أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نصيف الناصري - العتمة . الفناء














المزيد.....

العتمة . الفناء


نصيف الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 3410 - 2011 / 6 / 28 - 22:15
المحور: الادب والفن
    


الراحة والنوم، ما هما إلاّ صورتان منكَ
جون دن، قصيدة " يا موت لا تتباه بنفسك "







1




سنوات طويلة أمضيناها بصحبة { ايبيس } في أنهار فن التنجيم .
لم نعثر على وجه الانسان المتقوض في ضوء الشمس ، ولم
نعثر على سوسنة الرجاء المتفسخة . في الممرّ المنخفض الذي يوصلنا
الى ليل وأبواب بحر الموت . اختفت أصواتنا وتلوّت الأشجار صائتة في
الطريق . كل ما نراه الآن . صراصير تترنح في طيرانها عبر
اللهب الأسود لجهات الأرض المهتزة دائماً . لماذا لحظة الرغبة
مليئة بالاشارات التي تفصل الثمرة عن شجرتها ؟ الحشائش
الجافة التي يجمعها الانسان في الليل ويركنها قرب قفير عسل
حياته . تطيرها الريح المسوّدة والمثقلة بمعطفها عليل الأجفان .
الى أيّ حدّ نبقى نصيخ السمع الى شجرة الزوال المثقلة بالأعطيات ؟
ينبغي لنا أن نتخلص من الظلال الداكنة والمشرئبة لموتنا ، ونرمي
شفرة الصلاة في الأسرار الطنّانة للطبيعة . يحتاج الانسان الى فجر
جديد يتجادل فيه مع الملائكة حول الأدوية والأقراص التي تخفف
الصدمة المسبقة لموته . الى متى نبقى نستعد ونرحب في العناصر
الأكثر ترويعاً في موت الانسان ؟ وحدها مصائرنا التي لم تستنطقها
تماثيل الآلهة . معلقة من دون حصانة في أسفل الشجرة التي تصاهر الجذام .



2



حياة كلّ منّا تستمدُ بذرتها من الكلمة التي تنمو في فوضى الماوراء
ودائماً نخفي صمتنا قبل انطلاق المراكب في قناديل الفجر الصافية
ونؤجل رحلتنا الى الينبوع الضامر للحظة الانبعاث . حياة كلّ منّا ضفة
شديدة الانحدار ، لكن احساسنا تحت العوالم الخبيئة للقلق هو ما يمنحنا
بداية جديدة لطقوسنا المتحفظة في عبور اللحظات . أحلام الانسان تمرّ
كنسمة جافة في الجزر الطحلبية لليله ونهاره ، ويتدفأ موته في التهيجات
المرصعة لحصاد قمح أيامه ، وفي الرنّة المتصلبة لصرخته تحت الجذوع
العتيقة لشجرة العالم . يكتمل البرق وتنتصب في يقظتها أشرعة رغبته في
الوصول الى النيران المفتوحة على الحافة المتلألئة لشواطىء الأمل .



3




عابراً حمم بركان حياتي . أقيسُ الظلال المشنوقة للوردة في الضغائن
الشائنة للحظة موتي ، ومثل تفككات لا مرئية في الأعماق المتكتمة لجروح
الجنس البشري في ينابيع القرون . تتقدم صرختي بين المرايا التي توّسع المتاهة .
هل لي أن أشهد مآثر الصاعقة المجدولة فوق الصواري العظيمة لأحلام
الانسان النائم ما بين الموت وما بين الميلاد ؟ غاباتنا المتحجرة الآن بلا بروق
ولا صلاة ، وفي بخار تطوافاتنا يتناسل الضجر الطويل لقرابيننا المرفوعة .
كل شيء ينغلق علينا في المياه الآسنة لمرايا آمالنا .




4




خلاص الحجارة وتمائمها من الفناء ، خلاصنا نحن وخلاص العشبة المستجيبة
لنداءاتنا تحت القلاع الضخمة للخوف وأناشيده المحرمة . هل ينبغي لنا
أن نحضر التاريخ في الانفصالات التي نغريها بالقدوم لصعود الديمومة ،
من أجل أن لا تفلت منّا اللحظة الأخيرة المطبقة على الانسان الميت ؟ كيف يتسنى
لنا أن نتسلل بهدوء من الأفق المعتم للعالم ، صوب أفق آخر أكثر رحمة ورحابة ؟
حيوات تنفست هواء الأرض بالمليارات وغابت . خطّافات مصوّتات .
ديناصورات وحيوانات ثعبانية مالت فيها الرياح العظمى للفناء صوب الهاوية .
كل شيء ينتهي الى حجر وصاعقة . حيوات أخرى قادمة تنتظر عند الجدار
الصريح للصلب . هذه المنظومات التي يسير في فوضى شرائعها العالم . اهانة
لوجود الانسان . ينبغي أن نسقط رهاناتنا الصدئة في بئر النجمة الكبيرة ، ونحيا
في فراديس الأحلام والسطوعات الأثيرية للفكر .




5




ندفعُ في كل آنٍ مجاذيفنا صوب التدميرات التراجيدية للشيخوخة ، وتتحطم بين
رمال تنفساتنا قناديل الزمان . هل لنا أن نصالح ما بين موتنا وما بين الصخرة
التي تشعشع في مجدها وغبطتها السرمدية على الشواطىء المتكشفة للطبيعة ؟
طائر الطيطوى بشير الكارثة العظيمة وشاهد اللحظة المنحنية على الهاوية .
يصرخ تحت ثقل الرياح الثلجية اللاتطاق فوق رماد مصائرنا وينذرنا : { لا ثمرة
شهاب تباغت ليلنا في الماضي والحاضر والمستقبل ،
ولا ميراث عيد ينوّر شفاهنا المتورمة في انفتاح الرماد على الأغنية المختنقة ،
ولا صلاة تترك ملحها على الرغيف المتعفف لصيفنا قليل الحمولة ، ولا الأنهار
تصبّ في التسليات المتغضنة للحظتنا الراهنة } . علامة بلا شكل تتلمس بانتظام كل
ماهو حيّ في أصواتنا ، وتغرقنا في العتمة اللامتناهية للفناء .




6




يخاطبُ النفرّي ويتضرع في نار محبته المريضة ، الى فكرة اخترعتها الشعوب
السامية ، من أجل خلاصه المرتجى . هل نحتاج نحنُ الجراد المريض في السل
الى ايمانات وشعائر وأساطير ، أم نحتاج الى الاخوة والحب والجنس والطعام
والموسيقى والأحلام والمعرفة ؟
اخترعنا في حيرتنا وضعفنا ولعثمتنا الفادي ، واخترعنا الهادي .
لا الفادي نوّرت في ليل العالم أضاحيه ، ولا أينعت وردة الرجاء
ولا الهادي رست سفينة نجاته في مرافئنا التي زلزلتها الأعاصير .
حقيقة . حقيقة واحدة يجب أن نتقرب من مصاهرتنا ونتقبلها بمحبة عظيمة .
ما نحن إلاّ حشرات زاحفة تتماثل مع كل المخلوقات في الطبيعة ،
والأجمل والأكثر قداسة منّا ، هي الرخويات ، والطنّانات في خلاياها المستلقية
على العطر اللازوردي للنذور والأشجار الصاعقية للحياة .





7




أيها الموت يا خليلي
يا خليلي الذي يكّسر مصابيح وغُصينات حياتي
ويقرع للعدم ندى أجراسي
ويسهر بثقله الجبّار على الأريج الزعفراني لرغباتي وآمالي .
منكَ لا شفيت من ألمي العضال
ولا دوّيداتكَ الذئبية التي ستجيء
تحنوّ على فضة جثماني وخزامى أنفاسي .



#نصيف_الناصري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صلاتنا الى الرغبة
- الايماءة البطيئة لموتي
- 17 قصيدة
- الطاقة العظيمة للمادة
- مجموعة جديدة { في سطوع نذورنا تحت ضوء الأصداف }
- أبواب الزمن
- في خرائب الفايكينغ
- الأشجار الحامضة لصيف مخاوفنا الأمومي
- أشجار الدفن العالية
- حوار مع نصيف الناصري { وكالة كردستان للانباء( آكانيوز ) }
- تحطمات هائلة
- تعهدات ملزمة
- مخططات للحفاظ على القانون
- الحبّ . الزمن
- بلدي السويد
- ايمان الحيوانات
- الصيرورة المتعاقبة لمرايا التاريخ
- مقدمات في الكلام الجسماني عند أهل البصرة
- طقس ختان القنبلة النووية
- مدينة الفيل


المزيد.....




- البندقية وزفاف الملياردير: جيف بيزوس يتزوج لورين سانشيز في ح ...
- شاهد.. الفنانون الإيرانيون يعزفزن سمفونية النصر في ساحة الحر ...
- طلبة التوجيهي يؤدون امتحان -اللغة الإنجليزية-.. مروحة واسعة ...
- “برقم الجلوس والاسم فقط” Link الاستعلام عن نتيجة الدبلومات ا ...
- العراق يواجه خطر اندثار 500 لهجة محلية تعكس تنوعه الثقافي ال ...
- رحيل الفلسطيني محمد لافي.. غياب شاعر الرفض واكتمال -نقوش الو ...
- موعد نزال توبوريا ضد أوليفيرا في فنون القتال المختلطة -يو إف ...
- الليلة..الأدميرال شمخاني يكشف رواية جديدة عن ليلة العدوان ال ...
- أعظم فنان نفايات في العالم أعطى للقمامة قيمتها وحوّلها إلى م ...
- “أحداث مشوقة في انتظارك” موعد عرض المؤسس عثمان الحلقة 195 ال ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نصيف الناصري - العتمة . الفناء