|
دفاعاً عن ما يفنى في الطبيعة
نصيف الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 3791 - 2012 / 7 / 17 - 22:36
المحور:
الادب والفن
صيف يرّصعه النحول
أرص طوال الليل حجارة صوّان فوق قبري . وأترقب دفء نجمة ، يلقي بثقله على الارهاق المتعسّف للحاضر . في تلقيحي لشجرة حياتي المحطمة ، والتي تحاصرها الرهون ، تعصف بي دوّامات هائلة ، سمها لا يطاق . متحرّراً من أغلال الماضي وتشظياته المُنهكة ، أشدُّ على الساعات التي تنفصل عن نوم المرضى . لا بهاء في المراكب التي تمتلىء بها الشواطىء المسمّمة للحلم ، ولا أغنية تشملنا بضياء سهامها العاشقة . العظمة المتبقية للنقيض الذي نراوغ للافلات من لحظته القائظة ، هي أن نواصل السير تحت الازهارات الدائمة لثمار صيفنا الذي يرّصعه النحول ، ونرتقي السلم المائل للهاوية .
قبر ابيقور
نتحسّسُ تحت الندى المحيق بالنهار ، السقوف المطمئنة لقبور الشيوخ الذين ماتوا خريف العام الماضي . اصطفينا لابيقور أجمل مكان يزهر فيه الغيظ البشري . أرض ترهقها تفرعاتها في الرائحة الزكية للفردوس ، تهتز قناديلها المعرفية وتباعد بين الأمل والألم ، وفقيدنا العزيز يخبىء في فضاء مخاوفنا ، غيومه الصادحة على حقول يأسنا التي نتعثر بين أشواكها دائماً . كان يريد أن نتخلص من الجلادين ، وقال لنا ونحن نشيّعه الى الحديقة : { ينبغي أن تترجّلوا من موتكم ، لا يأتي الطوفان إلاّ حين تخربون أنتم المناجم الدافئة للحياة } ، لكن الهدف المشترك الذي سعينا الى الامساك بجوهره الحاني على لحظات الرغبة والسرور ، تدمّره سقطاتنا المترنّحة في البئر اللزج لفزعنا من الفناء . شعاع أخير يبزغ فوق الكرامة الانسانية ، يطوي الحشرة التي تسير بمحاذاة نومنا ، ويخلصنا من الضنك .
دفاعاً عن ما يفنى في الطبيعة
دفاعاً عن ما يفنى في الطبيعة ، أضاءوا شُعلاً كثيرة في الأبواب التي يهزّها الغيظ العطوف للزمن . تنقصف الكينونة فقاعة ، فقاعة ، وهم يتدّربون على على موتهم ، مخاطرين بالنحلة المرضوضة للموت . صلاتهم مع الوقاوق في نسيم الحديقة المنطفئة للنهار ، تهدمت من دون طاعة ، والالوهية القت برماح تسلطاتها المهزومة والمفلولة ، على الصدى المطقطق للروح العفيفة للانسان . في كلّ بوصلة ، تتلاشى فراشات السجن التي تخاط لها لهفتهم القصوى للانعتاق . يريدون في اتحادهم بالثابت والمتنقل ، وجوداً أكثر صفاء من المرايا المتفحصة لحجارة أمراضهم الصلدة . اشارات يسترجعون في وميضها ، البراثن المشغوفة بالدندنة مع جروحهم المتثائبة . هائمون في إذلالات دائمة ، يتعفّنون بين نفاية السنوات ، والساعة القنّاصة للبركان ، تدنو في كل حين من نومهم الكوني .
ما يتهدّدنا
تثب في نومنا إبر أيّام ، تلألأت في مرايا الماضي ، وخمدت تتلّمس اللحظة الثابتة . نفايات كثيرة تتحرّك صوب النرجس المحظور لحلمنا ، وتخيّم فوق تنفساتنا التي نتهشّم تحت نعومة شيخوختها . سهم الفضيلة مضاء بمحاذاة المراكب التي تنّقب عن سأم الغرقى . يتوّجب الآن أن نطرد الزمن المتلاف لرصائع الأثرياء المتوهجة في حظائر راهننا المغلق ، ونحنو على سخاء المعرفة . لكلّ ما يتهدّدنا ، حدبات يخفي فيها قبضته المضرّجة بنرجس حيواتنا . الطلقة المتحّفزة ، تتفاوت في خياراتها العاطفية ، نسلّم لها العلامة ، ونتمزّق بلا حماسة .
أعداء
يحيط بنا في اخلادنا الى الراحة تحت النسيم القاسي للحلم ، أعداء تؤازرهم قوانينهم المتنبهة الى عظمتهم . يطلقون صوبنا خيانتهم وأدناسهم ، فنتآلف معهم ومع خيولهم التي لها حوافر شبيهة بنوائبنا . أصوات ممزقة في التجربة المريعة ، كنايات ، نقارعها في حطام النذالات الحيوانية ، والأعداء يستلبون مِنّا حتى متاع الغرقى ، ولا تفّاحة هرمة تنجو من غضباتهم التي يرصدها حرّاس المدارس في البراكين . كواكب كثيرة صليّناها لهم من أجل أن تنهض ضمائرهم من نفاية اجرامها ، لكن خنوعنا لم يثري توحشاتهم إلاّ السخرية بجثثنا المتساوية في الوداعات .
17 / 7 / 2012
#نصيف_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
6 قصائد
-
اللحظة / الحركة
-
الهديل المرتعش لحمائمنا فوق الخرائب
-
الأضواء العطرية للحجارة الكريمة { 5 قصائد }
-
تقديم القرابين . 8 قصائد
-
ميراثنا المعشوق بين الدموع
-
المقدس والمدنس
-
القيثارات العتيقة لموتنا
-
بين الأشجار الضامرة للعزيز المتوفَّى
-
غبار عظيم في ثيابنا القربانية
-
كل نبع يوثقُ الغرقى الى ثقل سهاده
-
العتمة . الفناء
-
صلاتنا الى الرغبة
-
الايماءة البطيئة لموتي
-
17 قصيدة
-
الطاقة العظيمة للمادة
-
مجموعة جديدة { في سطوع نذورنا تحت ضوء الأصداف }
-
أبواب الزمن
-
في خرائب الفايكينغ
-
الأشجار الحامضة لصيف مخاوفنا الأمومي
المزيد.....
-
-بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام
...
-
تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي
...
-
-حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين
...
-
-خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
-
موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي
...
-
التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
-
1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا
...
-
ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024
...
-
-صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل
...
-
أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|