أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نصيف الناصري - الحجارة المتعزّية في الزمن














المزيد.....

الحجارة المتعزّية في الزمن


نصيف الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 3923 - 2012 / 11 / 26 - 20:59
المحور: الادب والفن
    


غدق طويل للفناء العجلان

الى صلاح فائق






يُكلّفنا بحثنا عن ما لهُ قيمة مترعة ، بين الأطلال الدافئة للصيف ،
الكثير من نزفنا للدموع التي ننذرها الى مّن فكّكنا معهم كلّ رباط .
تعرّجات مكوّمة في المجاهل التي نعبرها ، ولا إشارة فيها الى ما
يخفّف العبّ عن انحدارنا صوب الهاوية . حياتنا التي يُزهر فيها
الفقدان والتي نحياها بمرارات مؤبدة ، تدفع في وجوهنا الظلمة
المخضلّة للماضي ، وتبعدنا عن الاقحوان القريب من شواطىء
اللحظة . كلّ رأفة يُخلّفها الأريج الأليم لأغنية النوتيّ ، نضيّعها في
إنصاتنا الى العبور الحادّ للسهم الذي يجرح حلمنا . نواح في النهار
الموهن ، وفي الشجرة المريضة للسنة ، لا يضارعه أيّ صدى في
في آبارنا الضامرة . نعلّق تمائم محمّلة بدموعنا المصعوقة في ما
نُضحّي به ، ودمنا مبذور للفزع الذي لا يُبليه المرض النديم . قبورنا
المُتضرّمة والمفروشة بالحشمة الصامتة لمَن سبقونا ، تنمحقُ فيها كلّ
مصائرنا المُخزية التي يسخر منها اليعسوب في سقوطه بين الأشجار .
زغب شمس يتلّوى في الظلام ، ننبشه وننام فيه ، ذلك هو ما يتعيّن
علينا القيام به ، من أجل الفاعلية النضرة للهاثنا بين اليأس والتعاسة
المعمورة التي تُسيّجنا بالخرابات . ما نحفظه في الصبا ، يُنهكنا بفظاعة
ولا يمكننا اصلاحه في الصقيع المُفزع للشيخوخة . يُنعشنا الزمن في
لجّة اضطرابه ، ونغوص في غدق طويل للفناء العجلان .







حجارة العالم المتعزّية في الزمن






في تطوافنا بين الشواطىء التي تعرّي ضفائرها
لزفاف النجوم ، تحّمرّ القرابين الساهرة لآلهة
الشعوب القديمة ، وتنجدنا في تعرّضنا للأسر في القبور .
رياض تحوم فوق قناديلها العصافير ، غفونا
تحت أمطارها المنيرة بتماثل مع الآلىء
المضمونة للديمومة ، وآثامنا الهانئة في قيلولتها ،
نتفادى دائماً التصاعد معها في الظهيرة القائظة
للشيطان . فراشات زرق لها مرايا الزمن والانسان
تفتح المعابد المتأوّهة للحبّ ، وتنتشلنا من الغرق في
دخولنا الميزان النيزكي للتاريخ . لا نقدّم الذبائح
الى آلهتنا المضرّجة ، ونقدم لها شهد العسل . رطانة
متذمّرة ، نرتلها أمامها ، وتبارك تجارتنا ومواشينا
في حراستها للحمقى الذين يذبحون شعوبهم في آبار
البترول . طوفان طويل كنّا نجذّف فيه في رحلاتنا
صوب المسالك التي جدّدنا فيها صداقتنا للمنتحرين ،
تلألأت فوقه الضروع المتعافية للبهائم بأسى عظيم
للنوائب التي تُحطّم الكينونة . ننسى ما نَضيّعه على
مداخل اليوم ، ونفتح اللحظة المتقلّبة لربيع الأنهار الى
الخليقة كلّها في مديح يقارع النوم الكلّي لثمرة الكمثرى .
شعاع حجارة العالم المتعزّية في الزمن ، يتضامن مع
الانسان في غيابه الأبدي ، لكنّ ما هو غير لائق ، هو
انفضاحنا الجمعي ونحنُ نشارك الدود بطشه الوحشي بنا .






ما شرّعه الموتى





صنوف كثيرة من الوهن ، نكابدها في تذوّقنا لأسقامنا
المائعة في الهواء الذي يطوّقه السأم ، وما نطلبه من
الزمن ، ليس إلاّ ازاحته للحثالة المرتخية على النهار .
الموتى الذين دفنّاهم في أجمل أيّام السنة ، يفترون
علينا ، وينكرون انّنا أعرناهم فزعنا المبني بصلابة
شديدة . كلّ انعتاق من اللحظة المدفوعة الى هوّتها ،
يلزمنا أن نترقب الوميض فوق الأشجار التي تحرّرنا
من قنوطنا الذي يصعب الإفصاح عنه . النجوم
المرتاعة من توسلنا شفاعة أخيرة ، تسوّغ لنفسها
الأفعال المخزية ، ويعوزها التقويم الصحيح لما نقوم
به ونحنُ ننزع عن قرابيننا ، حليّها المتساوية في الغرق .
أشياء لا تُحتمل ، تستحوذ علينا في رضوخنا لها ،
فكرة تخلّ بالصلافة العتيقة والقانطة للانسان . في
الآبار التي أضعنا فيها ما شرّعه الموتى ، نفايات فظيعة
منزوعة الغيرة ، نتعذّب فيها طويلاً ونحنُ نجذّف في
تعفّن الرغبة .






النداوة الهائلة للديمومة






ننفصلُ في حلمنا الذي نخون به النيران المعصوبة للصيف ،
عن الغيم المفطوم لرأس النحلة . ثمار كثيرة شويناها في
الغروب ونحنُ نترّقب انفجار وعود معتلّة ، نحقّق فيها
تضحيتنا بما يعكرّ الصفو الأزرق للوجود . النيران العظيمة
التي أشعلناها في مديحنا الى من يُسلّونّنا في فقداننا من كانوا
مفخرة لنا ، أطفأناها بعوز شديد للطهر ، ونسينا أسماء من
غابوا في ماهو لا انساني . ندثر الورد في قبورهم بالنداوة
الهائلة للديمومة ، وننسى في فوضى تأخرنا في اللحاق بالثمرة
الوحيدة للبشارة ، الأنين السامي لأعزائنا الموتى بين الأنقاض .
ما يواسينا في تعثرنا بين الصفوف الرزينة للحجارة ، فاترٌ ولا
يمنح الأولوية لما نوّد التعرف اليه والذوبان فيه .







26 / 11 / 2012



#نصيف_الناصري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ندى ثقيل للتاريخ
- نوافذ السنة
- التوق الى الخلود
- الجحيم الذي نسمّيه الأمل
- أنسبُ مرض في الزمن
- اخوتنا الالزامية للوردة
- مجد المهجورين على الشواطىء المرتعدة
- الطرق الكاملة لحياتنا
- العوالم السفلى للوجود
- في تسلّقنا الغصن الأسود للصيف
- الحاضر في لهبه واشاراته
- الأوغاد الذين يشرّعون لنا القوانين
- حياتنا المريضة ، متكلَّفة بثقل صلصالها العتيق
- الأطلال الخادعة للماضي
- 5 قصائد
- العفن الجنائزي للماضي والحاضر
- ثقل الأضاحي
- مصائرنا المصفوعة بيأسها المريع
- ثلاث قصائد
- نصوص الحرب


المزيد.....




- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...
- طفل يُتلف لوحة فنية تُقدر قيمتها بخمسين مليون يورو في متحف ه ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نصيف الناصري - الحجارة المتعزّية في الزمن