيرورة المتعاقبة لمرايا التاريخ
- مقدمات في الكلام الجسماني عند أهل البصرة
- طقس ختان القنبلة النووية
- مدينة الفيل
- قداس جنائزي الى السيدة الشفيعة
- الشواطىء المهدمة للزمن


المزيد.....




- تأهل 45 فيلما من 99 دولة لمهرجان فجر السينمائي الدولي
- دمى -لابوبو- تثير ضجة.. وسوني بيكتشرز تستعد لتحويلها إلى فيل ...
- بعد افتتاح المتحف الكبير.. هل تستعيد مصر آثارها بالخارج؟
- مصر.. إصابة الفنان أحمد سعد في ظهرة ومنطقة الفقرات بحادث سير ...
- أول تعليق لترامب على اعتذار BBC بشأن تعديل خطابه في الفيلم ا ...
- من الوحش إلى البطل.. كيف غير فيلم -المفترس: الأراضي القاحلة- ...
- من الوحش إلى البطل.. كيف غير فيلم -المفترس: الأراضي القاحلة- ...
- لقاء خاص مع الممثل المصري حسين فهمي مدير مهرجان القاهرة السي ...
- الممثل جيمس فان دير بيك يعرض مقتنياته بمزاد علني لتغطية تكال ...
- ميرا ناير.. مرشحة الأوسكار ووالدة أول عمدة مسلم في نيويورك


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نصيف الناصري - الايماءة البطيئة لموتي