أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلال سمير الصدّر - خزانة مليئة بالطلقات (ستانلي كوبريك 1987):خطاب صارم ضد الحرب في كليشيهات مكررة وافتعال















المزيد.....

خزانة مليئة بالطلقات (ستانلي كوبريك 1987):خطاب صارم ضد الحرب في كليشيهات مكررة وافتعال


بلال سمير الصدّر

الحوار المتمدن-العدد: 3996 - 2013 / 2 / 7 - 19:28
المحور: الادب والفن
    


خزانة مليئة بالطلقات (ستانلي كوبريك 1987):خطاب صارم ضد الحرب في كليشيهات مكررة وافتعال
عن الأخلاقيات ونظرة إلى حضارة أمريكية معاصرة
يعتبر هذا الفيلم الأضعف تماما في مسيرة ستانلي كوبريك وحتى هو أضعف من الفيلم الذي قبله (بريق 1980) كما إنه لا يذكر كثيرا في حيز النقد ولا يحتفى به عند ذكر كوبريك في أي محفل كان أو مهرجان والفيلم عبارة عن خطاب ضد الحرب وبالتحديد حرب فيتنام يستخدم فيه كوبريك أحيانا أسلوب الكوميديا السوداء وأحيانا أسلوب التهكم والسخرية،والفيلم بحد ذاته يبدو كمجموعة قصص قصيرة بعضها يعتبر تحف بينما البعض الآخر يختصره بكل سهولة الاختزال السردي له من دون أي صعوبة،وهو بأي حال من الأحوال يشكل رأيا خاصا مشتركا في نفس الوقت مع آراء مخرجين آخرين من مثل كابولا وأوليفر ستون في هذه الحرب ولعل أوليفر ستون هو أفضل من عالج هذا الموضوع ضمن رؤية تتسم باتهام الذات والتعرية من كل الحجج والاشكاليات الجدلية التي عملت على تبرير وتسويغ هذه الحرب سيئة السمعة في الولايات المتحدة الأمريكية.
يبدأ كوبريك فيلمه هذا من معسكر لتدريب الجنود الجدد،مع قسوة تهكمية كوميدية وعبارات من معلق على شاكلة(متظاهرين بالقوة ومجانين) وأحد الجنود يقول للمدرب(هارتمان) الذي برغم كل شيء يبدو عليه اصطناع القسوة والحمق:أنا قدمت لأقتل هنا يا سيدي..؟!
كما أن تلاوة المساء هي تلاوة في حب البندقية...
نلاحظ في هذه القصة الأولى (والتي تتكون هي نفسها من مجموعة قصص) تعتبر بشكل نسبي أفضل من المجموعة الثانية حيث أنها تكتسب قيمة ذاتية خاصة في مجتمع ستحوله حرب قادمة إلى آلة حرب من أكبر غاياتها القتل،فالمدرب هارتمان القاسي سيقسو على مجند ضخم وبدين وأبله في نفس الوقت لا يستطيع أن يحسن القيام بأي شيء،فهو يصفعه ويضعه في آخر الصف ويأمره بأن ينزل بنطاله ويضغ اصبعه في فمه كالأطفال إلى غير ذلك من صنوف العقاب القاسية التي ستحول هذا الجندي البريء إلى مريض نفسيا.
نلاحظ أن بايل تحول إلى معتوه ولكن على يد من..؟ على يد الجندية الأمريكية نفسها والرؤية واضحة ووضوحها إلى هذه الدرجة جعلنا نستغرب لأنها قادمة من مخرج صاحب كنايات من الصعب سبر غورها من دون تفكير مطول.
وعلى الرغم من وضوح الثيمة في أفلام كوبريك المشابهة لهذا الموضوع والهدف على شاكلة (سبل المجد 1957) و(الدكتور سترنجلاف 1964) إلا أن هذه الأفلام جاءت أفضل من هذا الفيلم الذي يعتبر بشكل عام عبارة عن كليشيه مكرر.
ستتطور الأمور إلى أن يعاقب هارتمان الوحدة بكاملها على أخطاء بايل الذي بدوره لن ينال أي عقاب بعد الآن على أي خطأ يقوم به وبذلك سيتعمق عنصر الاغتراب لتصبح كل أفراد الفصيلة تكرهه حين يتعمد أفراد الفصيلة جلده بمناشف ملفوفة بأشياء ثقيلة عندها ستتحول الغرائز عند بايل من غرائز طيبة إلى غرائز متوحشة بل وتتغير كل أفكاره لتنقلب على نظراته التي باتت عميقة متوحشة،وهذا إن لم يكن غريبا لفرد يعمل في فصيلة تنشد في كل يوم أن مهمتها في الحياة هي القتل...القتل.
بايل عبارة عن نموذج بشري متعمد وضعه كوبريك ككناية عن المجتمع الذي يستطيع أن يغير الفرد بتطرف...ولكن الغرائز عند بايل قادت إلى أن يتصرف بشكل لا يمكن التنبؤ به ومن الممكن أيضا عدم السيطرة عليه.
هذه الغرائز كانت قد غذتها اساليب مبتكرة للقتل،بدأت بأسلوب الحياة،ومن ثم تربية هدف لا أخلاقي ووصلت حتى إلى المعتقدات الدينية...حين يقول هارتمان:
ليبارك الله جنود البحرية لأننا نقتل كل ما نراه أمامنا،عندها فليس من الغريب أن يبدأ الانهيار النفسي لبايل ويبدأ بالحديث مع البندقية...بايل شخصية هشة لم تستطع أن تتوام مع كل هذه التغيرات على الأقل دفعة واحدة.
المغزي الحقيقي لهذه القصة برمتها هي الاخلاقيات والحالة النفسية هي واضحة أساسا،وهي فعليا ليست موضوع الفيلم،لأن فيلم كوبريك حتى الآن هو عن أخلاقيات مكتسبة لتخدم هدفا لا يمكن التعامل معه سوى بعدوانية كبيرة،والحالة النفسية لبايل ليست موضوع الفيلم بالمرة...موضوع الفيلم هو أن سلاح البحرية كما يقول الراوي لا يريد تخريج رجال آليين ولكنه يريد تخريج قتلة....في آخر ليلة على الجزيرة يقتل بايل نفسه بعد أن يقتل المدرب هارتمان،فالمغزى كما نرى يتعلق بالأخلاقيات ويتعلق بالجندي بايل...نلاحظ بأن كوبريك يعمل على اسقاط وجهات نظره بشكل متعمد قصدي من خلال قصة لا تخلوا أبدا من عنصر الافتعال..
هنا علينا أن لا نحكم أبدا على وجهات نظر كوبريك،لأن وجهة النظر تستطيع أن توصلها ومن خلال أكثر من طريقة ولكننا نحكم على هذه الطريقة التي أوصل بها كوبريك وجهات نظره.
القصة الثانية تدور أحداثها الآن في فيتنام نفسها،وهنا التبريرات تبدو موضوعية أكثر للوصول إلى حالة نقد لموضوع فيتنام أكثر من القصة الأولى على من أن القصة الأولى إذا نظرنا إليها من زاوية سينمائية خالصة تبدو أفضل من هذه القصة.
العاهرات تبدو رخيصة جدا في فيتنام وهي منتشرة بكثرة،فالجنود الأمريكان يتفاصلون مع عاهرة فيتنامية تفعل أي شيء وكل شيء من أجل خمسة عشر دولارا ليصبح المبلغ عشرة دولارات،وفي لقطة أخرى في نهاية الفيلم سيتكرر المشهد نفسه ولكن الجنود سيستطيعون الحصول عليها مقابل خمسة دولارات فقط...يقول أحد جنود البحرية:نصف العاهرات متطوعات بالجيش الفيتنامي والنصف الآخر مصاب بالسل.
إذا القصة هي من قلب فيتنام الآن ونتابع الجوكر(الجندي الذي كلف بتدريب بايل في القصة الأولى تدريبا إضافيا) وهو في التغطية الصحفية الحربية الآن وفي نفس الوقتالجوكر يضع على رأسه قبعة حربية مكتوب عليها (Born To Kill).... ..
يضع رمزا للسلام على صدره وفي قرارة نفسه لا يعرف معنى هذه الازدواجية الفكرية ويعتبرها نوعا من نظريات كارل يونج حول ازدواج الشخصية...المغزى قد يبدو واضحا فالجوكر يحمل في داخله قلبا طيبا والأهم من ذلك-كما تشير كل المعطيات- أن هناك منظومة عسكرية كانت السبب في قلب الموازين بالنسبة إليه والتحول إلى شخص متردد بين هذا وذاك...
التسويغ...فمن المعتقدات إلى التصرفات حين نتعرف على جندي أمريكي مغرم بقتل كل ما هو فيتنامي حتى النساء والأطفال.
هذا المشهد مكرر,شاهدناه قبل ذلك في أفلام أوليفر ستون بعفوية وهنا نشاهده من خلف مقصد ألا وهو اسقاط وجهات النظر،فإذا وعلى الفور سيقع هذا المشهد في فخ الافتعال.
هنا الموضوع يدفعنا إلى المقاربة والمقارنة،فهناك اختلاف في قامة كوبريك بين المخرجين الأمريكيين ولكني أضع كوبريك من خلف مارتن سكورسويزي وكوبولا،وبعد ذلك علينا أن نختلف في قامة هذا المخرج سواء كان ثالثا أم رابعا طبعا استثناء العظيم (إيليا كازان مع أورسون ويلز واضح في هذه المقاربة والمقارنة وانما جعلناها مقارنة معاصرة نوعا ما).
وعند الحديث عن المسوغات،حين يقول أحد الجنود هل تعتقد بأننا هنا من أجل قضية..؟!إنها مذبحة
والجنود الأمريكيون يتحدثون عن التضحية بحرياتهم الشخصية مقابل اعطاءها للفيتناميين،ولكن هؤلاء-أي الفيتناميين-يرفضونها ويرفضون وجودهم أصلا.
كان على كوبريك أن يتيح للمشاهد أن يتوصل تلقائيا إلى هذه الخيارات وليس العكس.
الشعارات التي يضعها الجنود الأمريكيون على قبعاتهم من مثل(ولد ليقتل) تشكل بحد ذاتها ثقافة ومن الممكن أنة تعتبر كمقدمات لفهم حضارة بكاملها،يخطئها كوبريك برمتها لأنها تنازلت عن عنصر مهم ألا وهو الأخلاقيات،ولكننا ومن ناحية سينمائية ننتظر من كوبريك أن يقوم بالمفاجأة ولكنه لا يقوم بذلك أبدا.



#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الختم السابع أنغمار بيرغمان:عن الفارس الذي لعب الشطرنح مع مل ...
- احدهم يحلق بعيدا عن عش الوقواق1975 ميلوش فورمان:قصة فرد يحلق ...
- Firman Ball1967(ميلوش فورمان):كناية سياسية ساخرة عن أوضاع تش ...
- حب الشقراء 1965(ميلوش فورمان):مراجع فكرية كبيرة من دون رؤية ...
- التوت البري(انغمار بيرغمان)1957:البساطة عندما تصنع فيلما خال ...
- مانهاتن 1979(وودي الن): سيرة ذاتية مختصرة عن شخص مشوش ومضطرب ...
- Annie Hall 1977وودي الن): رومانسية عصبية عن شخص لا يقبل الان ...
- ابتسامة ليلة صيف 1955(انغمار بيرغمان):بحث في علاقات متشابكة ...
- آلام المسيح(ميل جيبسون)2004: تأمل لسلوك بشري يبدو معتما وغير ...
- Dream 1955(حلم) لانغمار بيرغمان:متاهة خلقها بيرغمان ولم يعرف ...
- ضد المسيح-المسيح الدجال 2009(لارسون فون تراير): رؤية ذاتية ل ...
- لوليتا (ستانلي كوبريك)1962:قصة سينمائية تغازل في مضمونها روا ...
- أفول المهرج 1953(أنغمار بيرغمان): رؤيا شاملة لعناصر سيقولها ...
- الإمبراطور الأخير 1988:برناردو برتولوتشي:رواية للتاريخ من خل ...
- صيف مع مونيكا 1953(أنغمار بيرغمان):ميلودراما تذكر بالبدايات ...
- عن ستانلي كوبريك وسبل المجد1957:
- حدث ذات مرة في الغرب 1969:سيرجيو ليوني:عن رباعية السباغيتي و ...
- كازانوفا فليني 1976:سقوط فليني في رؤية خاصة أبعدت الشخصية عن ...
- ساراباند 2004: دراما معقدة لعلاقة ناقصة
- مشاهد من الحياة الزوجية 1974 لانغمار بيرغمان: قصة انتهاء زوا ...


المزيد.....




- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلال سمير الصدّر - خزانة مليئة بالطلقات (ستانلي كوبريك 1987):خطاب صارم ضد الحرب في كليشيهات مكررة وافتعال