أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نصيف الناصري - صلاتنا الى الرغبة















المزيد.....

صلاتنا الى الرغبة


نصيف الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 3406 - 2011 / 6 / 24 - 17:51
المحور: الادب والفن
    



الى صلاح حسن مرة أخرى



1


تتحطمُ اللحظة كالحجارة على الضفة المسيّجة لشواطىء آمالنا
ويرتطمُ عطر الذكرى بأغصان الموتى الذين دفناهم خارج نوافذ
السنة . الساعات في برد أيامنا وأوراق صنوبرها الجافة ، تتسللُ
عبر الهيجان الثقيل للحركة ، وتوقظُ ظلالنا المقتفية آثار الثلوج .
كل وصية ندوّنها تحت الغيوم الشقيقة لفراغ المعجزة ، تمحي في
الموازنة بين الفضيلة ولقاح الجريمة ، وشدّة الحرص على مايفصلنا
عن الوجه الجميل للفراشة ، تجبرنا على العيش في الظلمة المجهولة
للفناء . لايتنفس النجم في أصوات مراكب نومنا ، ولا الطيور الدائخة
في الانصات وأجراسه المتدلية ، تعقد صلحها مع حجارة الاهرامات
المصرية . كل اغفاءة تنمو في مرآتها السوداء ، رحلة طويلة عبر
عجائب يوازن الموت فيها عودتنا الى أرض النهار . ابتهالات
طيور تفترق في هجرات كبيرة ، نسمعها في الجزر التي تتعاقب عليها
النجوم في فضة النحل ، وتسقط فوقها شهب القانون . اللحظة المدوّخة
لرامي الشجرة في نعومة الفجر ، وندف الموت التي تسقطُ على جباهنا
الرمادية المتجمدة . كل شيء ينعطفُ باتجاه البوّابة العملاقة لضجرنا
تحت الحجارة المقوسة للشمس . الأمل الآن ، أو ما نظنه قنديل السفينة ،
هو الخوف الذي نعيشه عبر سهول حيواتنا الفقيرة ولايمكننا صعود براكينه .


2


تُسمعُ في البيت الصامت ، تحطمات أغنية تتغلغلُ في الفؤوس الداكنة
لتوديع الميت ، والعظام المرتجفة تطقطقُ في المدى المفتوح على انفجارات
الحشائش اليابسة . تخفي الطبيعة المتعصبة خموداتها في الحضور الصائت
لنسيان الفصول ، والأرض لا تحتفظُ بحدائق الموتى الذين يخرجون في الليل
ويرضعون أثداء الزمن بحفاوة من ينبثق من صخرة ، ينتحبُ في شرفاتها
غطّاس النار . رموز غريبة مطوية في ذاكرة المنجل التي لها معاصم شبيهة
بمعاصم زهرة بوذا وعطورها المندسة في فراغات العالم . في سهول السهاد
المتراصة ، في الثوباء التي يطير منها طائر النسيان . أكملنا تشييد السقوف في
الأماكن المبالغ في قداستها ، واحترق طلاء صمت الميت في الحافة الحادّة
لظلام العدالة . قضبان عالية ينتهي عندها الضباب ، ويسترخي الكوكب
في تهشماته .


3


كل تماثل بين زهرتين ، يغلقُ الطريق ويحطمُ سعينا في ادامة مانطمحُ
للحفاظ عليه ، وصيانته من الضفاف السود للجحيم . يتممُ هؤلاء الذين
يسرقون ماشيتنا عملهم وسط فوانيس ضريرة ، ولايكترثون لأصوات
الزيزان التي وضعناها كمائن لهم . بوهيميون ورجال دين يسلخون جلود
الأيائل تحت الشموع المنغولية للغابة ، تبجيلاً لتشريع حمورابي ، والابادات
المتلصصة في دهاليز سجونه ذات المراعي كثيرة الخيانة . ما نسمعه الآن
في العصف المستقيم لظلمة الأنهار ، يترددُ في الانصات الى مايقوله العصفور
الدوري في جزائر النوم المطهرة ، وتنزوي ابر الريح في احصاء طويل لجثث
القتلى على الشواطىء الممتقعة للنهار . مزية أخرى من مزايا هلاكنا المصفوف
على الرواق العالي لنحيبنا المرصع بوعود قوس قزح وحجارته القهّارة . كل الذين
رافقناهم الى مشط الراحة ، تغلغلوا بعيداً في كستناء الزمن ، وغابوا في هجرات
دوّارة للاشارات التي لاتفصح عن التمثال المتهشم للنوم .


4


في الثمار المتلألئة لصيف الوعود التي ننتظر انجازها ، تحت الحظائر المعلقة
لمرض الغرقى بين آبار البطاطس . يصعدُ صوب نذورنا الملحية الانزلاق المخيف
لقناطر سرير الواجب والتضحية . مرايا زئبق أثقل من سراج له ظلال مثل انحناءة
أيامنا المجوّفة . زمن الانسان يتفكك وينطفىء في الكلمة التي تتثاءب في الحجارة
المدوّمة للسنوات . يلجأنا الحال الآن الى رمي المفاتيح وتغطيتها في رمال دموعنا
العطرية . يمكن للنائم بين جراثيم ديونه ، أن يتخلص من أثقال عبوديته عبر ترطيبه
للنجوم المتشنجة في نومه ، وفي لايقينه الذي يقوّض انفجار غرائزه وغلالتها الحارّة .
شعوب كثيرة ضاعت في الرمال المحرمة للحصاد ، وكل تمايل لصلاة السنبلة ،
يثبّتُ النظرة المصونة لملح تعاطفاتنا بين الرتبة المرتفعة للمأساة . آلهتنا لاتزن
الضرائب الثقيلة لمحنتنا في سقوط الجرح على الساعة التي نصاهر فيها الموت .


5


أشرعة مراكب بيزنطية محمومة ومتصالحة مع أمراضها ، تحنو على أسلحتنا
المحطمة وتقوّيها في التقرحات الهائلة لرياح البحر ، والحمولة التي نقتربُ
منها تفرُّ طائرة ، ولانضمنُ الانتفاع من قناديلها المرتكزة على أشجار خيزران
الشواطىء . الليل والنهار يتعاقبان في المرايا المهجورة لقتلى حروبنا العقائدية ،
وليس بوسعنا أن نمدد النظرة اللامرئية صوب التماثيل المسوّدة في الشمس لآلهتنا .
تحولات طويلة تتعددُ فيها ظلالنا التي تغطيها البروق ، ونجاهد عبر اصاباتنا
الدائمة بالأعياء في الخلاص من السيف الذي يفرد أجنحته على الوردة المجذومة .


6

مناحات عظيمة في أراضينا المتعفنة في الطاعون ، يموت فيها أشقاؤنا في الوحشات
الأشدّ ظلمة من الشعلة المنتحبة في همالايا الغروب . الليل وتماثيله المنخورة ، والرائحة
المطمئنة لتيارات النبيذ في النسيم المتعصب لوميض أسلحتنا ، هما ما نملكه الآن بين
القصب المطحون للسنة . تمثلات أشجارنا الايروسية في الأعراق المغتبطة بالورد ،
والحجر الذي يزيح الأبواب عن ملح نومه في الامومة المتنفسة للمياه الجوفية . ما نعيشه
في اللحظة الراهنة يتصلُ ويتشابك مع الماضي والمستقبل . كل لحظة تقربنا من الهاوية
الموشحة بعليق النهاية . غيوم حارّة تنفصل عن الحجارة المسنونة للأنهار ، وتمطر فوق
قبورنا عظايات ومسامير تثقبُ العظم والشجرة . ميثاق دموع تختلطُ فيها عصائر الفصول
مع الانعكاسات الممحوة لحموضة عسلنا في صيفه المحصن بالجروح التي تخنق السيول .


7

ملاذات – كمائن في شواطىء الكوكب العتيق ، نلجأ اليها في صرخاتنا الشائخة ،
والموتى لا ملامح لذكراهم التي تتكفل السهر على الخلايا القوطية للنحل . كل خيبة
ولها ذاكرتها التي تتحسسُ الاثبات الذي نقدمهُ في عبورنا المنحدرات المتعرجة لرماد
الموتى الذي تطبقُ عليه الأصداف المتلألئة في اعترافات القنائص . قناديل كثيرة أمكننا
تدبرّ أمرّ انزالها الى مغاور الجزر الساهرة ، لكن تأخر نضوج العناقيد ، لا يمدّ
صلاتنا الى الرغبة بالزيوت المعوّضة . يحرق الموتى لفائف أيامهم ، ويعودون في
الفجر بنعمتهم الفيّاضة للهيمنة على ملاذاتنا كثيرة العذوبة .


24 / 6 / 2011 مالمو



#نصيف_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الايماءة البطيئة لموتي
- 17 قصيدة
- الطاقة العظيمة للمادة
- مجموعة جديدة { في سطوع نذورنا تحت ضوء الأصداف }
- أبواب الزمن
- في خرائب الفايكينغ
- الأشجار الحامضة لصيف مخاوفنا الأمومي
- أشجار الدفن العالية
- حوار مع نصيف الناصري { وكالة كردستان للانباء( آكانيوز ) }
- تحطمات هائلة
- تعهدات ملزمة
- مخططات للحفاظ على القانون
- الحبّ . الزمن
- بلدي السويد
- ايمان الحيوانات
- الصيرورة المتعاقبة لمرايا التاريخ
- مقدمات في الكلام الجسماني عند أهل البصرة
- طقس ختان القنبلة النووية
- مدينة الفيل
- قداس جنائزي الى السيدة الشفيعة


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نصيف الناصري - صلاتنا الى الرغبة